لطالما تساءل الكثيرون عن سبب اختلاف موعد الاحتفال بعيد الميلاد المجيد بين الكنائس المسيحية، خاصة بين الكنيسة الأرثوذكسية التي تحتفل به في 7 يناير والكنيسة الكاثوليكية التي تحتفل به في 25 ديسمبر. هذا الاختلاف ليس وليد الصدفة، بل يعود إلى أسباب تاريخية وطقسية عميقة. في هذا المقال، سنقوم برحلة عبر الزمن لنفهم أسباب هذا الاختلاف وكيف تطورت الاحتفالات بعيد الميلاد في كلا الطائفتين.
أسباب الاختلاف:
* التقويم:
* التقويم اليولياني: في العصور الأولى للمسيحية، اعتمدت الكنائس على التقويم اليولياني الذي كان يستخدم في الإمبراطورية الرومانية. ومع مرور الوقت، تبين أن هذا التقويم غير دقيق مما أدى إلى اختلاف في حساب طول السنة.
* التقويم الغريغوري: في القرن السادس عشر، قام البابا غريغوري الثالث عشر بإصلاح التقويم اليولياني ووضع التقويم الغريغوري الذي هو التقويم المستخدم حاليًا في معظم دول العالم.
* التقويم القبطي: استمرت الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في استخدام التقويم اليولياني، مما أدى إلى اختلاف في حساب التواريخ مقارنة بالتقويم الغريغوري الذي اعتمدته الكنيسة الكاثوليكية.
* مجلس نيقية:
* في القرن الرابع الميلادي، عقد مجمع نيقية الذي حدد العقائد المسيحية الأساسية. وعلى الرغم من أن هذا المجمع لم يحدد تاريخًا محددًا للاحتفال بعيد الميلاد، إلا أنه اتفق على أن المسيح ولد في 25 ديسمبر.
* التقويم القبطي: في التقويم القبطي، يوافق 25 ديسمبر على التقويم اليولياني يوم 7 يناير في التقويم الغريغوري.
* الأسباب الرمزية:
* الانقلاب الشتوي: ارتبط تاريخ 25 ديسمبر بالانقلاب الشتوي، حيث كان يعتبر يوم ميلاد الشمس عند الرومان. وربط المسيحيون الأوائل ميلاد المسيح، نور العالم، بهذا اليوم رمزًا لانتصار النور على الظلام.
كيف تطورت الاحتفالات؟
* الكنيسة الكاثوليكية: اعتمدت الكنيسة الكاثوليكية على التقويم الغريغوري، وبالتالي احتفلت بعيد الميلاد في 25 ديسمبر.
* الكنيسة الأرثوذكسية: استمرت الكنيسة الأرثوذكسية في استخدام التقويم اليولياني، وبالتالي احتفلت بعيد الميلاد في 7 يناير.
لماذا لا تتفق الكنائس على موعد واحد؟
* الحفاظ على التقاليد: ترى الكنيسة الأرثوذكسية أن الحفاظ على التقويم اليولياني جزء من تراثها وتاريخها، وأن تغيير هذا التقويم يعني التخلي عن جزء من هويتها.
* الرمزية الروحية: يرتبط تاريخ 7 يناير بمعاني روحية عميقة بالنسبة للأرثوذكس، ولا يرغبون في التخلي عن هذه الرمزية.
خاتمة:
على الرغم من اختلاف موعد الاحتفال بعيد الميلاد، إلا أن جميع المسيحيين يحتفلون بنفس الحدث العظيم، وهو ميلاد السيد المسيح. هذا الاختلاف في التواريخ لا يمثل اختلافًا في العقيدة، بل هو نتيجة لاختلافات تاريخية وطقسية. الأهم من ذلك هو أن نركز على معنى عيد الميلاد الحقيقي، وهو الاحتفال بميلاد المخلص وإعلان المحبة والسلام للبشرية جمعاء