بقلم / نبيل بطرس
عزيزى القارىء .. أعلم أنه أول ما سيدور بذهنك حينما قرأت عنوان المقال بأن الموضوع حتماً وأنه مرتبط بدراسة علمية عن الطاقة والكهرباء .. لكن الحقيقة أن الأمر متعلق بالعلاقات الإنسانية .. وحينما نتحدث عن مقاييس علمية علي أساسها نقيًم بها أي شيء فصارت أشياء لا علاقات ولكي لا أطيل عليك دعني أفسر لك ماهو الفولت وماهي التيرا .. الفولت أقصد به هنا قوة الإحتمال أما التيرا فهي أقصى معدلات الفولت .. وهنا دعني أسرد لك أولي معدلات الفولت وهو الزيرو فولت في العلاقات وهي العلاقات العادية التي نتعامل معها بشكل بسيط وبلا أي اهتمام بالغ فهي علاقات سطحية مهمشة وعلي الرغم من أنها علاقات ليست عميقة ولكنها أكثرهم استمرارية إذ أنه هناك حدود لكل طرف فلا يتعداه .. تلك الحدود التى إذا ذابت تعدت الخصوصية واحتمالية الخسارة كبيرة .. وكلما اتسعت الحدود زادت قوة الفولت .. ولعلك تسأل ما الذي اقصده تحديداً بالفولت ؟؟؟ .. الفولت هي شدة الاحتمال في العلاقة .. طالما قبلت أن تكون في علاقة مع أحد .. أي علاقة سواء ارتباط أو صداقة أو حتي علاقة عمل فهناك شروط لكل علاقة ولكن للأسف هذه الشروط بيتم تفسيرها بشكل خاطىء .. مثال ما يحدث أيضاً في سوق العمل تحت مسمي .. يعمل تحت ضغط .. وهي تعني ضغط الشغل نفسه وليس العمل في جو يسوده التحزب أو الضغط علي شخص دون أخر في العمل ولكن بات المدراء يستغلون هذا المصطلح أسوأ مايكون كرخصة لهم لإرهاق مرؤوسيهم لعقدة نقص عندهم حتي يشعرون فقط بالسلطة !!!!! .. وتكون الأزمة في قمة ذروتها أو أن الفولت في أقصى درجة حين يُكافىء المقصر ويُهمل المجتهد !!
كذلك أيضاً في الصداقات خاصة في البدايات إذا أخطأ أحدهم فأنه يسرع في الإعتذار ومع استمرار قبول طرف هذا الإعتذار يحدث أن يتمادي الطرف الآخر في أن يخطىء ( يزيد من الفولت ) ويصبح لا يقدم أي اعتذار بل مبررات لأخطائه !!! .. ولأن الطرف الآخر يتغاضى حفاظاً منه علي هذه العلاقة فعليه أن يحتمل حتي يصل الأمر لقوة لأقصي قوة وهي التيرا الفولت وهو أن يعتاد الشخص أن يخطىء دون اعتذار وعندما يفكر الشخص في مواجهة الشخص المخطىء للفت نظره يناله وابل من الهجوم والنقد ولوم لا مبرر له حتي يصبح الأمر مشروطاً أن تقبل بكل تلك الأغلاط والأخطاء علي علتها أو أن ترفضها جملةً !!! .. بات مفهوم الصداقة أو الإرتباط أن تحتمل ليس فقط العيوب ولكن تحتمل الأخطاء في كل وقت ومهما حدث وكأنك إنسان يتحتم عليك أن تحتمل دون أن يكون لك الحق أن تعترض !!! … ثم يحدث أن يجد الشخص نفسه أنه في مثل هذه العلاقات لا يوجد شيء منها سوي أن يكون موجود في حياة الشخص الآخر فقط ودون أى دور !! .. تصور أن تكون في علاقة مع أحد وهو يقلل من شأنك ومن آرائك ولا يثق في قدراتك أن تقدم النصيحة .. إذاً ما فائدة لهذه العلاقة .. أنت فقط تقوم بدور المستمع فقط ليس لك الحق أن تبدى أي رأى أو نصيحة .. ولست أعلم لماذا حينما نحتمل شخصاً ما بسبب ظروف يمر بها أن تكون قاعدة ثابتة في كل المواقف حتي بعد أن يتخطي تلك الأزمة أو الموقف الذي مر به !!! .. الأعجب من كل هذا حينما تدير الدفة وتتعامل بمعاملته تجده ينفر منك ولا يحتملك بل ويرفضك كليةً .. ويحدث أنك تكتشف نفسك بعد هذا الكم من الاحتمال إلا أنك لن يحتملك أحداَ من أولئك الذى سامحت وتغاطيت عن أخطائهم في حقك .. تجد نفسك أنك رفضت تحذير المحيطين بك وتجاهلت نصيحتهم .. رفضت أن تصدق أمر واقع ظناَ منك أنك لن تخسره حتي تكتشف أنه لم يكن معك بل كنت أنت المنفذ الوحيد له في كل مواقفه .. هو يري ذلك وعلي يقين بذلك ولكنه أيضاً أنك لطالما احتملت فستظل تحتمل .. هذا دورك .. بل من العجيب أنه يعتبر نفسه أنه متواضع بأنه أعطي لك المساحة أن تكون موجوداً في حياته !!! .. هنا تقف كل الكلمات فعلا عاجزة عن وصف ذلك المشهد الهزلي لنفوس باتت مريضة ,اصبحت مغرورة لحد أنها تصمم علي الاستمرار في هذا الدور .. باتت أثمن مقولة ( عامل الناس كما تحب أن يعاملوك ) مندثرة .. وأصبحت ( عامل الناس كما يحبوا أن تعاملهم ) .. تحبهم وتحتملهم وتفني نفسك لأجلهم وبالمقابل لا تقدير ولا اعتذار عن أخطائهم بل يجلدونك إذا فكرت في أن تلفت نظرهم لسوء تصرفاتهم !!! .. لذلك كلما اتسعت الحدود كلما زاد معدل الفولت .. لذلك إذا كنت تقع تحت مثل تلك الضغوط والعلاقات المرهقة أن تضع الحدود وتعيد تقييمك حتي وأن صرت لمعدل الزيرو فولت الذي تكلمنا عنها .