بقلم : مينا شاكر
يلحُّ الكثير من الناس على الأعزب لكي يتزوج، وكثيرون يلومون الأعزب الذى ينوى الزواج ويدفعونه للنفور من هذه الفكرة الفاشلة فى رأيهم مع أنهم هم انفسهم كانوا يرغبون فى الزواج قبل أن يتزوجوا وتزوجوا بالفعل ولكن لأنهم فشلوا ، عمموا فكرة أن الزواج نفسه فكرة فاشلة وهناك رأي آخر ينصح بالتخلي عن الزواج هرباً من المسؤوليات والإلتزامات وكبت الحريات ورأي آخر يمتنع حتى يظل دائماً لعوباً فهو لا يحتمل فكرة أن يظل مخلصاً لفتاة واحدة فقط طوال الوقت وهناك رأي يقول سَأُكوِّن نفسي أولاً وأضخم إمكانياتي المادية وأحقق ذاتي أولا ثم افكر بالإرتباط وآخر يقول لا داعىي للزواج ويكفى ارتباطا عاطفياً مِن حين لآخر دون الإلتزام بشكل رسمي فهذا أسهل والعديد من الآراء الأخرى ولكنني أريد أن أقول بعد أن جربت الحالتين العزوبة والزواج وأقول ليس الزواج بهذا الجحيم الذى يصفه بعض المتزوجون وليس بالجنة التي يظنها بعض العُزاب أيضاً وسأتطرق فى الحديث أولاً عن هؤلاء الذين يتحدثون وكأن الزواج كان المقبرة التى ألقوا بأنفسهم فيها وأنا لا ألومهم لأنه ربما بعضهم كان اختياره خاطئ ومنهم ربما تعرض للخيانة ومنهم من ضغطته الظروف المعيشية بما لا يطيق أو ما يفوق قدرته أو دخله المادى وأعباء الحياه أحنت ظهره ومنهم من خذله شريكه بإهماله ولا مبالاته أو قله تقديره و إحساسه أو أنانيته أو منهم من أدرك أنه لا يتوافق مع شريكه ولا شك أن الجميع يطاله ولو واحدة من هذه الحالات التى ذكرتها فما تعلمناه فى سنوات عمرنا القليلة او الكثيرة أنه لا يوجد شيئ كامل مطلقا وأن لكل شيئ حلاوته ومرارته ومعظم الاشياء الجيدة لها ضريبة يجب أن ندفعها بالمقابل وبعض الأشياء السيئة لها تعويض أيضا إذا لم تكن أنت المتسبب فيها ولكنى دائما لا أنسى أن أقول أن لكل قاعدة شواذ ولكنى أسرد ما يفرضه المنطق والواقع أو بمعنى أوضح أقول ما ينبغى أن يحدث ولكن دعونا ننظر إلى النقاط الإيجابية للزواج وللعزوبية فلكل منهم سلبيات وإيجابيات فالنبدأ بالزواج فأول ما يميز الزواج هو الشعور بالاستقرار ففترة الخطوبة تكون مليئة بالتجهيزات وأعباء تجهيز هذا المنزل اللذى ينبغى ان يعيش به الزوجان بكل محتوياته بالاضافة إلى تكوين العلاقة ومحاولة فهم كل منهما الآخر والجدل حول الإختلافات الفردية بينهما مما يُنشيئ مجالاً للحيرة دائما وصراعاً فكرياً وأحيانا شعورا بالخطر متكرر وهذا غالبا ينتج عند اتخاذك قرار بالأستمرار فى العلاقة أو رغبتك فى الإنفصال ففى الحالتين تكون تحت ضغط نفسى وفى الحالتين تشعر بالخوف فالإرتباط لا يخلو من الحيرة أو الخوف حتى فى أفضل الحالات فالحياه لا تظل وردية دائما فأذا استمرت العلاقة اثناء الخطوبة فستكون تحت ضغط الإلتزام بميعاد محدد لإنهاء كل ما يلزم للزواج وهذا معناه كومة من آلاف وآلاف وآلاف الجنيهات حتى تنهى هذا الوابل من التردد وإذا فكرت فى الإنفصال فهذا ليس بالسهل أن تحب شخص وتدمنه ثم فجأة يكون عليك إنهاء علاقتك به وخاصة فى الإرتباطات الناشئة عن حب هل فهمتم قصدى كل هذا يجعل فترة الخطوبة فترة مُرهقة جدا على عكس ما يشاع عنها أنها أجمل فترات الحياه فأنا أقول ليس فى كل الحالات تكون فترة الخطوبة أجمل الفترات انها فترة مليئة بالإضطرابات ولكن ما يميزها هو الإشتياق فنحن بطبعنا نحب الأشياء التى لا نراها كثيراً حتى إننا دائما نعزز الأشياء النادرة والبعيدة فالعلاقة فى اطار الخطوبة لا يرون بعضهم طول الوقت وهذا اجمل شيئ لأنه يجعلهم فى حالة إشتياق دائما وانا أقول ليس من الصحى أن يرى المخطوبين بعضهم كل يوم فنحن البشر نفقد قيمة الأشياء المتاحة دائما وفى أى وقت نريدها وهذا ما يجعل الزواج بعد فترة معينة يتحول إلى الضجر إنه الملل ففى الخطوبة كنا نحارب لأجل هدف ما وهو أن نفوز بهذا الشريك ونضمن وجوده لأننا نشتاق لما لا نملكه وحين نملكه نهمله لأننا نتوهم بضمان بقاؤه ولكن هذا لا يمنع أن الاستقرار النفسى شعوراً مريحاً وأنه لا مزيد من الحيرة على الأقل بخصوص هذه العلاقة.
ثانيا الإستقلال فأهم وأجمل ما يميز الزواج هو الإستقلال ففى فترة الخطوبة يكون كلا الطرفين مقيد بأهله وياللجحيم إذا كان العائلتين لا تتفقا غالباً وما ينتج عنه من ضغط إضافى رهيب فوق كاهل الخطيبين واللذى غالبا ينتهى بالإنفصال إلا فى حالات قليلة بسبب ما تفرضه تقاليدنا الشرقية والعربية العقيمة فعلى سبيل المثال لا الحصر أن كل عائلة تظن أن من حقها الإختيار فما ينبغى أن يختاره الشريكين فقط يتدخل فيه الكبير والصغير غير مراعين امكانيات الشاب فوالد البنت يطلب متطلبات من الشاب وكأن إبنته هى الناجية الوحيدة من الطوفان وفلك نوح فنراه يطلب ما يعجز الشاب عن تحقيقه وربما يعجز هو شخصيا عن تحقيقه فى بعض الأحيان ولكنه يحلم ويعتقد أن هذا الشاب هو المارد اللذى جاء ليحقق أحلامه وعندما يعترض الشاب تقال هذه الجملة التى لا أجد لها منطق وهو أنه يريد أن يطمئن على إبنته وهل المنزل الواسع متعدد الحجرات هى ما ستجعلك مطمئناً؟! هل الشبكة الكبيرة ما ستجعلك مطمئناً؟! لماذا نقرن الاطمئنان بالماديات ألا يمكن أن يتحول القصر سجناً ؟! ألا يمكن أن يباع الذهب كله فى يوما واحداً ؟! من أين تأتون بهذه الضمانات الغبية وأيضا من جانب عائلة الشاب أحيانا يشعرون أنهم فى ثفقة من يشترى أكثر من من أنا أشفق علي بعض العائلات من الجهل ما أريد أن أقوله إن الإستقلال من أجمل ما يميز الزواج وأيضا جانب آخر وهو جانب المشاركة فمن الممتع أن تجد من يشاركك ظروفك دائما ومعين تشكى له تعبك واحتياجك دون حرج أو تكلفة وأنت أيضا تستمتع بمشاركته وتستمتع بمسؤليتك تجاهه فنحن نشعر بالقيمة عندما نعطى أكثر من عندما نأخذ فنحن نرضى عن أنفسنا أكثر ونحن نعطى وربما سنشعر أن وجودك فى الحياه أصبح له معنى آخر وأصبح له معنى أكثر ففكر معى فى مدى أهميتك وأنت مسؤل فقط عن نفسك أم وأنت مسؤل عن نفسك وشخص آخر أيهما أكثر قيمة ونضج ولا أنكر أن الأمر أصعب بكثير فالمسؤلية ليست دائما سهلة ولكنها ذو قيمة الجميع يشتكون من الزواج وأنا أعذرهم ولكن هل عندما أنجبتم أولادكم كرهتوهم ؟! ألم يقول معظم الأباء أن أجمل ما فى الزواج الخلفة ؟! لقد سمعتها كثيرين جدا رغم أن الخلفة فى هذه الأيام مكلفة جداا ولكن متى انجبتم تحبون أولادكم وتحبون أن تحيوون لآجلهم ألم يأتى هذا الشعور بسبب الزواج ؟! لماذا تسبون الزواج الآن هل يوجد شيئاً دون ضريبة فى هذه الدنيا إنها سنة الحياه إنها المتعة الممزوجة بالألم أريد أن أقول لكم صدقونى الأعزب يريد الزواج والمتزوج يتمنى العزوبية مجددا لأن كل منهم ينظر إلى الجانب السلبى فقط من حالته دون النظر للنصف الممتليئ فالجميع يريدون التغيير معتقدين ان هذا سيزيل المشكلة ولكن الحل اللذى سيحل لك مشكلة معينة قد يَخلِق لك مشكلة أخرى فى نفس الوقت ولكن من جانب آخر أو من جهة أخرى فتظل المشاكل باقية ولكنها تحورت لشكل جديد ولكل حالة نقراتها الإيجابية والسلبية فلو سألنى أحد أيهما أفضل الزواج أم العزوبية سأقول أن العزوبية جعلتنى أشعر بقيمة الزواج وزوجتى والزواج جعلنى أشعر بقيمة نفسى والعزوبية والزواج كلاهما لهما عيوب وكلاهما لهما مميزات وفى الحالتين كنت مُتضجرا ومُتذمرا وبائساً وفى الحالتين كنت مُتنعماً ومبتهجاً فى ظروف أخرى فالظروف هى الفيصل وليس الزواج وصحيح أن الزواج أكثر صعوبة من العزوبية ولكن نحن نكبر وننضج أيضا فيصبح الحمل متكافئاً وعادلاً طالما فى الوقت المُناسب اللذى رأى الله أننا مستعدون فيه ورتب لنا أموره رغم كل الصعوبات والتحديات وقلة الإمكانيات وأخر ما سأقوله فى مقالتى اليوم هو أن الزواج جميل إذا قَدَّرت نقاطه الجوهرية وقبلت عيوبه والعزوبية رائعة طالما لم يحين الوقت المناسب للزواج