بقلم / روماني منير

بإمكان التأمل إزالة الضغط النفسي الذي تعاني منه طوال اليوم، وجلب السلام الداخلي. تعرف على كيفية ممارسة التأمل بسهولة عندما تكون في أشد الحاجة إليها.
إذا كان الضغط يشعرك بالتوتر والاضطراب والقلق، فكر في تجربة التأمل. فقضاء حتى لو دقائق قليلة في التأمل يمكن أن يساعدك على استعادة الهدوء والسلام الداخلي.
يمكن لأي فرد ممارسة التأمل، حيث أنه بسيط وغير مكلف ولا يتطلب الحصول على أي معدات خاصة.
وتستطيع ممارسة التأمل في أي مكان تكون فيه — سواء كنت تتجول خارجًا أو كنت تركب الحافلة أو تنتظر في عيادة الطبيب أو حتى ولو كنت في منتصف اجتماع عمل صعب.
فهم التأمل
كانت تتم ممارسة التأمل منذ آلاف السنين. كان الهدف من التأمل في الأصل هو المساعدة في تعميق فهم قوى الحياة المقدسة والصوفية. في هذه الأيام، يستخدم التأمل عادةً للاسترخاء وتقليل الضغط العصبي.
يعتبر التأمل نوعًا من الطب التكميلي للعقل والجسم. ويمكن للتأمل خلق حالة عميقة من الاسترخاء والشعور بالطمأنينة.
في أثناء التأمل، تقوم بتركيز انتباهك، وإبعاد سلسلة الأفكار المشوشة التي قد تجعل عقلك مزدحمًا وتسبب له الضغط العصبي. وقد تؤدي هذه العملية إلى تحسين الصحة الجسدية والعاطفية.
فوائد التأمل
يمكن للتأمل أن يوفر لك الشعور بالهدوء والسلام والتوازن الذي يمكن أن يفيد كلاً من صحتك النفسية وصحتك العامة.
وهذه الفوائد لا تنتهي بانتهاء جلسات التأمل. فالتأمل يمكن أن يساعدك على التحلي بمزيد من الهدوء طوال اليوم وفي السيطرة على أعراض حالات طبية معينة.
التأمل والصحة النفسية
عند ممارسة التأمل، فأنت تمسح المعلومات الزائدة التي تتراكم كل يوم مسببة لك الضغط النفسي.
وتتضمن الفوائد النفسية للتأمل ما يلي:
اكتساب منظور جديد للمواقف العصيبة
بناء مهارات التعامل مع الضغوط
زيادة الوعي الذاتي
التركيز على الحاضر
تقليل المشاعر السلبية
زيادة التخيل والإبداع
زيادة الصبر والتسامح
التأمل والمرض
التأمل قد يكون مفيدًا في حالة إصابتك بحالة صحية، وخصوصًا الحالة التي يمكن أن تتفاقم من الضغط النفسي.

في حين أن مجموعة متزايدة من البحوث العلمية تدعم الفوائد الصحية للتأمل، ألا إن بعض الباحثين يعتقدون بأنه من غير الممكن التوصل إلى استنتاجات حول الفوائد المحتملة من التأمل.
وبمراعاة ذلك، تشير بعض الأبحاث أن التأمل قد يساعد الناس على إدارة أعراض الحالات المرضية مثل:
القلق
الربو
السرطان
الألم المزمن
الاكتئاب
أمراض القلب
ارتفاع ضغط الدم
متلازمة الأمعاء المتهيجة
مشكلات النوم
صداع التوتر
تأكد من استشارة مقدم الرعاية الصحية حول ميزات وعيوب استخدام التأمل إذا كان لديك أي حالة من هذه الحالات أو غيرها من المشكلات الصحية. ففي بعض الحالات، يمكن أن يؤدي التأمل إلى تفاقم الأعراض المرتبطة ببعض الحالات العقلية والبدنية.
التأمل ليس بديلاً عن طرق العلاج الطبي التقليدية، لكنه قد يكون مفيدًا كوسيلة إضافية لطرق علاجك الأخرى.
أنواع التأمل
التأمل هو مصطلح شامل للعديد من الطرق المتبعة للوصول إلى حالة من الاسترخاء. توجد أنواع عديدة من أساليب التأمل والاسترخاء التي تنطوي على مكونات التأمل. وتتشارك جميعها في الهدف ذاته المتمثل في تحقيق السلام الداخلي.
تتضمن أساليب التأمل ما يلي:
التأمل الموجَّه. يطلق عليه بعض الأحيان التخيل أو التصور الموجَّه، وتساعدك طريقة التأمل هذه على تشكيل صور ذهنية لأماكن أو مواقف تشعر فيها بالاسترخاء.
حيث تحاول استخدام أكبر قدر ممكن من الحواس، مثل الشم والإبصار والسمع واللمس. قد يتم توجيهك خلال هذه العملية بواسطة مُوجه أو مُعلم.
تأمل مانترا. في هذا النوع من التأمل، تقوم بتكرار كلمة أو فكرة أو عبارة مريحة بصمت لمنع تشتت الأفكار.
تأمل الحكمة. هذا النوع من أنواع التأمل يقوم على حضور الذهن أو التمتع بالمزيد من الوعي وقبول العيش في اللحظة الحاضرة.
في تأمل الحكمة، يتم توسيع مقدار الوعي الإدراكي. وفيه تركز على ما تشعر به أثناء ممارسة التأمل مثل تدفق أنفاسك. ويمكنك ملاحظة أفكارك ومشاعرك، لكن دعها تمر دون حكم على أي منها.
نظام تشي كونغ. هذه الممارسة تجمع عمومًا بين تمارين التأمل والاسترخاء والحركة البدنية والتنفس لاستعادة التوازن والحفاظ عليه. نظام تشي كونغ هو جزء من العلاج الصيني التقليدي.
تاي تشي. هو أحد أشكال الفنون القتالية الصينية الخفيفة. في التاي التشي، تقوم بتنفيذ سلسلة حركات ذاتية لأوضاع أو تحركات بطريقة بطيئة ورشيقة أثناء التنفس العميق.
التأمل التجاوزي. التأمل التجاوزي هو أسلوب بسيط وطبيعي. وفيه يتم تكرار شعار محدد شخصيًا بشكل صامت، مثل كلمة أو صوت أو عبارة بطريقة خاصة.
قد يسمح هذا النوع من التأمل للجسد بالاستقرار في حالة من الراحة العميقة والاسترخاء وبأن ينعم العقل بحالة من السلام الداخلي، دون الحاجة إلى استخدام التركيز أو الجهد.
اليوجا. أثناء ممارسة اليوجا، يتم أداء مجموعة من الأوضاع وتمارين التحكم في التنفس من أجل الوصول إلى المزيد من المرونة الجسدية والسلام النفسي. وبما أنك تتحرك من خلال وقفات تتطلب التوازن والتركيز، فإنه يتم تشجيعك على التركيز بدرجة أقل على أشغالك اليومية وزيادة التركيز على اللحظة.
عناصر التأمل
قد تتضمن أنواع التأمل المختلفة ميزات متباينة لمساعدتك على التأمل. وهذه الميزات قد تتنوع بناءً على التوجيه الذي تتبعه أو المعلم يعلمك. تشمل بعض الميزات الأكثر شيوعًا للتأمل ما يلي:
الانتباه المُركز.تركيز الانتباه هو غالبًا أحد أكثر عناصر التأمل أهمية.
فتركيز انتباهك هو ما يساعدك على تحرير العقل من المشتتات العديدة التي تسبب الضغط النفسي والقلق. يمكنك تركيز انتباهك على أمور مثل، عنصر أو صورة أو شعار محدد أو حتى على تنفسك.
التنفس باسترخاء. هذا الأسلوب يتضمن التنفس بعمق وبطء أيضًا باستخدام عضلة الحجاب الحاجز لتوسعة الرئتين.الغرض من هذا الأسلوب هو إبطاء التنفس واستنشاق المزيد من الأكسجين وتقليل استخدام عضلات الكتفين والرقبة والجزء العلوي من الصدر أثناء التنفس، وبذلك تتنفس بكفاءة أفضل.
الجلوس في مكان هادئ.إذا كنت مبتدئًا، فإن ممارسة التأمل قد تكون أسهل إذا كنت في بقعة هادئة بعيدًا عن العناصر المشتتة مثل أجهزة التلفزيون أو الراديو أو الهواتف المحمولة.
وكلما زادت مهارات التأمل لديك، كنت قادرًا على القيام بذلك في أي مكان، حيث يمكنك الاستفادة من التأمل إلى أقصى درجة وخاصة في المواقف التي تزيد من الضغط النفسي، مثل ازدحام المرور أو اجتماع عمل مرهق أو طابور طويل في محل بقالة.
وضعية مريحة. يمكنك ممارسة التأمل سواء كنت جالسًا أو مستلقيًا أو ماشيًا، أو في غيرها من الأوضاع أو الأنشطة. فقط حاول أن تكون مرتاحًا وبالتالي يمكنك تحقيق الاستفادة القصوى من التأمل.استهدف وضعية جسم جيدة في أثناء التأمل.
اتجاه المصارحة.دع الأفكار تمر خلال عقلك دونما إصدار أي حكم عليها.
الطرق اليومية لممارسة التأمل
لا تدع الفكر والتأمل في طريقة «صحيحة» عبئًا إضافيًا عليك. إذا اخترت التأمل بطريقة صحيحة، فيمكنك الالتحاق بمراكز خاصة بالتأمل أو مجموعة فصول بقيادة مُعلمين مُدَربين. ولكن يمكنك أيضًا ممارسة التأمل بسهولة بطريقتك الخاصة.
ويمكنك ممارسة التأمل بصورة تقليدية أو غير تقليدية كما تريد، وبالصورة التي تناسب نمط حياتك ووضعك. يمثل التأمل جزءًا من الحياة اليومية لبعض الأشخاص. فعلى سبيل المثال، قد يمارسون التأمل لمدة ساعة في بداية اليوم أو في نهايته. لكن ما تحتاجه حقًا هو دقائق قليلة من الهدوء للتأمل.
وفيما يلي بعض طرق لممارسة التأمل بنفسك، متى أردت:
التنفس بعمق. هذا الأسلوب جيد للمبتدئين، لأن التنفس هو وظيفة طبيعية.
ركز انتباهك بالكامل على التنفس. ركّز على الشعور بالاستنشاق والزفير عن طريق الأنف والاستماع إليهما. ثم تنفس بعمق وبطء. وعندما يتحول انتباهك، فأعد توجيه انتباهك برفق على تنفسك.
تفحص جسدك. عند استخدام هذا الأسلوب، ركّز الانتباه على أجزاء مختلفة من الجسم. كن واعيًا بمختلف أحاسيس الجسم، سواء كان ألمًا أو توترًا أو دفئًا أو استرخاءً.
الجمع بين تفحص الجسم وتمارين التنفس وتخيل حرارة التنفس أو الاسترخاء داخل مناطق مختلفة من الجسم وخارجه.
تكرار شعار. يمكنك ابتكار شعارك سواء كان دينيًا أم دنيويًا. تتضمن أمثلة الشعارات الدينية صلاة يسوع في التقاليد المسيحية أو اسم الله المقدس في اليهودية
التمشية والتأمل. الجمع بين المشي مع التأمل هو وسيلة فعالة وصحية للاسترخاء. يمكنك استخدام هذه الطريقة في أي مكان تمشي فيه، مثل المشي في غابة هادئة أو على رصيف المدينة أو في مجمع للتسوق.
عند استخدام هذا الأسلوب، قم بإبطاء وتيرة المشي لتتمكن من التركيز على كل حركة من حركات الساقين أو القدمين. لا تركز على جهة معينة. ركّز على الساقين والقدمين، مع تكرار كلمات تدل على الحركة في عقلك مثل «الرفع» و»التحرك» و»الوضع» عند كل رفعة قدم؛ انقل ساقك إلى الأمام، وضع قدمك على الأرض.
الانخراط في الدعاء. الدعاء هو أفضل مثال معروف من التأمل وأكثره ممارسة. الدعاء المنطوق والمكتوب موجود في معظم التقاليد الدينية.
يمكنك الدعاء مستعينًا بكلماتك الخاصة أو بقراءة دعوات كتبها آخرون. تحقق من قسم المساعدة الذاتية لدى متجر الكتب المحلي للعثور على أمثلة. تحدث مع رجال الدين للاستفسار عن الموارد الممكنة.
القراءة والتدبر. كثير من الناس يقولون بأنهم يستفيدون من قراءة القصائد أو النصوص المقدسة، واستغراق بضع لحظات لتدبر معناها.
يمكنك أيضًا الاستماع إلى الأناشيد المقدسة أو الأدعية المنطوقة أو الأناشيد الدينية التي تجدها هادئة أو ملهمة. قد ترغب في إرسال أفكارك إلى مجلة أو مناقشتها مع صديق أو قائد ملهم.
تركيز مشاعر الحب والامتنان. في هذا النوع من التأمل، تركز انتباهك على صورة أو شيء مقدس مع نسج مشاعر الحب والتعاطف والامتنان داخل أفكارك. يمكنك أيضًا إغلاق عينيك واستخدام خيالك أو التحديق في شكل الصورة.
بناء مهارات التأمل
لا تقنع نفسك بأن تفتقر للقدرة على التأمل بمهارة، لأن ذلك قد يؤدي إلى زيادة التوتر. يحتاج التأمل إلى الممارسة.
ضع في الاعتبار، على سبيل المثال، أن شرود الذهن أثناء التأمل أمر شائع، بصرف النظر طول خبرتك في ممارسة التأمل. إذا كنت تتأمل بهدف تهدئة الذهن ولكن كان انتباهك مشتتًا، فأعد توجيه انتباهك ببطء نحو الأمر الذي كنت تركز عليه أصلًا، سواء كان شيئًا ماديًا حولك أو إحساسًا أو حركةً ما.
يمكنك التجريب، ويحتمل أن تكتشف أنواع التأمل الأكثر فائدة وإمتاعًا بالنسبة لك. عدّل أسلوب التأمل بما يتوافق مع احتياجاتك الحالية. تذكر بأنه لا توجد طرق صحيحة وأخرى خاطئة للتأمل. فالمهم أن يساعدك التأمل على الشعور بالتحسن العام والتخلص من التوتر.

Loading

اترك تعليقاً

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com