رئيس مجلس إدارة شركة ABH Training & Supply
تعدّ الديناصورات كمجموعة، إحدى أضخم الكائنات الحية التي سارت على سطح الأرض قديمًا وحديثًا، وقد بلغت بعض الفصائل والأنواع أحجامًا ضخمة جدًا، ومن أبرز الأمثلة على ذلك: طويلات العنق أو الصوروبودات. كان أصغر طويلات العنق حجمًا لا يزال يفوق جميع الأنواع الأخرى التي شاطرته موطنه معظم عهد الديناصورات، أما أكبرها قدًا فكان يفوق جميع الكائنات الحية التي عاشت على الأرض سواءً في الدهور القديمة أو خلال الدهر الحالي، حيث لم تستطع أي دابّة أخرى أن تتفوق عليها في الحجم حتى أثناء العصر الذهبي للثدييات، عندما بلغت الأخيرة أحجامًا ضخمة، فالباراسيراثيريم أو شبه الأقرن، وهو أضخم الثدييات البريّة البائدة، لا يقترب حتى من مقارعة أكبر طويلات العنق، وكذلك الحال بالنسبة للماموث الكولومبي، أحد أضخم أنواع الفيلة المنقرضة. وحدها بعض الثدييات البحرية المعاصرة تقارب في حجمها حجم طويلات العنق العملاقة أو تتفق عليها، ومنها الحوت الأزرق الذي يصل وزنه إلى 173000 كيلوغرام (381000 رطل) ويزيد طوله عن 30 مترًا (100 قدم).
يقترح العلماء عددًا من الإيجابيات كان الحجم الضخم يحققها لطويلات العنق ومنها: الحماية من الضوراي، الاقتصاد في استهلاك الطاقة اللازمة للبقاء، وإطالة أمد الحياة، لكن يظهر أن أهم تلك الحسنات كانت المتعلقة بالغذاء، فالجهاز الهضمي عند الحيوانات الكبيرة أكثر كفاءةً في هضم الطعام من ذاك الخاص بالحيوانات الصغيرة، بما أن الطعام يمضي فترة أطول داخله، وهذا بدوره يجعل من تلك الحيوانات قادرة على الاقتيات على أنواع من الطعام أقل غذاءً لا تستطيع الحيوانات الصغيرة البقاء بمجرد الاقتيات عليها. عُثر على أحافير طويلات العنق، وما زال يُعثر عليها، في طبقات من الصخور ترجع لفترات يُحتمل أن تكون جافة أو موسميّة الجفاف، لذا فإن هذا يدعم ما قال به العلماء من أنها قادرة على الاقتيات على نباتات قليلة الغذاء بفضل حجمها الضخم، لا سيما وأن هذا سيساعدها على البقاء في هكذا بيئة غير ثابتة المناخ.
كانت معظم الديناصورات أصغر حجمًا بأشواط من طويلات العنق، وتشير الأدلّة الحالية أن حجم الديناصورات اختلف من العصر الثلاثي حتى أوائل الجوراسي وأواخره، ثم خلال الطباشيري.
يتبيّن عند تصنيف اللواحم الثيروبوديّة إلى فئات وفق قيمة أسيّة، أن معظمها يحتل مركزًا ضمن القائمة التي تحوي نظيرتها التي يتراوح وزنها بين 100 و 1000 كيلوغرام (بين 220 و 2200 رطل)، وبالمقابل ظهر أن اللواحم المعاصرة تقبع بأغلبها ضمن الفئة التي يتراوح وزنها بين 10 و 100 كيلوغرامات (بين 22 و 220 رطلاً). تراوح منوال كتلة جسد الديناصورات بين طن متري واحد وعشرة أطنان متريّة، وهذا يتباين بشكل كبير مع ذاك الخاص بثدييات الدهر الحديث، الذي يترواح بين 2 إلى 5 كيلوغرامات (بين 5 و 10 أرطال) وفق إحصائيات الخبراء في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي في مدينة واشنطن بالولايات المتحدة.
> الأكبر والأصغر قداً:
خلافًا لما يعتقده البعض من غير المختصين، فإن نسبة ضئيلة فقط من الحيوانات تتحجر هياكلها العظمية وتتحول لمستحاثات مدفونة في باطن الأرض، لذا فإن العثور على أي أحفور أو مستحاثة لأي كائن بائد يُمثل تحديًا لعلماء الآثار. لا يستخرج العلماء هياكلاً عظمية كاملة إلا فيما ندر، ومعظم الأحيان لا يمكن العثور إلا على بضعة عظام متفرقة أو أجزاء من الهيكل العظمي، كذلك فإن طبعات الجلد أو الأنسجة الحيوية المحفوظة أشد ندرة من العظام. يلجأ العلماء إلى مقارنة حجم العظام المعثور عليها حديثًا بالإضافة إلى شكلها بعظام تماثلها في الشكل والحجم حتى يتمكنوا من رسم هيئة الكائن أثناء حياته، إلا أن هذه العملية غير دقيقة على الإطلاق، وهي تبقى مجرّد تخمينات أناس خبراء، ولهذا فإنه من المحتمل ألا يتأكد العلماء على الإطلاق أي الديناصورات كان الأضخم وأيها كان الأصغر.
إن أضخم وأثقل الديناصورات المعروفة ذات الهياكل العظمية الأكثر حفظًا هو الديناصور الزرافي العملاق جيرافاتايتن. اكتُشفت بقايا هذه الديناصورات في تنزانيا خلال الفترة الممتدة بين عاميّ 1907 و1912، وقد جُمعت عظام عدّة أفراد صغيرة الحجم منها في هيكل عظمي واحد يُعرض الآن في متحف همبولت في برلين بألمانيا؛ ويصل ارتفاع هذا الهيكل إلى 12 مترًا (39 قدمًا)، ويبلغ طوله 22.5 أمتار (74 قدمًا)، ويُقدّر وزنه لو أضيفت إليه جميع الأعضاء الداخلية والأنسجة الحيوية بما بين 30000 و 60000 كيلوغرام (بين 70000 و 130000 رطلاً). أما أطول الديناصورات فهو الديناصور الطويل ديبلودوكس الذي اكتشفت بقاياه في ولاية وايومينغ بالولايات المتحدة، وجُمع وعُرض في متحف كارنجي للتاريخ الطبيعي في مدينة بيتسبرغ سنة 1907.
كان هناك بعض الديناصورات الأضخم حجمًا من النوعين سالفا الذكر، إلا أن ما يُعرف بشأنها مُشتق من دراسة بعض العظام المتحجرة فقط. اكتشفت معظم العواشب العملاقة خلال عقد السبيعينيات من القرن العشرين أو ما تلاه من عقود، وهذه الديناصورات تشمل: ديناصور الأرجنتين الأرجنتينوصور الذي يُعتقد أن وزنه تراوح بين 80000 و 100000 كيلوغرام، والديناصور الخارق سوبرصور الذي يُقدر طوله بحوالي 33 مترًا (110 أقدام)، وديناصور إله الزلازل صوروبوسيدون الذي يظهر بأنه كان أطول الديناصورات قامةً، حيث وصل طوله إلى 18 مترًا (59 قدمًا)، أما أطول الديناصورات بلا منازع فيبدو أنه الديناصور ثنائي التقعّر أمفيكولياس، الذي يُعرف عن طريق قوس فقريّة واحدة فقط وُصفت عام 1878 وهي الآن مفقودة. يُحتمل أن هذا الديناصور وصل طوله إلى 58 مترًا (190 قدمًا) وفاق وزنه 120000 كيلوغرام (260000 رطل).
كان الديناصور الفقري سبينوصور أكبر اللواحم بلا منازع حيث تراوح طوله بين 16 و 18 مترًا (بين 50 و 60 قدمًا)، ووصل وزنه إلى 8150 كيلوغرام (18000 رطل). ومن اللواحم الضخمة الأخرى: ديناصور الريح الجنوبية العملاق جيجانوتوصور، الديناصور حاد الأسنان كاركارادونتوصور، وملك الزواحف الطاغية تيرانوصور.
كانت أصغر الديناصورات، باستثناء الطيور المعاصرة، تصل إلى حجم الحمام المستأنس.
ومن الديناصورات الصغيرة المميزة: الديناصور شبه الطائر أنتشيورنيس والديناصور المتباهي إيبيدكسيبتركس، الذان لا يفوق طول هيكلهما العظمي 35 سنتيمترًا (1.1 قدم).يُعتبر الأنتشيورنيس أصغر الديناصورات حجمًا حاليًا بعد أن وُصفت عينة تعود لفرد بالغ قُدّر وزنه بحوالي 110 غرامات.تشمل قائمة أصغر الديناصورات العاشبة: الديناصور صغير القرون ميكروسيراتوس، وديناصور ونان ونّانوصور، حيث يصل طول كل منهما إلى حوالي 60 سنتيمترًا (قدمين) فقط.
> السلوك
تُبنى تخمينات سلوك الديناصورات ونمط حياتها عادة على أحافير وموائل ومحاكات حاسوب ميكانيكيتها الحيوية، ثم بمقارنة نتائج هذا مع سلوك الحيوانات الحديثة التي تعيش اليوم أنماطاً حياتية مُشابهة للديناصورات. وبهذا فالفهم الحالي لسلوك الديناصورات يَعتمد إلى حد كبير على التخمين، ولذا فمن المُتوقع أن يَظل موضوعاً مُثيراً للجدل خلال المستقبل القريب. لكن بالرغم من ذلك، فيُوجد اتفاق عام في المُتجمع العلميّ على أن بعض أنواع السلوك الشائعة اليوم بين الطيور والتماسيح – أقارب الديناصورات الحديثة – كانت شائعة أيضاً بين الديناصورات.
اكتشف أول دليل مُحتمل على عيش الديناصورات في قطعان عام 1878، عندما عُثرَ على 31 إغوانودون اعتقد لاحقاً أنهم هلكوا معاً بيرنيسارت – بلجيكا بعد أن سقطوا في شق أرضي عميق ومغمور بالماء.
وفي الفترة التي تبعت ذلك اكتشفت عدة مقابر جماعية أخرى لديناصورات. وتشير هذه المَواقع إلى أن الحياة القطيعية كانت شائعة عند العديد من أنواع الديناصورات. وتشير أيضاً مئات أو حتى آلاف آثار أقدام بعض أنواع هذه الزواحف التي عُثرَ عليها حول العالم إلى أن بطيات المنقار (الهادروصورات) ربما تحركت في قطعان عَظيمة معاً، مثلها في ذلك مثل البيسون الأمريكي والظبي القفّاز. تدل آثار بعض الصوربودات على أن هذه الديناصورات كانت تهاجر معاً ضمن مَجموعات تتألف من عدة أنواع مُختلفة، وقد كانت تحدث هذه الهجرات في مَكان واحد على الأقل هو أوكسفوردشاير – إنكلترا، وذلك مع أنه لا يُوجد دليل على وُجود جماعات الديناصورات معاً بحد ذاته.
ربما احتشدت الديناصورات في قطعان كبيرة في بعض الأحيان لعدة أغراض بما في ذلك الحصول على الحماية لنفسها ولأطفالها أو للهجرة. وقد عثر على دلائل تشير إلى أن العديد من أنواع الديناصورات – بما في ذلك العديد من الثيرابودات والصوربودات والأنكيلوصورات وذوات القرون والأورنيثوبودات – اجتمعت في بعض الأحيان في مَجموعات تتألف بالكامل من الديناصورات غير البالغة. ومن أمثلة المواقع التي اكتشفت فيها بقايا هذه المَجموعات منغوليا الداخلية التي عُثرَ فيها على أكثر من 20 ديناصور ساينورنيثوميمس، جميعهم تتراوح أعمارهم من سنة إلى 7 سنوات. وقد خمن العلماء أن هذه المجموعة كانت قطيعاً من الديناصورات التي غرقت في الوحل.
ذهب تخمين قطعانية الديناصورات هذا إلى أبعد من ذلك أيضاً فوصل إلى اللواحم، فقد ظهرت توقعات بأن بعض أنواع الثيرابودات كانت تعمل معاً في جماعات لصيد الفرائس الكبيرة. لكن بالرغم من ذلك، فنمط الحياة هذا ليس مَوجوداً عند أقارب الديناصورات الحديثة (وهي بشكل رئيسي التمساحيات والزواحف الأخرى بالإضافة إلى الطيور) مع أنه توجد بعض الاستثناءات القليلة، وأيضاً يُمكن تفسير الدلائل التحجرية التي تشير إلى أن بعض الثيرابودات كانت تصطاد بشكل جماعي مثل الداينونيكس والألوصور على أنها مُجرد نتيجة للنزاعات الدامية بين الحيوانات على الفريسة، وهو أمر يُرى عند العديد من ضواري ثنائيات الثقوب الحديثة.
برهن اكتشاف الإحاثي جون ر. هورنر عام 1978 لعش ماياصورا في مونتانا على أن الاعتناء الأبوي ظل مَوجوداً لفترة طويلة بين الديناصورات بعد أن ظهر في البداية بين الأورنيثوبودات.
عثرَ أيضاً على دلائل تشير إلى أن بعض الديناصورات الطباشيرية الأخرى كانت تعشش معاً في جماعات كبيرة، مثل الصوربودات التايتانوصورية الباتاغونية التي اكتشف عام 1997.
اكتشف الأوفيرابتور المنغولي سيتيباتي عام 1993 في موضع تفقيس شبيه بمواضع تفقيس الدجاج، مما يَعني أنه كان مُغطى بطبقة عازلة من الريش كانت تحافظ على حرارة البيض.[88] ولم يَكن هذا الاكتشاف الوَحيد الذي عزز أدلة وُجود الاعتناء الأبوي عند الديناصورات، فمثلاً عُثرَ على بقايا لمجموعة من السيتاكوصورات تتألف من فرد بالغ و34 يَافع عام 2004، وربما يَعود سبب كثرة الحيوانات اليَافعة في هذه الحالة هو كون ذلك المَوقع مكان تعشيش مُشترك للسيتاكوصورات.
وبالإضافة إلى ذلك، فقد عُثرَ على جنين ديناصور ماسوسبونديلوس بدون أسنان عام 2005، مما يُشير إلى أن الاعتناء الأبوي كان ضرورياً أحياناً لتغذية الديناصورات اليافعة.
تدل أيضاً بعض آثار الأقدام المُكتشفة في جزيرة سكاي شمال غرب اسكتلندا على السلوك الأبوي اتجاه الأطفال عند الأورنيثوبودات.
وفضلاً عن كل هذا فقد اكتشفت عموماً بقايا أعشاش وبيوض لمُعظم مَجموعات الديناصورات الكبيرة، ويَبدو أنه من المُرجح أن الديناصورات كانت تتواصل بشكل أو بآخر مع أطفالها بطريقة مُشابهة لطريقة الطيور والتماسيح الحديثة.
ربما كانت أعراف وأهداب بعض الديناصورات – مثل الثيروبودات والهادروصوريات – هشة جداً لكي تستخدم كوسائل دفاع أساسية، ولذا فمن المُرجح أكثر أنها كانت تُستخدم للاستعراض أثناء التزاوج لجذب الإناث أو أثناء المَعارك لإخافة المُهاجمين، ومع ذلك فلا يَعرف العلماء سوى القليل عن التزاوج وتحديد المناطق عند الديناصورات. لكن تشير بعض جراح الرأس التي خلفتها عضات على جماجم ديناصورات إلى أن الثيروبودات – على الأقل – كانت تدخل في معارك ونزاعات عنيفة بين بعضها البعض.
اكتشفت عام 1971 في صحراء غوبي بقايا تعد واحدة من أكثر أحافير الديناصورات نُفساً لدراسة سلوك هذه الحيوانات. فتتضمن هذه البقايا أحافير لفيلوسيرابتورٍ يُهاجم بروتوسيرابتوساً، مما يُعطي للإحاثيين دليلاً على أن الديناصورات كانت بالفعل تهاجم بعضها البعض.
ومن الدلائل المُكتشفة الأخرى على مُهاجمة الديناصورات لفرائس حية ذيل إدمونتوصور (وهو ديناصور هادروصوري) معافى جزئياً بعد تأذيه من شيء ما، والطريقة التي تأذى بها الذيل تظهر أن تيرانوصورا عضه لكن الحيوان استطاع النجاة بالرغم من ذلك.
أثبت العلماء أيضاً باكتشاف آثار أسنان عُثر عليها في مدغشقر عام 2003 وُجود وحشية (التهام حيوان ما لآخر من نفس نوعه) عند بعض أنواع الديناصورات مثل ثيروبود مادجونغاصور.
بناءً على دلائل الأحافير الحالية من ديناصورات مثل الأوريكتودروميوس، يَبدو أن بعض الأنواع العاشبة من هذه الحيوانات عاشت حياتها جزئياً في جحور تحت الأرض، بينما من المُتحمل أن بعض الأنواع الأخرى الشبيهة بالطيور ربما كانت شجرية (تتسلق الأشجار) خصوصاً الدرومايوصوريات البدائية مثل الميكرورابتور.
لكن بالرغم من ذلك، فيَبدو أن مُعظم الديناصورات كانت تعتمد على التحرك فوق الأرض بشكل أساسي. ولذا فإن الفهم الجيد لكيفية تحرك هذه الحيوانات على الأرض هو المفتاح للحصول على نماذج حول سلوكها ونمط حياتها، وبشكل خاص يُعطي علم الميكانيكا الحيوية معلومات بهذا الخصوص. فمثلاً، دراسة القوة التي كانت تبذلها عضلات الديناصورات لتحريك أطرافها وتأثير الجاذبية على بنية هياكلها العظمية يُمكنها أن تعطي فكرة حول السرعة التي استطاعت هذه الزواحف الجري بها، وإذا ما كانت تستطيع الديبلودوكسيات إصدار صوت موجة صدمة بتحريكها لذيلها كمروحة، وإذا ما كانت الصوربودات تستطيع العوم على الماء أم لا.