مالي بين أزمتين.. هل يضرب الانقلاب جهود مكافحة الإرهاب؟

بينما يتجه الوضع السياسي في مالي نحو الغموض بعد يومين من الانقلاب العسكري الذي أطاح الرئيس إبراهيم أبوبكر كيتا، استبعد باحثون سياسيون وأمنيون أن يؤثر ذلك على الحرب التي تدور في شمال البلاد ضد تنظيمات متطرفة.

واحتجز عسكريون متمردون كيتا، الثلاثاء، بعد أن حاصروا المقر الخاص للرئيس في باماكو، وأطلقوا أعيرة نارية في الهواء، وتحت الإكراه أعلن كيتا في وقت لاحق استقالته عبر التلفزيون الحكومي، قائلا إنه لا يريد إراقة أي دماء مقابل بقائه في السلطة.

ويخشى مراقبون أن تسمح الاضطرابات السياسية للمتطرفين في الشمال بتوسيع نفوذهم مثلما حدث عام 2012، حيث أدى فراغ في السلطة بعد حدوث انقلاب عسكري إلى سيطرة مسلحين مرتبطين بتنظيم القاعدة على مدن رئيسية.

وقادت فرنسا، التي تحتفظ بعلاقات اقتصادية وسياسية قوية مع مالي، تدخلا عسكريا في وقت لاحق لإطاحتهم عام 2013.

لكن هؤلاء المتشددين أعادوا تجميع صفوفهم وشنوا هجمات قوية على الجيش، وكذلك قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والقوات الإقليمية التي تحاول تحقيق الاستقرار في البلد المضطرب، وتحركوا جنوبا، مما أثار التوترات بين الجماعات العرقية في وسط مالي.

إلا أن تكرار هذا السيناريو بدا مستبعدا، من وجهة نظر الباحث الفرنسي في الشؤون الأمنية والإستراتيجية دومينيك ترانكون، الذي تحدث  قائلا إن العمليات العسكرية شمالي مالي والحياة السياسية في باماكو “أمران منفصلان”.

وأضاف ترانكون: “السياسة الداخلية في مالي لا تخص فرنسا. فرنسا تريد حكومة مستقرة، لكن ليس لها أي يد في السياسة والانتخابات داخل مالي. هذا يخص الشعب المالي”.

والخميس، ذكرت وزيرة الدفاع الفرنسية فلورنس بارلي أن بلادها ستواصل عملياتها العسكرية في مالي في مواجهة المتطرفين، رغم إطاحة الرئيس.

وقالت بارلي على “تويتر”: “العملية برخان التي طلبها سكان مالي وأذن بها مجلس الأمن الدولي ستستمر”.

واستطرد ترانكون قائلا: “كانت هناك أزمة سياسية منذ أشهر، والرئيس كيتا خسر ثقة جزء من شعبه. العسكريون أخذوا الأمر بأيديهم، ومن الصعب معرفة ما سيحدث”.

وتابع: “لا يمكن أن تقبل فرنسا بانقلاب وبإسقاط رئيس منتخب”، إلا أن “هناك عمليات فرنسية ضد المتشددين في شمال مالي. المعارك مستمرة والعلاقات مع الجيش لا تزال مستمرة” رغم ما حدث.

ويتفق مع ترانكون الباحث السياسي الموريتاني الشيخ ولد محمد حرمة، الذي تحدث أيضا إلى ، معتبرا أن الجيش المالي كان شريكا مهما للفرنسيين في حربهم ضد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل الإفريقي.

وأضاف ولد محمد حرمة: “هذه العلاقة لن تتأثر كثيرا بما حدث في باماكو، لأن القادة الذين يقودون الحرب (في الشمال) هم قادة ميدانيون”، في إشارة إلى أنه لا علاقة لهم بالسياسة.

وتابع: “سيناريو 2012 (عندما استغل المتشددون الانقلاب وسيطروا على مساحات واسعة شمالي البلاد) لن يتكرر، لأن وقتها الجيش كان وحيدا، أما الآن هناك قوة دولية تقودها فرنسا وقوات حفظ سلام ومجموعة عسكرية مشتركة لدول الساحل”.

واعتبر الباحث أن “هذه القوى لن تقبل أن يؤثر الوضع المضطرب في باماكو وانشغال بعض القادة بالشأن السياسي، على الحرب على الإرهاب في المثلث الحدودي بين مالي وبوركينا فاسو والنيجر”.

Loading

اترك تعليقاً

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com