شكّل البرلمان الجزائري بغرفتيه (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) فريق عمل لدرس مشروع قانون الأحزاب السياسية الجديد.
القانون الذي ما فتئت الطبقة السياسية في الجزائر تطالب بضرورة تعديله متحجّجةً بعدم مواءمته الظرف السياسي الراهن، جاء بموادّ تُخرج الأحزاب من نمطية العمل السياسي نحو فاعلية ميدانية وتنظيمية وإدارية محكمة، بحسب متابعين.
وكان محللون قد دقوا ناقوس الخطر المحدق بالعمل السياسي ومستقبله في البلاد، وخاصة مع تشكل خريطة سياسية جديدة وظهور تكتلات حزبية وجيل جديد من السياسيين بحاجة إلى تنظيم وتأطير أكبر.
وبحسب ما ورد في بعض مواد مشروع القانون الجديد، فإن الأحزاب السياسية التي هي في وضعية تنظيمية غير مطابقة للقانون الجديد معرّضة للحلّ قضائياً إن لم تقم بتسوية وضعيتها في مهلة 6 أشهر ابتداءً من دخول القانون الجديد حيّز التنفيذ.
كذلك فإن التشكيلات السياسية المعتمدة مطالبة بتكييف أنظمتها لتتطابق مع القانون الجديد بعد المصادقة عليه، وقبل البدء بتنفيذه ميدانياً، وهو ما جاءت به المادة 95 من القانون بصيغة صريحة.
عضو حزب “الجبهة الشعبية الجزائرية” محمد لوناس قال لـ”النهار”، إن مشروع القانون الجديد، وإن تأخر طرحه بعض الشيء، يصبّ في مصلحة الطبقة السياسية باختلاف توجهاتها، لافتاً إلى أن أهم نقطة جاء بها المشروع هي تلك المتعلقة بالقاسم المشترك بين الحزب والسلطة وكل أطياف المجتمع، وهي الوحدة الوطنية ومبادئ الدولة الديموقراطية والاجتماعية وكذا التزام دعم الجبهة الداخلية.
وأكد لوناس ضرورة أن “يضرب القانون بيد من حديد لإعادة إحياء النظم الأساسية في العمل الحزبي”، منوّهاً بما جاءت به بعض موادّ مشروع القانون، وخاصة منها “منع التجوال السياسي الذي أضرّ بأخلاقيات السياسة وجعل العمل السياسي مترهّلاً وكثيراً ما صبّ في خانة الأهداف الشخصية الضيّقة”.
أما النائب عن حزب “حركة البناء الوطني” كمال بن خلوف فأعرب عن أسفه لما سمّاه الرؤية الإدارية التي طغت على موادّ مشروع القانون، وقال لـ”النهار”: “نظرة أولية إلى مشروع القانون تُظهر معالجة إدارية بحتة لا تعكس صورة الفعل أو الأداء السياسي”.
وأبدى بن خلوف تخوّفه من “إحداث رقابة كبيرة على العمل السياسي في الجزائر، ما قد يتسبب بتصحير الحياة السياسية وإبعاد الكثير من النخب والشباب عن السياسة، وخاصة أن كثيراً من موادّ مشروع القانون تجعل من الفعل السياسي في بعض الحالات عقوبةً وجُرماً”، مذكراً بأن العمل السياسي يعد المحطة الأساسية والحقيقية لتفريغ شباب وجيل قادر على إدارة الدولة برؤية مستحدثة باستطاعتها إدارة الحوار بين أفراد المجتمع، وقال: “الصورة التي ورد بها القانون الجديد لا تعكس هذه الحالة بل كان التركيز على الجوانب البيروقراطية وعلى الأبعاد التنظيمية”.
ويعتقد بن خلوف أن العمل السياسي يُعدّ عملاً تطوعياً يُفترض أن تؤطَّر قواعده وأن توضع آلياته الكلية وتُترك تفاصيله للنظام الداخلي للحزب، مضيفاً أن الضرورة تدفع إلى “إعطاء الفعل السياسي قواعده الكلية التي تحمي الوطن وتُنشئ جيلاً رائداً لإدارة الشأن العام والساحة السياسية والوقوف إلى جانب الوطن، وهو ما يمكِّن من إنتاج قيادة سياسية ومجتمعية قادرة مستقبلاً على تسيير الشأن الجزائري باقتدار باستطاعتها أن تستوعب التحديات وتجيب عن المشكلات وتعطي أفقاً لمستقبل البلد وأهميته”.
واستدرك بن خلوف بالقول إن القانون “ما زال مجرد مشروع على مكاتبنا كنواب للشعب من أجل درسه وتنقيحه ومعالجة اختلالاته وتثمين إيجابياته”.