الأزمة السورية بين الانقسام الداخلي والإطماع الخارجية

> سارة السهيل

منح الخالق العظيم الارض العربية السورية كل مقومات الخير والنماء بدءا من توافر الامطار التي وفرت لها سبل الزراعة الممتازة وما يقوم على الزارعة من صناعات غذائية، ونسيجية نشيطة وثروة حيوانية تفي باحتياجات سكانها.
كما أنعم الله على هذه الارض وأهلها بكافة عناصر الاعمار في الارض والطاقة من نفط يزيد عن الاستهلاك المحلي، ومعادن كالفوسفات وغيرها، وكذا شواطئ خلابة على البحرالمتوسط وأنماط سياحية متنوعة بين التراث الثقافي والطبيعة الخلابة، وشعب مبدع يعشق العمل والفنون والثقافة ومقبل على الحياة.
وكل هذه النعم جعلت من سوريا جنة الله في ارضه وشعبها يحقق الاكتفاء الذاتي من طعامه وشرابه وملبسه دونما أية مديونية خارجية، وهذه الميزات الاقتصادية جعلت من سوريا بلدا عربيا صادما في مواجهة الصلف والاطماع الاسرائيلية و الخارجية بشكل عام.

ساحة للاشتعال

غير الاطماع الخارجية في هذا البلد العربي سرعان ما استغلت ثورات الربيع العربي لتزكي حاجات الناس لتداول السلطة وحاجاتهم للتمتع بالديمقراطية والاستفادة من خيرات بلادهم و
حاجات الناس الفطرية في العيش الآمن والعدالة الاجتماعية والحرية، أطلقت حماسة الشباب للانطلاق فوقع المحظور ونجحت المؤامرات الخارجية في تفكيك وتقسيم الشعب السوري بين مؤيد للرئيس بشار الأسد ومعارض سياسي وثالث يرفع السلاح مدعوما بجهات تمويل عربية واجنبية، وألأنكى ان تحولت الارض السورية الى ساحة لاستعراض عضلات القوى الكبرى ومصالحها وتحقيق أطماعها في ثروات هذا البلد فأدخلوا سموم التطرف والانقسام ..
أما الشباب الذين رفعوا في البداية أصواتهم طلبا للإصلاح السياسي، صاروا اما في ذمة الله بعد ان قضى عليهم الموت أو معتقلين أو مشردين أو محبطين ونادمين على كل لحظة رفع فيها راية التمرد على نظامهم السياسي، فهم لم يكونوا يتوقعون أبدا هذا المصير البائس لوطن غني بثرواته وثقافته وحضارته.
فقد تدخلت أطراف خارجية اقليمية ودولية تعد الأكبر من نوعها في أي ساحة قتال، وظهر تنظيم ” داعش ” ليمثل مسوغا لتدخل دولي لاجتثاثه.
فدخلت سوريا في حلقة مفرغة من التكالب التركي للقضاء على الدواعش وحماية حدودها مع سوريا والحيلولة دون استثمار اكراد سوريا لفرصة اقامة وطن ودولة لهم على الحدود مع تركيا، ودخلت ايران للحفاظ على الدولة السورية من السقوط في براثن داعش، ودعما للنظام ودخلت روسيا لحماية مصالحها على البحر المتوسط عبر الشواطئ السورية، ودخلت أمريكا وبريطانيا وفرنسا بحملة لعدوان ثلاثي على سوريا تحت ذريعة حماية الانسان السوري من الاسلحة الكيماوية للرئيس بشار، ولكن هذا العدوان الثلاثي في حقيقته ليس سوى محاولة أمريكية لمسح ماء وجهها من عار الهزيمة التي منيت بها عبر مسلحين القاعدة الذين تدعمهم في الغوطة الشرقية، بينما نجحت قوات الجيش السوري في حسم المعركة هناك وسحقهم.
و تدخلت السعودية و بعض الدول العربية تحت ذريعة حماية الوجود «السني» في مواجهة الوجود « الشيعي » الذي تمثله ايران، ولوي ذراع النفوذ الايراني داخل الاراضي السورية و ايران تساهم مع القوات السورية النظامية في محاربة داعش.
دمار ومذابح يومية
وبعد دخول سوريا العام الثامن على اندلاع ما يسمى ثورتها، فانها قد تحولت من جنة الله على الارض بخيراتها الزراعية والصناعية الى ارض مآتم لجنازات ومذابح يومية، تملأ سمواتها اصوات قذائف الصواريخ والقنابل المفزعة، ولا تكف سيول الدماء الطاهرة عن الجريان، بينما تبدو الجثث المتفحمة من نيران الحرب مشاهد مكررة في أفلام الاشباح والشياطين، كما لا تتوقف عمليات خراب البيوت وتهدمها وتهجير اهلها مشهد يومي يذبح كل صاحب ضمير انساني حي، والكل يدفع ثمن الاطماع الخارجية والانقسامات الداخلية.
تعرض المواطن السوري لأشد أنواع الانتهاكات لحقوق الانسان، فقد خسر بيته واهله بالموت وهدم بيته وفقد عمله وذاق مرارة التشرد والحرمان، ولجأ فارا اذا ما كتبت له الحياة من نيران المدافع والصواريخ الى المخيمات وهناك يجد حربا اخرى في انتظاره وهي حرب التجويع، فان وصل للمخيم فانه لا يجد الخبز الحاف الذي يقتاته ليسد جوعه، بسبب أن المتحاربين من كافة الاطياف السياسية والعسكرية يقطعون إمدادات الغذاء والماء والدواء لسكان المخيمات تحقيقا لنفوذهم على الارض السورية.

النهضة قبل الأزمة

وقد رصد تقرير لوكالة فاس نشرته شبكة “سي إن بي سي” المتخصصة بالأخبار الاقتصادية نهايات عام 2016 حول القطاعات السورية قبل اندلاع الثورة فيها، أن سورية كانت مصنفة بين الدول الأكثر أمانآ، و تخطو بثقة نحو تحقيق تنمية شاملة في مختلف قطاعاتها، خاصة الاقتصادية، وذلك قبل ان تنفجر الاوضاع وتقود الاقتصاد السوري إلى مرحلة الانهيار.
يوضح التقرير، انه قبل آذار من عام 2011 كان قطاع الأدوية السوري يغطي 90٪ من الحاجة المحلية ويصدر الى 54 دولة حول العالم، كما ان نسبة الأمية اقتصرت على 5٪ قبل ان تهدم الحرب اكثر من 7000 مدرسة، كما جاءت محافظة حلب في الترتيب الأول من حيث تشغيل القوى العاملة ووصول هذه النسبة الى 94٪، في بعض الإحصاءات التي نشرتها الشبكة الاقتصادية.
بينما تخطى الناتج المحلي في سورية، عام 2010، ال 64 مليار دولار، مساهمة الحكومة من الناتج الإجمالي وصلت إلى 22٪، فيما حل القطاع النفطي السوري في المرتبة27 عالميا من حيث الإنتاج، الذي تجاوز ال 400 ألف برميل يوميا، فيما بلغت الإيرادات النفطية 7 ٪ من الناتج الإجمالي.
أما الإنتاج الكهربائي في سورية بلغ الـ 46 مليار كيلو واط ، كان في عام 2010 يغطي الحاجة المحلية، والفائض يتم تصديره الى لبنان.

واقع مرير

ان الاطماع الدولية لن تترك سوريا الا وهي بلد منهك تطحنه الحروب كما سبق و ان فعلوا بالعراق، ولكن للأسف فان الشعب السوري لم يستفد من تجربة العراق، وتتجاذب بعض أطيافه السياسية الارتباط بقوى دولية لها اجندتها ومصالحها الخاصة، ربما يكون أقلها تحويل سوريا الي ساحة حرب دائمة لتنشيط تجارة السلاح وتحقيق ثروات مالية طائلة على حساب الدم السوري .
فهل سوريا حقل تجارب و هل من اطلق الثورة جاهل بما سيحدث فكيف لغير المتمرسين و غير ذي اصحاب الرؤى السياسية البعيدة الأمد التدخل بتجارب لا يعرفون مصيرها و هل كانت سوريا خراب يريدون انقاذه ام كانت دولة مستقره مكتفية ذاتيا و اقتصاديا و حاليا تم خرابها و تدميرها الا تثير النتائج لهذه الحرب المؤامرة هذه التساؤلات فهل تفاجأوا بالنتائج فهم غير مؤهلين سياسيا ام مخطط لها مسبقا فهم عملاء دمروا بلدهم ام بدأت نضيفه و أندس بينهم من اندس مستغلا حالة الفوضى نحن لا نعرف النوايا فوحده الله يعرفها و إنما نعرف النتائج و ما آلت اليه هذه الحرب التي قضت على الأخضر و اليابس
لست من مؤيدين اي حكومه ولا اعرف احد منهم معرفه شخصيه كفرد من أفراد الشعب العربي او ككاتبة او من ضمن شريحة المثقفين المهتمين بأحوال الناس الا ان كل ما اعرفه انني لا املك من التطرّف او الطائفيه او العنصرية ما يجعلني أبرر دمار بلد و شعب

التسوية السلمية

لاشك ان دوامة الدم المراق على الارض السورية وتشابك مصالح القوى الدولية عليها قد يطلق منها شرارة الحرب العالمية الثالثة ما لم يخرج عقلاء العالم وحكمائه لوقف نزيف هذه الحرب الكونية، وهذا لن يتأتى بمعزل توافق الداخل السوري أولا على ضرورة الحفاظ على أرضه وسيادته والحيلولة دون تقسيمه وتفتيته، كذلك التوافق على ضرورة اطفاء نيران هذه الحرب المشتعلة التي أتت على الاخضر واليابس في هذا البلد العربي الاصيل.
واطفاء هذه النيران مرهون اولا بتوصل المعارضة السورية فيما بينها الى ان استمرار هذه الحرب الى ما لا نهاية امر لا يقبله عقل وانه يمثل تدميرا ممنهجا للشعب السوري في حاضره ومستقبله، ومن ثم فان المعارضة السورية مطالبة اليوم أكثر من أي وقت مضى ببذل أكبر جهد من أجل التوصل الى تسوية سلمية مع النظام السوري الذي هو الاخر مطالب بالتخلي عن عصبيته وتشدده مع المطالب المشروعة للمعارضة السورية، وفي تقديري، انه لا مخرج للأزمة السورية دون التوصل الى حل سلمي يوقف شئم هذه الحرب ويطهر البلاد من اي تواجد أجنبي، ويفتح الباب لانتخابات رئاسية ونيابية تسبقها جهود العفو اسوة بتجربة جنوب افريقيا.
وأظن ان أي مواطن مخلص وعاقل، لابد وان ينظر اولا واخيرا الى سلامة الشعب السوري وحمايته من هلاك هذه الحرب وهذا لن يتحقق الا باعلاء مسار التفاوض السلمي والخروج بحلول عملية لوقف الصراع والدمار.
غير ان هذه الجهود الداخلية بين المعارضة والنظام الحاكم في سوريا لن تؤتي ثمارها الا ببذل المجتمع الدولي جهود مخلصة لانجاح هذا التفاوض، وهو ما يعني تخلي القوى الكبرى عن اطماعها في سوريا اعمالا لحقوق الانسان في العيش الامن كما يتشدقون ليل نهار بحقوق الانسان.

Loading

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com