تعاني معظم الأجسام التكنولوجية العملاقة من رقابة عالية واسعة النطاق ينتج عنها انتقادات حادة تطال الطرق التي تعمل من خلالها، وخصوصًا الشركات التي تعتاش على بيانات مستخدمي خدماتها، عبر بيعها للأطراف المختلفة وترويج الدعايات، لكن هذا الأمر لم يحدث مع «نيتفليكس» الترفيهية التي تستفيد من بيانات المستخدمين كغيرها، أو على الأقل هذا ما تراه مجلة «ذي إكونوميست».
وقالت المجلة إنه لولا التطور المستمر في سوق الأسهم الأميركية الناتج عن شركات التكنولوجيا العملاقة، وفر له الحماية من الانهيار خلال العام الحالي، مع ذلك، فإن الشركات العملاقة مثل «آبل» «جوجل» و»فيسبوك» وغيرها، قد وقعت في «فخ» التناقضات بسبب ما أسمته المجلة «رد الفعل الافتراضي»، بعد أن انتشرت الفضائح حول هذه الشركات بانتهاك المعلومات الخصوصية والتصرفات الاقتصادية غير التنافسية (الاحتكارية) والتهرب من الضرائب والتسبب بإدمان الهواتف الذكية، مما جعلها محط أنظار بشكل دائم.
وتشرح «ذي إكونوميست» خلال تقرير مفصّل أعدته حول «نيتفليكس»، الأسباب وراء خروج الشركة التي تعتبر أكبر مزود لخدمات الأفلام والمسلسلات والبرامج المتنوعة على الإنترنت، من دائرة «اللوم» العالمي.
ونجحت «نيتفليكس» التي انطلقت عام 1997، كشركة لتأجير أقراص الـ»دي في دي»، بالوصول من المرتبة الأولى عالميًا في بث أشرطة الفيديو إلى أول «محطة تلفزيونية» عالميًا. حيث أن إنتاجها الترفيهي فاق أضخم قنوات التلفاز العالمية وحتى أكبر استوديوهات «هولييود» نفسها. ومن المتوقع أن تنفق الشركة ما يقارب الـ13 مليار دولار هذه السنة على محتوى منتوجاتها المصورة.
وأشارت «ذي إكونوميست» إلى أن عدد المستفيدين من خدمات «نيتفليكس» قد تضاعف بالمقارنة مع العام 2014، ليصل الآن إلى ما يزيد عن 125 مليون شخص يستخدم موقعها بمعدل أكثر من ساعيتين يوميًا، ما يُشكل 20% من النطاق الترددي للإنترنت عالميًا (رغم حظرها في الصين، أحد أكبر الأسواق في العالم).
وانعكس صعود نجمها على التراجع الحاد بمشاهدة قنوات التلفاز التقليدية، على الأقل أميركيًا، فقد انخفضت مشاهدة التلفاز للفئة العمرية ما بين 12 و24 عامًا، في العام الحالي، أكثر من 50% عما كانت عليه عام 2010.
ولفتت المجلة إلى أن نجاح «نيتفليكس» في تفادي التناقضات الكبيرة التي تعرضت لها قريناتها في القطاع التكنولوجي، كان بتميّزها في عدّة أمور، فقد استطاعت صب اهتمامها على الفحوى الترفيهي الذي تقدمه مما أبعدها عن الخوض في شؤون الأخبار والتلاعبات السياسية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن نظام الاشتراكات الخاص بها غير مرتبط بالإعلانات التجارية، حيث أنها تتلقى أجرها بشكل تقليدي من مستخدمي موقعها، عن طريق اشتراكات مالية شهرية (بارتفاع تدريجي) لقاء مشاهدة الأفلام والمسلسلات والبرامج المختلفة.
وتصدرت «نيتفليكس» مجالها عالميًا، عبر بنية نموذجها العملي، وإنتاج أعمالها في أكثر من 21 دولة في العالم، وملائمة الترجمات والدبلجات لها لعدد كبير من اللغات المختلفة حول العالم، بالإضافة إلى أنها تصنف مستخدمي موقعها بشكل فردي وتستهدفهم بتوصيات موجهة بالاستعانة بخوارزميات بناها مبرمجوها بذكاء بالغ، لتحتوي على نحو 2000 «فئة» تستطيع تقديم المحتوى الأكثر ملائمة لكل مستخدم على حدا.
وللمفارقة، فإن المخاطر التي قد تتعرض لها على المدى الطويل، ستنجم بالذات عن قدرتها على التقييم المذهل لأذواق المستخدمين، فإن كان مرتفعًا جدًا اليوم، قد يُصبح على دقّة تامة مستقبلًا. وهناك من يرى أنها تحاول احتكار السوق والقضاء على القنوات التقليدية، الأمر الذي قد يمكنها من السيطرة على كميات هائلة من «القوة الثقافية» المركزة بيد صانعي محتوى مرئي قلائل قد يُخرجون كل منافسيهم من السوق، بحسب المجلة.