الهستريا وعلاجها

التعريف العلمي
للهستريا

كلمة هستيريا مشتقة من كلمة يونانية وتعني الرحم، لأنّ اليونانيين القدماء كانوا يعتقدون أنّ هذا النوع من الإضطرابات يحدث للنساء فقط، وهو إضطراب نفسي عصبي ينشأ من القلق الشديد ومحاولة كبت الصراعات التي قد تحدث، حيث يفقد المريض السيطرة على مشاعره وسلوكه، وبالتالي تتأثر أعصاب الحس والحركة، ويصاحبه عادةً نوبات مفاجئة من فقدان الوعي والإنفعال العاطفي، على الرغم من أنّه يحدث لكلا الجنسين إلا أنّه أكثر شيوعاً بين النساء من عمر 14-25 سنة، وغير نادر الحدوث بعد عمر 45 سنة.

مصطلح الهستيريا قديم تم تغييره من قبل الجمعية الأمريكية لعلم النفس عام 1980م إلى ما يسمى الآن بالإضطرابات التحولية، وفي الدليل التشخيصي والإحصائي للإضطرابات النفسية الطبعة الخامسة، الأعراض التي كانت مدرجة تحت مظلة الهستيريا، أصبحت تندرج تحت ما يشار إليه الآن إضطراب الأعراض الجسدية.

والاضطرابات التحولية هي تلك الإضطرابات التي تؤدي إلى ظهور مشاكل عضوية ولكن ذات منشأ نفسي، فعلى الرغم من تلك الأعراض إلا أنّه عندما يتم فحص الشخص عضوياً لا تبدو عليه أية علامات تدل على خلل جسدي، ومن الممكن أن نعتبرها طريقة الدماغ في التعامل مع الصدمات المفاجئة والشديدة.

فالهستيريا مرض نفسي عصابي تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة وهو اضطراب تحتوي فيه الانفعالات المزمنة على ظهور أعراض جسمية ليس لها أي أساس عضوي وهي تحدث لهدف عند الفرد الهستيري قد تكون بهدف الهروب من الصراع النفسي أو من القلق او من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك، وعدم أدراك الدافع يميز مريض الهستيريا عن المتمارض الذي يظهر المرض لغرض محدد مفيد.

وفي الهستيريا تصاب مناطق الجسم التي يتحكم فيها الجهـاز العصبي المركــزي (الإرادي) مثل الحواس وجهاز الحركة، وهذا غير المرض النفسي الجسمي حيث تصاب الأعضاء التي تحكم فيها الجهاز العصبي الذاتي (اللاإرادي).

ويطلق البعض على الهستيريا اسم «الهستيريا التحويلية» أو «رد فعل التحويل» أي التي تعني تحويلا جسميا لأمور نفسية نظرا لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية أساسية هي التحويل حيث تحول الانفعـالات والصراعـات إلي أعراض جسمية كحل رمزي للصراع.

الشخصية الهستيرية

تسمى شخصية مريض الهستيريا قبل المرض باسم «الشخصية الهستيرية» وهي شخصية الأطفـال..
ولو تأملت سلوك الشخص الهستيري لوجدته سلوك «طفل كبير».

سمات الشخصية
الهستيرية

– العاطفية الزائدة.
– القابلية الشديدة للإيحاء.
– المسايرة وحب المجاملة والمواساة.
– الانفعال، وتقلب المزاج.
– عدم النضج، وعدم التحكم في الانفعالات.
– السذاجة وسطحية المشاعر.
– عدم النضج النفسـي الجنسـي.
– التمركز حول الذات، والأنانية.
– لفت الأنظار، واستدرار العطف.
– الاعتزاز بالنفس وحب الظهور.
– الاستعراض.
– في بعض الأحيان الانبساط، والاجتماعية، وحب الاختلاط.
– عدم الاستقرار.
– الاعتماد على الآخرين،.
– الانقياد، والشعور بالنقص.
– المبالغة والتهويل والاستغراق في الخيال.
– السلوك يكون اقرب إلى التمثيل والاستعراض والتكلف والاندفـاع وعدم النضج.
– الاعتماد على الكبت كدفاع أساسي.
– الاستعداد لتكثيف الانفعالات وتحويلها إلى أعراض جسمية.

الفرق بين مرض الهستيريا وبين الشخصية الهستيرية الشخصية

الهستيرية تندرج تحت المجموعة (ب) من إضطرابات الشخصية، وهؤلاء الأشخاص يعانون بأنّهم إنفعاليون ودراميون، ولديهم مشكلة في صورة الذات، فهم يعتمدون على تقبل الآخرين لهم ولذلك لديهم تلك الحاجة ليكونوا محل الإهتمام.

وحسب الدليل التشخيصي والإحصائي للإضطرابات النفسية الطبعة الخامسة فإنّهم يتصفون بعدم الشعور بالراحة في المواقف التي لا يكونون فيها محلاً للإهتمام، ويقومون بالتعبير المبالغ والدرامي لمشاعرهم، ويتصفون بالسطحية في تعاملهم، فالشخصية الهستيرية نوع من أنواع إضطرابات الشخصية، والهستيريا إضطراب جسدي ذو منشأ نفسي.

أسباب الهستيريا

تلعب الوراثة دورا ضئيلاً للغاية، بينما تلعب البيئة الدور الأكبـر، ويرجـع «بافلـوف» ومحللي التفسيـر الفسيولوجي (الهستيريا) إلى ضعف قشرة المخ بسبب الاستعداد الوراثي، وعادة ما يكون المريض الهستيري ذا تكوين جسمي نحيف واهن.
الأسباب النفسية تنحصر في:
– الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية.
– الصراع الشديد بين ألانا الأعلى بين اللهو (خاصة الدوافع الجنسية).
– التوفيق عن طريق العرض الهستيري.
– الإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدف أو مطلب.
– الفشل والإخفاق في الحب.
– الزواج غير المرغوب فيه والزواج غير السعيد.
– الغيرة.
– الحرمان ونقص العطف والانتباه وعدم الأمن.
– الأنانية والتمركز حول الذات بشكل طفلي.
– عدم نضج الشخصية وعدم النضج الاجتماعي.
– عدم القدرة على رسم خط الحياة.
– أخطاء الرعاية الوالديـه مثل التدليل المفرط والحماية الزائدة
– كون أحد الوالدين شخصية هراعية فيأخذ الطفل عنه (اكتسابا) سمات الشخصية الهراعية.
– التعرض لصدمة عنيفة أو التعرض لحادث أو جرح أو حرق بليغ.. الخ.

أعراض الهستيريا

الأعراض الحسية:

– العمى الهستيري.
– الصمم الهستيري.
– فقدان حاسة الشم.
– فقدان حاسـة أو التذوق أو كلاهما.
– فقـدان الحساسية الجدلية في عضو أو في عدة أعضاء.

الأعراض العقلية:

اضطراب الوعي، الطفليه الهستيرية (السلوك أو التكلم كالأطفال).

الأعراض العامة:

المرض عند بداية المدرسة أو عند الامتحانات، ردود الفعل السلوكية المبالغ فيها للمواقف المختلفة.

تشخيص الهستيريا

يجب التفريق بدقة بين الهستيريا والمرض العضوي، وعلى الأخصائي التأكد من خلو من الأسباب العضوية للأعراض، واستبعاد وجود مرض عضوي، ونحن نعلم أن العرض الهستيري يختلف عن العرض العضوي في انه غير دقيق من الناحية التشريحية.

وقد يكون العرض الهستيري مجرد امتداد تاريخي لمرض عضوي سابق، وعلى سبيل المثال يمكن التفريق بين مريض الصرع الهستيري ومريض الصرع العضوي، فنجد انه في حالة الصرع الهستيري يصاب المريض بالنوبة وسط الناس ويقع في مكان أمن بحيث لا يصاب وهو لا يتبول لا إراديا أثناء النوبة ولا يعض لسانه ولا تختفي الانعكاسات لديه.

بينما في مريض الصرع العضوي الصرع العضوي نجده يقع في أي مكان ودائما نجد فيه إصابات وكسورا وجروحا وقد يتبول لا إرادي أثناء النوبة وقد يعض لسانه ونجد هناك اضطرابا في موجات المخ الكهربائية يوضحها برسم المخ الكهربائي.

وعلى العموم تمثل المؤشرات الآتية على حالة الهستيريا

حدوث المرض فجأة أو في صورة درامية.
نقص قلق المريض بخصوص مرضه وعدم مبالاته وهدوئه النفسي وهو يتحدث عن أعراض مرضه.
الضغط الانفعالي قبل المرض.
تغير الأعراض بالإيحاء.
اختلاف شدة الإعراض في فترة وجيزة.
عدم النضج الانفعالي في الشخصية قبل المرض.
نقص الارتباط بين الأعراض والناحية التشريحية للأعصاب الحسية والحركية.

علاج الهستيريا

يمكن علاج هذه الحالات بالأدوية والعقاقير، ولكن من المحتمل أن يؤدي كثرة استعمالها إلى الإدمان، وقد تكون فعالة جداً وقت الأزمات لكنها تؤخر تقدم العملية العلاجية النفسية، وعند اتخاذ العلاج المعرفي السلوكي لحل المشكلة يتضح أنّه يساعد على تعلم وتنمية تقنيات الإسترخاء للتخفيف من حدة الصراعات التي يعاني منها المريض.

في بعض الحالات قد تكون الهستيريا وقتية ويشفى تلقائيا وخاصة إذا لم يحقق هدفه، ويستحسن علاج مرض الهستيريا بالعيادة الخارجية ويحسن إبقاء المريض في مكان عمله.

العلاج النف سي:

ويتناول تركيب الشخصية بهدف تطويرها ونموها، وقد يستخدم الأخصائي التنويم الإيحائي لإزالة الأعراض، ويلعب الإيحاء والإقناع دورا هاما هنا.

ويستخدم التحليل النفسي للكشف عن العوامل التي سببت ظهور الأعراض، والدوافع اللاشعورية وراءها ومعرفة هدف المرض، ويقوم المعالج بالشرح الوافي والتفسير الكافي للأسباب ومعنى الأعراض كذلك يفيد العلاج النفسي التدعيمي ومساعدة المريض على استعادة الثقة في نفسه وتعليمه طرق التوفيق النفسي السوي والعيش في واقع الحياة.

ويستخدم العلاج الجماعي خاصة مع الحالات المتشابهة ويجب أن يعمل المعالج باستمرار على إثارة تعاون المريض وتنمية بصيرته ومساعدته في أن يفهم نفسه ويحل مشكلاته ويحاربها بدلا من أن يهرب منها.

الإرشاد النفسي للوالدين والمرافقين كالزوج أو الزوجة:

وينصح بعدم تركيز العناية والاهتمام بالمريض أثناء النوبات الهستيرية فقط لأن ذلك يثبت النوبات لدى المريض لاعتقاده أنها هي التي تجذب الانتباه إليه.

العلاج الاجتماعي البيئي:

وتعديل الظروف البيئية المضطربة التي يعيش فيها المريض بما فيها من أخطاء وضغوط أو عقبات حتى تتحسن حالته.

العلاج الطبي للأعراض::

و يستخدم علاج التنبيه الكهربائي أو علاج الرجفة الكهربائية، وفي بعض الأحيان يلجأ المعالج إلى استخدام الدواء النفسي الوهمي ويفيد فائدة كبيرة.

نهاية الهستيريا

يلاحظ أن حوالي 50% من مرضى الهستيريا يتم شفاؤهم تماماً مع العلاج المناسب، وان حوالي 30% يتحسنون تحسنا ملحوظا، وان حوالي 20% يتحسنون تحسناً بسيطا أو تستمر معهم الأعراض.

وبصفة عامة يكون مآل الهستيريا أفضل كلما كان بدء المرض فجائياً وحادا واستمر لمدة قصيرة قبل بدء العلاج، وكلما كان المكسب من وراء المرض ليس كبيرا، وكلما كانت العلاقات الشخصية والأسرية سليمة نسبيــا، وكلما كان المريض متوافقا مهنيا.

Loading

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com