سلوكيات مجتمعية الإلحاح بين الرفض والصمت

بقلم / نبيل بطرس

سلوكيات مجتمعية
نعيش اليوم صراعات لا حصر لها من التناقضات والحقائق المغلوطة السائدة والمنتشرة بشكل مخيف. باتت الحياة مليئة بحقائق وثوابت علي غير ما توارثناها. أصبح الصواب خطأ والخطأ صواب للأسف. أكثر الناس معاناةَ من كل تلك الأمور هم من عاشوا على مباديء لا وجود لها في أرض الواقع. أصحاب قيم ومباديء باتت مسميات بالية لا تنصف أصحابها ولا معلموها.
أجيال تم الزج بهم في معارك الحياة بلا تدريب أو إعداد. بلا وعي يواجهون به أشرس معارك الحياة. أجيال عاشوا بلا علاقات صحيحة. أجيال ناشئة بلا إهتمام أسري فقد أطاحت الحياة الإقتصادية بأولى أساسيات النشء وهو إهتمام الأهل بتربية أطفالهم.
جيلاً بأكمله يفتقر للسلوكيات الحميدة .. يفتقر لإعطاء الحب .. مستعد أن يبيع نفسه مقابل أحلام طائشة .. الأصعب من ذلك أنك تجد أهالي يستثمرون كل طاقتهم لتربية أولادهم على المثل والمباديء وتجد آخرين بكل عبث يفسدون ما تعبوا فيه هؤلاء بسبب سوء تربيتهم لأولادهم أو إهمالهم لهم. والأدهى من ذلك أن لا تجد قانون رادع لكل هذه التجاوزات والتعديات !!!
المشكلة ليست في الخطأ نفسه أو في تكراره ولكن الإلحاح بكافة الأشكال والوسائل أن تفرض سلوك غير مقبول حتى صار أمر واقع بل بات كل ماهو غير مألوف مألوف !! ولمثل هذا الإلحاح بأمور مغلوطة أمور عدة وقد امتلئت حياتنا بكثير من السلوكيات المريضة الملحة ذلك غير أننا في حياتنا اليومية نتقابل مع نماذج من هؤلاء البشر اللذين ليس لديهم الوقت لزرع المبادىء الحميدة هم أصحاب أموال ونفوذ أن أرادوا أمتلكوا .. حياتهم كلها زيف المظاهر طلبات أبناءهم مستجابة حتى وأن كانت ضد مصلحتهم الشخصية .. حتى تعلم بصحة كلامي هذا يمكنك الذهاب لأحد دور ومستشفيات علاج الإدمان ستجد أن لكل ضحية إدمان إهمال وتقصير في النصح والإرشاد .. ستسمع قصص لا يصدقها عقل ولكنه في الأخر ضحية لحياة ليست فيها كيفية الحفاظ على النفس أو كيفية التغلب إذا ما كانت هناك صعوبات في الحياة .. وللأسف لإنتشار هذع الظاهرة بات كل بيت في قلق خاصة الأهل اللذين يستثمرون كل طاقتهم في أبناؤهم .. ولعل هناك العديد من الأعمال الفنية التي تناقش مثل هذه المشكلات المرتبطة بالإلحاح بسلوكيات غير صحيحة وكيف أن هذه الأعمال وضعت بيدها علي عذه المشكلة وأسبابها وكيفية مواجهتها اذكر منها على سبيل المثال لا الحصر ( قضية رأيي عام ) وكيف أن هذا العمل الفني والذي ألقى الضوء ببراعة على إنتشار ظاهرة الإلحاح في الدقاع علي الشخص المتحرش وأن المجتمع يلوم على الضحية إذا تجرأت بل عليها أن تكتفي بالصمت. فكرة العمل نفسه فكرة كانت مميزة ومتميزة من حيث شجاعتها في عرض الفكرة ومأساة كل شخصية في هذا العمل وما تعرضت لها من إيذاء نفسي وجسدي ( من أبرز المواقف كيف أن بطلات هذا العمل خاصة دور الفنانة المتألقة والمجتهدة يسرا كيف تعرضت للتجريح والقيل والقال وكلام من كل المحيطين والتشهير بها علاوة على تخلي زوجها بالطلاق وكيف واجهت هذه الشخصية وهى في قمة القهر والضعف والظلم وتحلت بالشجاعة بمفردها وحاربت لتنال حقها في طلب تحقيق العدل ). وكذا العمل الفني ( حضرة المتهم أبي ) للكاتب محمد جلال عبدالقوي والذي أظهر كيف أن أبناء أصحاب المثل أكثرعرضة للصدمات والإحباطات في مواجهة سلوكيات ملحة تشكل عكس مبادئهم التي تربوا عليها .. ويعتبر مشهد المحاكمة هو خلاصة التجارب التي نواجهها في حياتنا .. موقف الأب صاحب المثل والقيم والذي جسده الفنان نور الشريف رحمة الله عليه ..وموقف الفنان القديرتوفيق عبدالحميد وكيف لخص أسباب الخطأ بشكل واضح دون تزييف والذي اختتم دفاعه بوضع أولئك المذنبون في خلق وانتشار سلوك كل قوامه الفساد .. والعجيب أن هناك من الشخصيات من تدعي المثل ولكنها تفتقدها .. هى شخصية مزدوجة تفعل عكس ما تقول وهكذا صار غالبيتنا نعيش حياتين مختلفتين متضادتين تماماً .. شخصية يحبها الناس ويحترمونها وشخصية نحبها نحن مليئة بالعيوب والتشوهات ونقنع أنفسنا بأننا متصالحين معها !!!
بسبب هذا الإلحاح بالخطأ باتت حياتنا مليئة بخبرات مشوهة .. خبرات كلها قائمة على نماذج هى بحاجة لإعادة تأهيل ولكي ننجو من هذا الإلحاح يجب علينا قبل كل شيء أن نثق في صحة مبادئنا وقيمنا التي تربينا عليها وأن راحة الضمير تكون فقط لمن اتبع الحق والصواب فلا خير من مبادىء خاطئة حتى وأن ثبت نجاحها في المجتمع للأسف !! فكل نجاح مزيف لن يطول مهما طال. الثقة في ذواتنا وأننا ننعم بسلام داخلي وهدوء للنفس لكل ما هو صحيح يجعلنا نعيش شخصية واضحة الملامح لا مشوهة.

Loading

اترك تعليقاً