أكد الخبير الاستراتيجي، العميد علي الزرمديني، في تصريح له أن أوروبا صارت هدفاً استراتيجياً للجماعات الإرهابية بكل فصائلها، على المدى القصير والبعيد، سواء في التنظيمات المسلحة أو في خلاياها النائمة أو في «الذئاب المنفردة»، وقد أعطت قيادات التنظيمات تعليمات لفصائلها بالتحرك بصفة منفردة دون انتظار التعليمات التالية، وبكل الوسائل، بما في ذلك الأساليب التقليدية، كالدهس و الطعن.
وأوضح الزرمديني أن عقيدة الإرهاب مبنية على التوسع، والتمدد وإعادة الفتوحات الإسلامية، وأوروبا كانت دائما هدفا لهذه الفتوحات، والجماعات الإرهابية في شمال أفريقيا مبنية على هذه الاستراتيجية والعقيدة، أن يجعلوا من «أرض الخلافة» منطلقا لهذه الفتوحات.
وأكد الزرمديني أن المعركة المقبلة ستكون بشكل أوسع بالأساس داخل الإطار الجغرافي الأوروبي، لكن دون إغفال آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، التي تبقى دائماً قواعد رئيسية وإمداد مهم نحو أوروبا.
وتابع.. أن مكافحة الإرهاب لا يمكن أن تتم لأي دولة بصفة منفردة، بل في إطار مجهود دولي مبني بالأساس على التكاتف والثقة، والتبادل السريع للمعلومات، واعتماد الأساليب التقليدية دون الاقتصار على الجوانب الفنية، لكن -مع الأسف- أوروبا تتعامل كدول عظمى بشكلها الاقتصادي، إلا أن التعامل الأمني ليس فيه قوي وضعيف، ولكن فيه المتمكن من المعلومة مهما كانت قيمته.
وحول فتح جبهات جديدة في الضربات الأخيرة لـ «داعش»، قال الزرمديني:
ليس هنالك تحول، لأن أوروبا كانت دائما هدفا، «داعش» يركز في عملياته على أوروبا من هذا المنطلق، وقد بنى أرضية له في كل الفضاء الأوروبي، منذ أن كانت «القاعدة» لوحدها، نتذكر جيداً أحداث ميلانو وبلجيكا وغيرها.
بالتالي ليس هو بالحدث الجديد بقدر ما هو حدث متجدد، فـ»القاعدة» و»داعش» لهم استراتيجية التمركز في أوروبا، و»الخلايا الإرهابية منتشرة في كل أرجائها»، مستغلة التسامح الذي نبه إليه سابقا الرئيس التونسي بن علي، عبر مجلة «لوفيجارو» الفرنسية في التسعينيات، والذي أشار فيه إلى أن أوروبا تنتحر ذاتيا، من خلال توفير مخزون استراتيجي من الإرهابيين على أراضيها، لمقاومة بلدانهم الأصلية.
وأكد أن تحول الفعل إلى فعل مضاد، يستهدف الدول الحاضنة بالأساس، لأن الاستراتيجية الإرهابية لا تعترف بصديق، بل تعترف بالمصالح الذاتية.
وتابع: نلاحظ أن أوروبا تتقبل نتائج ما زرعت، فالإرهاب لا يقتصر على دولة بل ينتشر في كل الدول الأوروبية بلا استثناء، ولا يقتصر على الجاليات المهاجرة، بل كذلك على أبناء البلد الذين أصبحت تستقبلهم وتستوعبهم الجماعات بإغراءات مختلفة.
وحول أنه لم يظهر أوروبي الأصل في حوادث الطعن والدهس، قال العميد علي الزرمديني: غير الأوروبيين موجودون للتنفيذ، لكن آليات التخطيط والإسناد، والتواجد والتدريب في مناطق التوتر لا تقتصر عليهم، بل ترتبط وتتمدد نحو أطراف هم أبناء أصليين لتلك البلدان.
وأوضح أنه يجب عند النظر للإرهاب عدم النظر للنهاية، بل يجب أن ننظر للبداية، من برمج وموّل وساند وأسند وهيأ الأرضية، لذلك لا تقتصر على الفئة المهاجرة بهذه الصورة، آليات التنفيذ دائما مرتبطة بهؤلاء المهاجرين، لكن ورائهم أطراف وجنود من أصل أوروبي، وهذا نتيجة تحقيقات أمنية.
واختتم الزرمديني بالقول:
الآن الأوروبيون الموجودون في بؤر التوتر عددهم بالمئات، وهذا الخطر الذي أشرت إليه، والأجهزة الاستخباراتية الأوروبية بمختلف فصائلها أقرت به، يجب أن ننظر للإرهاب من كل الزوايا، إذا كانت هناك نية فعلية للتصدي إليه، وهذا الخطر الاستراتيجي الذي وقعت فيه الأجهزة الأمنية أنها نظرت للحلقة النهائية، ولم تنظر إلى الأصل.