بينما يتلقى تنظيم «داعش» الإرهابي ضربات متتالية في لبنان وسوريا والعراق وسوريا، تتأهب القوات المسلحة المصرية، والجيش الأميركي، لانطلاق تدريبات «النجم الساطع» التي تستمر عشرة أيام. وتأتي التدريبات في وقت تتزايد المخاوف من تسلل فلول الجهاديين الهاربين، عبر حدود مصر مع ليبيا والسودان.
وأعلنت القاهرة أن المناورات ستتم في قاعدة محمد نجيب العسكرية، التي افتتحت في 25 تموز الماضي. وتعد هذه القاعدة الكبرى في أفريقيا والشرق الأوسط، كما أنها تقع في مدينة الحمام، بمحافظة مرسى مطروح الحدودية، المتاخمة لليبيا. ومن اللافت أن السودان سيشارك كمراقب، رغم التوترات السياسية في الآونة الأخيرة بين القاهرة والخرطوم بسبب عدد من الملفات.
وقال العقيد تامر الرفاعي، الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة المصرية، في بيان على صفحته الرسمية بموقع «فايسبوك»: «تستضيف مصر فاعليات التدريب المصري الأميركي المشترك (النجم الساطع 2017)، والذي من المقرر أن ينفذ بقاعدة محمد نجيب العسكرية، ويستمر خلال الفترة من (10-20) أيلول الجاري».
مكافحة الجهاديين
ويشير محللون إلى أن التدريبات المرتقبة ستركز بشكل أساسي على جوانب فنية وأساليب متطورة تدعم قدرات الجيش المصري في حربه ضد الجهاديين، الذين يستخدمون أساليب «حرب العصابات».
ومن المقرر مشاركة عناصر من القوات الأميركية في التدريب الذي يشمل التعاون الأمني، ومكافحة الإرهاب والتطرف، والتدريب على سيناريوات التهديدات المختلفة في القرن الحادي والعشرين، في ظل الحرب التقليدية وغير النظامية.
ويرى ديفيد شنكر، مدير برنامج السياسات العربية في «معهد واشنطن لدراسات سياسة الشرق الأدنى» أن «القاهرة لا تتعرض لتهديدات من جيوش نظامية بالمنطقة، ولكن حدودها مع ليبيا والسودان تستوجب الاهتمام بصورة متزايدة».
ويقول في تقرير نشر في مجلة «الفورين بوليسي» الاميركية إن «قتال الجهاديين الإسلاميين الذين سيطروا على مناطق في شبه جزيرة سيناء، يمثل مبعث قلق رئيسي بالنسبة للقاهرة، ومازال مهمة شاقة بالنسبة للقوات المسلحة المدربة لخوض حروب التقليدية».
وكان التنظيم نفذ أكثر من 1000 هجوم مسلح وتفجرات في مناطق متفرقة من مصر، خلال السنوات الثلاث التي أعقبت عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة «الإخوان المسلمين» بعد تظاهرات 30 حزيران 2013. ووقعت معظم تلك العمليات في شمال سيناء، ضد قوات الجيش والشرطة. لكن العمليات تراجعت بنسبة كبيرة جداً في الأشهر الأخيرة.
وشنت قوات الجيش والشرطة سلسلة من العمليات العسكرية الفاعلة ضد عناصر «داعش» خلال الأشهر الماضية، وأحبطت العديد من هجماته. وفي آذار الماضي ، نفذت هجوماً واسعاً على جبل الحلال، بشمال سيناء، وهو منطقة جبلية وعرة، تعد المعقل الرئيسي لعناصر التنظيم، الامر الذي شلّ بشكل كبير حركة التنظيم في شبه جزيرة سيناء.
علاقات استراتيجية
وتتجدد مناورات «النجم الساطع» بعد توقف دام قرابة 8 سنوات. وكان آخر تلك التدريبات التي ظلت تستضيفها مصر كل سنتين، قد أجريت عام 2009، وتلا ذلك تعليقها لأكثر من مرة في عهد الرئيس الأميركي باراك أوباما، كان آخرها عام 2014.
وعزت الإدارة الأميركية في حينه قرارها الى أسباب تراوحت بين مخاوف أمنية، لعدم استقرار الأوضاع الداخلية في أعقاب تظاهرات 25 تشرين الثاني 2011، التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك، واعتراضات على أوضاع حقوق الإنسان هنا.
وبدأت مناورات «النجم الساطع» عام 1981 بعد توقيع معاهدة كامب ديفيد تحت رعاية أميركية، وشارك في التدريبات آلاف الجنود المصريين والأميركيين وكذلك من بلدان أخرى. واكبر تلك التدريبات أجري عام 1999 بمشاركة قرابة 70 ألف جندي من 11 دولة.
لكن مناورات 2017 سوف تشهد مشاركة عدد أقل من الجنود الأميركيين، حيث ينضم إليها نحو 200 جندي فقط، وفق تقرير صحفي لموقع «سي أن أن» العربي. وكان من المعتاد أن يشارك أكثر من 1000 جندي أميركي في هذه التدريبات التي تحظى باهتمام إعلامي محلي كبير.
ويؤكد مسؤولون ومحللون مصريون وأميركيون أن «النجم الساطع» تشير إلى أهمية العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وواشنطن. ويقول الناطق العسكري المصري إن التدريب يعد من «أهم التدريبات المشتركة للقوات المسلحة المصرية والأميركية، بما يعكس عمق العلاقات ومستوى التعاون العسكري بين القوات المسلحة لكلا البلدين، كما يأتي استمرارا لسلسلة من التدريبات المشتركة التي تنفذها القوات المسلحة مع العديد من الدول الشقيقة والصديقة».
ويأتي الإعلان عن التدريبات بعد أسابيع قليلة من حجب وتعليق مساعدات أميركية لمصر تبلغ قيمتها 290 مليون دولار، وهو ما يشير إلى أن قلب العلاقات المصرية الأميركية، متمثلا في الجزء العسكري والأمني منها، مازال صلباً، ويحظى باهتمام كبير من دوائر الحكم الأميركية.