قرار التأجيل مهّد الطريق للرئيس السنغالي الذي كان من المفترض أن تنقضي مدة ولايته مطلع أبريل للبقاء في منصبه إلى حين تنصيب خلفه، على الأرجح عام 2025، وهو أمر يتخوف بعض المراقبين من أن يشكل أزمة سياسية مثل تلك التي عرفتها البلاد منذ ثلاث سنوات.

كيف بدات الأزمة

بدأت الأزمة مطلع الأسبوع الجاري، بعد القرار المثير للجدل والذي صوت عليه نواب الجمعية الوطنية في السنغال بالإجماع، تم بموجبه تأجيل الانتخابات الرئاسية إلى ديسمبر القادم.

واقتحمت قوات الأمن السنغالي مجلس البرلمان وأخرجت بعض النواب المعارضين بالقوّة، وهو ما يعني بالتالي أنهم لم يتمكنوا من الإدلاء بأصواتهم.

وأفادت المعارضة السنغالية بأن البلاد احتُجزت “رهينة” ونددت بالخطوة على اعتبارها “انقلابا دستوريا”.

وقال الرئيس ماكي سال إن تأجيل الانتخابات ضروري بسبب الخلاف حول قائمة المرشحين وما أثير عن وجود فساد داخل الهيئة الدستورية التي تتعامل مع قائمة المرشحين.

تحرك الشارع السنغالي

خرج العديد من سكان العاصمة داكار إلى الشارع للتنديد بالقرار، الذي وصفوه بالجائر، وطالبوا الرئيس ماكي سال بالعدول عنه، معتبرين بأن هذه الخطوة لم تعد سوى فرصة للتحضير لعملية انتقالية وتعيين وريث مناسب.

وقطعت السلطات الإنترنت عن الهواتف الذكية في دكار الاثنين مبررة الخطوة بانتشار “رسائل تحض على الكراهية والتخريب” على وسائل التواصل الاجتماعي، قبل أن تعيد الخدمة صباح اليوم الأربعاء.

ونددت  أحزاب المعارضة السنغالية بالخطوة التي أقدم عليها الرئيس سال ، واصفة إياها بالانقلاب على الشرعية السياسية في البلاد.

ودعت الأحزاب المعارضة أنصارها إلى الخروج  للشارع والتظاهر للتعبير عن رفضهم للقرار، مطالبين المجتمع الدولي بالوقوف مع الشعب السنغالي والتدخل للضغط من أجل إجراء الانتخابات في وقتها المحدد.

ردود فعية دولية

اعتبرت الخارجية الأميركية أن التصويت لإرجاء موعد الانتخابات الرئاسية في السنغال إلى ديسمبر “لا يمكن أن يعتبر شرعيا”، بعدما أدخلت الخطوة الدولة غرب الإفريقية التي تنعم بالاستقرار عادة في أسوأ أزمة تشهدها منذ عقود.

ويعد رد الفعل الأميركي الثلاثاء الأهم حتى اللحظة الذي يصدر عن واحدة من أبرز حلفاء السنغال الدوليين، بعدما أثار تأجيل الانتخابات المقررة في 25 فبراير القلق في الداخل والخارج.

ودعت الخارجية الأميركية الحكومة السنغالية أيضا إلى احترام حرية التجمع والتعبير السلمي بما في ذلك للعاملين في مجال الإعلام.

وانتقدت كل من فرنسا وألمانيا ودول أخرى في الاتحاد الأوروبي، فضلا عن بعض الدول الأعضاء في المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا “إيكواس” قرار تأجيل الانتخابات الرئاسية”.

وحثت “إيكواس” الساسة في السنغال على اتخاذ إجراءات عاجلة لمعاودة وضع جدول زمني للانتخابات يتماشى مع الدستور.

وأضافت إيكواس في بيان أنها تتابع الوضع بقلق، ودعت السياسيين والمواطنين إلى المساعدة في تعزيز السلام.

وتعد السنغال مثالا ديمقراطيا يحتذي به في إفريقيا، ولم يسبق أن شهدت انقلابا منذ نالت استقلالها عن فرنسا عام 1960. إلا الخبراء في الشأن الإفريقي يرون في قرار التأجيل الذي تأخذه ماكي سال بأنه قد يزيد من حدة التوتر والاحتقان، مما يدخل البلاد في دوامة قد لا تحمد عقباها.