تداولت وسائل إعلامية خبراً بارزاً كجرس إنذار يدق ناقوس الكرة الأرضية يحوي في طياته تهديداً خطيراً لعدد من الدول حول العالم.
حيث نشرت مجلة «ناشيونال غيوغرافيك» الأمريكية تقريرا حول ما وصفته بـ «التهديدات التي قد تواجه كوكب الأرض» وحذرت من أنه مع استمرار استخدام «الوقود الأحفوري» وتفاقم ظاهرة «تغير المناخ»، سيؤدي إلى زيادة «الاحترار العالمي» (زيادة درجات الحرارة حول العالم)، مما قد يؤدي إلى ذوبان كل الجليد في القطبين وعلى قمم الجبال.
وفي تلك الحالة، سيتعرض كوكب الأرض لكارثة عظمى، لأن مستوى سطح البحر سيرتفع بنحو 216 قدما فجأة وبدون سابق إنذار، وسيخلق «عالما» جديدا ببحار وشواطئ وسواحل جديدة.
أفريقيا
سيؤدي ارتفاع الأرض مع ارتفاع درجة الحرارة في قارة أفريقيا إلى عدم صلاحية بلاد كثيرة بها للسكن، حيث إنها تقع على خط الاستواء الذي ترتفع عنده الحرارة إلى ذروتها.
وتقول تقارير جغرافية أن أبرز الدول التي ستتأثر بارتفاع مستوى سطح البحر، هي دولة جمهورية مصر العربية وبالأخص مدينتي القاهرة والأسكندرية اللتان ستختفيان من الخريطة بالكامل لتفقد مصر نصف مساحتها تقريبا».
أمريكا الشمالية
أما ساحل المحيط الأطلسي سيختفي بأكمله، حيث سيشمل فلوريدا وتلال سان فرانسيسكو التي ستتحول إلى مجموعة من الجزر، غير أنه لن يكون هناك مدينة باسم «سان دييغو» على الإطلاق حيث إنها ستُمحى من الخريطة بالتمام.
أمريكا الجنوبية
سيؤثر ذوبان الجليد والارتفاع الهائل في درجات الحرارة إلى اختفاء معظم المساحات في العاصمة الأرجنتينية بيونس آيرس، وأوروغواي أيضاً مهددة بأسرها بخسارة معظم مساحتها، خاصة وأنها دولة ساحلية.
أوروبا
أما في أوروبا فستصبح مدن «لندن» في بريطانيا و «البندقية» (فينيسيا) في إيطاليا في عداد الدول المختفية وستعتبر سراب ودرباً من دروب الماضي، بعد زحف البحر الأدرياتيكي عليهما.
كما أن هولندا والدنمارك سيفقدان معظم مساحتيهما، وسيتوسع بصورة كبيرة البحر الأسود وبحر قزوين.
آسيا
تهدد الحرارة العالية والذوبان الجليدي بغرق حوالي 600 مليون صيني حيث الفيضانات العارمة التي ستغرق القارة.
وسيشمل ذلك بنغلاديش والهند، وستتحول كمبوديا إلى جزيرة صغيرة.
أستراليا
يفيد التقرير في ترجيحاته الجغرافية آن المناطق الصحراوية في القارة الاسترالية ستكون الملجأ الآمن لسكانها، خاصة وأنها ستكتسب بحرا داخليا جديدا، بعدما تفقد الشريط الساحلي الضيق، الذي يعيش فيه أربعة من أصل خمسة أستراليين الآن.
أسباب تغير ملامح الكرة الأرضية
إن السبب الرئيسي في ذوبان الجليد وغرق الأرض وخلق عالم جديد هو الاحتباس الحراري.
ذلك الذي يُعرف على أنّه ارتفاع تدريجي في درجات الحرارة في الطّبقة السفلى من الغلاف الجوّي للأرض خلال آخر مائة إلى مائتي عام، وذلك نتيجة الارتفاع في انبعاث الغازات الدّفينة (المعروفة أيضاً بغازات البيت الزجاجي) مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان والعديد من أنواع الغازات الأخرى.
وتشير الدراسات المتوافرة حالياً، والتي يُجمع عليها معظم علماء المناخ في كافَّة أنحاء العالم، إلى أن درجة حرارة كوكب الأرض ارتفعت بين سنتي 1880 و2012 ما يُعادل 0.9 درجة مئوية، وتشير الدراسات التي تعود إلى ما قبل بدء الثورة الصناعية كلّها – أي ما قبل سنة 1750
والسبب الأكثر أساسية في وقوع الاحتباس الحراري، حسب اعتقاد العلماء حالياً، هو انبعاث الغازات الدفيئة إلى مناخ الأرض. فالنشاط الصناعي والتجاري الذي يُمارسه الإنسان، ونمط حياة البشر بصُورة عامة، يتسبَّبان بتغيير نسبة الغازات المتواجدة بصورة طبيعية في غلاف الأرض الجويّ. الأثر الأبرز الذي يحدثه الإنسان بهذا الصَّدد هو رفع نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون عن مستواها المعتاد بدرجةٍ كبيرة جداً، وكذلك غاز الميثان وبخار الماء وأكسيد النيتروجين. تُصنَّف جميع هذه الغازات ضمن فئة تعرف بالغازات الدفيئة، والسبب في تسميتها هذه هي قدرتها الكبيرة على امتصاص الحرارة. يسمى الأثر السيء الذي تحدثه الغازات الدفيئة على المناخ ظاهرة (البيت الزجاجي). وتحدث هذه الظاهرة عندما تصل أشعة تحمل ضوء وحرارة الشمس إلى غلاف الأرض الجوي، فبعد أن تصل أشعة الشمس إلى الأرض تمتصّ التربة والصخور والأشجار نسبة منها بصورة طبيعية، مما يُؤدّي إلى تسخين سطح الأرض. لكن نسبة كبيرة منها تنعكسُ عائدةً إلى الفضاء الخارجي، مما يُؤدّي إلى تبريد الأرض. فعلى سبيل المثال، الجليد أبيض اللون قادرٌ على امتصاص 20% فقط من أشعة الشمس الواقعة عليه، وأما الباقي فيعكسه نحو السماء، بينما مياه المحيط – من جهة أخرى – تمتصّ 90% من الضوء الواقع عليها، ولا تعكسُ سوى 10٪.
المشكلة التي تُحدثها الغازات الدفيئة هي أنها تمتصّ 90 في المائة من حرارة أشعة الشمس المُنعكسة عن سطح الأرض، وبالتالي، يتم حفظ كل الطاقة الحرارية للشمس ضمن غلاف الأرض الجوي، ويتسبَّبُ هذا ارتفاعٍ شديد في درجة الحرارة.
مؤشرات التغيّر
يحتوي الغلاف الجوي للأرض على 280 جزء بالمليون من غاز ثاني أكسيد الكربون بصورة طبيعية، وغاز ثاني أكسيد الكربون من أهمّ الغازات الدفيئة التي تدخل في ظاهرة الاحتباس الحراري.
كانت تبلغ هذه النسبة قبل الثّورة الصناعيّة ما يقارب 275 جزء بالمليون، وفي الحقيقة فإن هذه النسبة لم تتجاوز حدود 180-280 جزء بالمليون طوال آخر ثمانمائة ألف عام من التاريخ الجيولوجي للكرة الأرضية. إلا أنَّ كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي ارتفعت بدرجة غير مسبوقة منذ عهد الثورة الصناعية وحتى الزمن الحاضر، حيث قدّر علماء في سنة 2013 أنها وصلت إلى 400 جزيء بالمليون، وهي نسبة لم يصلها هذا الغاز في الغلاف الجوي لأيّ مرة منذ أكثر من ثلاثة ملايين سنة.
وتظهر دراسات إحصائية أن 97% على الأقل من علماء المناخ في العالم مُتفقون الآن على أن الاحتباس الحراري هو حقيقة واقعة تؤدي حالياً إلى ارتفاع حرارة الأرض، وأن السبب الغالب ورائها هو عبث الإنسان بالبيئة.
ويتسبّب الاحتباس الحراري في ذوبان الجليد والثلوج الموجودة على قمم الجبال وفي القطبين، مما سوف يؤدي إلى ارتفاع منسوب البحار العالمي عدة أمتار، وغرق مدن ساحلية عملاقة في أنحاء العالم.
وسيتسبّب أيضاً في حدوث تداخل واختلالات في فصول السّنة وارتفاع شديد في درجات الحرارة في الصيف أو معدلات هطول الأمطار بأوقات معينة من السنة، وسيؤدي هذا إلى وقوع فيضانات غير مسبوقة وانتشار العديد من الآفات ودمار الكثير من المناطق الزراعية، كما قد تتأثر الثروة السمكية، وتنخفض كميات الطعام المتاحة للبشرية كثيراً. وانقراض أعداد هائلة من الحيوانات والنباتات كنتيجة لدمار الغابات المطيرة والشعاب المرجانية وغيرها من الأنظمة البيئية التي لا تستطيعُ تحمل الحرارة المرتفعة.
حلول مقترحة
لتقليل خطورة الاحتباس الحراري توجد أنواع وفئات عديدة من الحلول المقترحة لمجابهة الاحترار العالميّ، من أهمّها:
1- استخدام الطّاقة المتجددة:
تُعَدُّ الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية، والمائية، وطاقة الرياح، والطاقة النووية، فاستهلاك الطاقة من أهم مصادر حرق الوقود الأحفوري وانبعاث الغازات الدفيئة، والحصول على مصادر نظيفة لها سوف يُخفّض هذه الانبعاثات كثيراً.
2- تقليل استهلاك النفط:
من أهم الوسائل التي ستساعد في تقليل الاحتباس الحراري، زيادة كفاءة وسائل النقل والمواصلات، حيث يتم اختراع محرّكات وآلاف تستهلك كمية أقل من الوقود لقطع مسافات أكبر، وبالتالي تنخفض انبعاثات الغازات الدفيئة للغلاف الجوي.
3- زيادة المساحات الخضراء:
من العوامل الهامة للتقليل من خطورة غاز ثاني اكسيد الكربون زيادة المساحات الخضراء حول العالم، حيث تستطيع الأشجار أن تحتفظ داخلها بنسبة من غاز ثاني أكسيد الكربون في المناخ، وبالتالي تقلّل ثاني أكسيد الكربون الموجود في الجو وتعمل كمضاد مُباشر للاحترار العالمي. كما أنها تعطي أثراً معاكساً لقطع وتدمير الغابات، الذي يُساهم حالياً بـ30% من انبعاثات الغازات الدفيئة عالمياً.