يشير ألكسندر شاركوفسكي، في مقال نشرته “نيزافيسيمايا غازيتا”، إلى أن القضاء التام على “داعش” قد يصبح بداية لاندلاع حرب جديدة أوسع نطاقا.
إن المعلومات الواردة مؤخرا من سوريا متناقضة، حيث من جانب تلاحَظ تغيرات إيجابية في العمليات، التي تقوم بها القوات الحكومية السورية (بدعم من القوة الجو-فضائية الروسية) والوحدات الكردية (المدعومة من التحالف الدولي) ضد “داعش”، ومن جانب آخر تقترب اللحظة التي ستختفي عندها المنطقة العازلة، التي تمثلها “داعش”، بين القوات المدعومة من جانب موسكو وتلك المدعومة من جانب واشنطن، لتظهر حالة غامضة.
وهذه الحالة ستمنح الوحدات الكردية وتشكيلات المعارضة السورية، التي تقف خلفها واشنطن والتحالف الدولي، فرصة حقيقية لمهاجمة مواقع قوات الأسد. وفي هذه الحالة ستصبح القوات الروسية تلقائيا معرضة لهذا الهجوم.
فهل ممكن ذلك الخيار، عندما تمتنع قوات المعارضة السورية وقوات التحالف عن القيام بأعمال حربية ضد دمشق الرسمية؟ حاليا هناك علاقات ودية بين الوحدات الكردية وموسكو، وهذا مهم لأن هذه الوحدات ذات قدرات قتالية عالية من بين جميع أطراف المعارضة السورية. بيد أن الحديث يدور عن حماية منطقة الحكم الذاتي الكردية. أي أن هذه الوحدات ستوجه فوهات أسلحتها ضد دمشق في حال تعرضها للخطر. وفي هذه الحالة لن يكون ممكنا تجنب تقسيم سوريا وتفككها كدولة. وهذا يعني استمرار المعارك بين الأطراف التي يطمح كل منها إلى السيطرة على مناطق أوسع. فالكرد يطالبون بشمال سوريا، لكن أنقرة تعارض هذا الأمر بشدة، وقواتها تسيطر حاليا على جزء من شمال سوريا، حيث قسمت المنطقة إلى قسمين، وهذا دليل على أن الحرب ستستمر إذا لم تنسحب القوات التركية.
كما أن لإيران وإسرائيل مصالح جيوسياسية في المنطقة، وهذه المصالح متعارضة تماما. والسعودية وجامعة الدول العربية السنية ستسعيان بدورهما للسيطرة على الجزء الأكبر من سوريا تحت ذريعة أن غالبية سكانها من السنة. وهذه الحقائق تعني تعذر تجنب استمرار الحرب بعد القضاء على «داعش».
وقد أعربت إيران قبل فترة عن استعدادها للحوار مع الدول السنية، ولكن ليس معلوما حتى الآن إلامَ ستؤدي هذه الخطوة. أما إسرائيل فموقفها ثابت لم يتغير. وهنا يطرح السؤال نفسه: هل ستبقى موسكو على موقفها في الظروف الجديدة، أم أن عليها تغيير سياستها في المنطقة؟ وتكمن المسألة في أن إيران في المستقبل ستنافس روسيا بقوة في سوق الكربوهيدرات. كما أن إيران كدولة إسلامية بعيدة عنا إيديولوجيا. ليس لأن غالبية سكان روسيا مسيحيون أرثوذكس وإيران دولة شيعية، وأن نسبة الشيعة بين مسلمي روسيا صغيرة. لقد أوضحت طهران عدة مرات أنها تنتهج سياسة خارجية تصب في مصلحتها فقط، وهذا ما يجب أن يقلق موسكو. وبالنظر إلى كل هذه الحقائق، أليس من الأفضل لموسكو بناء علاقات برغماتية مع طهران؟
ومن جانب آخر، قد يساعد التقارب مع إسرائيل روسيا على تسوية العديد من المشكلات بما فيها العلاقات مع الغرب.
يقول رجل الدولة الإسرائيلي الشهير، الخبير في الشؤون العسكرية-السياسية ياكوف كدمي، في تصريح إلى الصحيفة، بشأن تطور علاقات التعاون بين موسكو وتل أبيب، إن مصالحنا متشابهة في المنطقة.
فروسيا تريد أن تكون سوريا دولة علمانية مستقرة موحدة، يكون فيها للمعارضة دور سياسي، بشرط تخليها عن الصراع المسلح مع السلطة، وطرد التشكيلات المتطرفة كافة إلى خارج سوريا. كما تنوي روسيا الاحتفاظ بقاعدتي طرطوس وحميميم لضمان وجودها في حوض البحر الأبيض المتوسط.
وإسرائيل تريد أن تبقى سوريا موحدة مستقرة، لكن من دون قواعد عسكرية إيرانية. كما أنها ضد تعاون سلطات دمشق مع «حزب الله» اللبناني. وإسرائيل لا تنوي احتلال قطاع غزة بسبب حركة «حماس»، بل على العكس من ذلك تحاول الاتصال بالجناح السياسي للحركة.

Loading

اترك تعليقاً

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com