بقلم بيار سمعان

داعش او دولة الاسلام في العراق وبلاد الشام يطلق عليها بالانكليزية تسمية ISIS. يحيط هذا التنظيم الكثير من الغموض ونشر العديد من النظريات حوله.

قيل انه جاء كردة فعل طبيعية من قبل المجموعات السُنّية التي استاءت من تبدل الواقع السياسي في العراق بعد الاطاحة بصدام حسين وهيمنة الشيعة على زمام الامور وسيطرتهم على القرارات السياسية في البلاد وحرمانهم من أية صلاحيات مما دفع هؤلاء الى التجمع والتدريب وتأسيس خلايا قتالية لاستعادة الحقوق المسلوبة من يد السُنَّة.

واستفاد هؤلاء من الأوضاع المتأزمة في سوريا ليدغدغوا مشاعر بعض السُنَّة هناك بعد ان هيمنت أقلية علوية في بلاد الشام على الحكم واستفادت من خيرات البلاد لصالح 20% من سكان سوريا، بل حصرت في عائلة الأسد وأقاربهم.

وطرح آخرون نظرية اخرى أعادوها الى فشل السياسة الامريكية في اقامة نظام ديمقراطي يوازي بين المواطنين ويحفظ حقوق الاقليات الدينية التي تكوِّن المجتمع العراقي. ويستند هؤلاء الى دعوات سابقة رددتها الادارة الامريكية ايام ولاية جورج بوش الابن عندما تعهد باقامة انظمة ديمقراطية في منطقة الشرق الاوسط، تفصل الدين عن الدولة وتحترم الحريات الفردية على أنواعها، من حرية الرأي الى حرية المعتقد والحرية السياسية وتحمي حقوق الانسان وتعيد للشعب حق تقرير مصيره…

وادعى آخرون ان ظهور تنظيم داعش جاء كردة فعل طبيعية لخيبة الامل الكبيرة التي جاءت نتيجة فشل الشرق والغرب معاً في معالجة القضايا الجوهرية الاساسية وفي طليعتها القضية الفلسطينية، فالمسلمون حاولوا سابقاً الاتكال على الغرب الاوروبي ولم يجدوا سوى الاستغلال، ثم منحوا الولايات المتحدة كل ثقتهم فحصدوا المزيد من خيبات الامل والتحيز لاسرائيل وللانظمة العربية الفاسدة والمتسلطة وحاولت بعض الدول الاسلامية الاعتماد على الاتحاد السوفياتي ليكتشفوا ان حدود مصالحهم المشتركة يقف عند ابواب القدس ومصلحة بقاء وحماية اسرائيل…

هذه الخيبات دفعت مجموعة سنية للعودة الى الجذور الاسلامية والى التاريخ الاسلامي والاقتداء بحقبات تاريخية شهدت إزدهاراً وتمدداً جغرافياً… فالعودة الى الجذور الاسلامية قد تؤسس لاقامة خلافة اسلامية جديدة تعيد للمسلمين كرامتهم وامجادهم، وقد تكون مقدمة لاستعادة الاندلس وغزو اوروبا “الكافرة” والملحدة، وفرض الدين الاسلامي كدين إلهي وحيد، كونه يجمع في طروحاته وعقيدته الديانات السماوية الاخرى، أي اليهودية والمسيحية في الاسلام.

ويبدوا منذ الوهلة الاولى ان فكرة اقامة “دولة الخلافة” لاقت تأييداً من قبل مجموعات سنية محلية، كما طابت للعديد من الشبان المسلمين في العالم، فهبوا للقتال في صفوف قوات داعش تحقيقاً لهذا الحلم السياسي الديني، وجمعوا الاموال والتبرعات لدعم المجهود الحربي.. وشكلت ظاهرة “المقاتلين الاجانب” مصدر قلق للحكومات الغربية، إذ يؤسس هؤلاء عاملاً داعماً للارهاب عند عودتهم من الشرق الاوسط.

  • من هو تنظيم ISIS؟

في أواخر 2014 وخلال مؤتمر صحفي ضم مراسلين من جميع أنحاء العالم، سأل صحافي امريكي الزعيم الروسي فلاديمير بوتين حول تنظيم ISIS (داعش)، فرد بوتين متسائلاً: من يدعم هذا التنظيم ويمده بالسلاح؟ ومن يدعم جميع القوات التي تحارب الرئيس السوري بشار الاسد؟ ومن يخلق الاجواء الملائمة لعمل هذه التنظيمات ومن يدفع الى وصول الاسلحة الى المنطقة ويضمن استمراريتها؟ وتساءل بوتين مع الاعلاميين قائلاً: أحقاً لا تدركون لصالح من يجري هذا القتال في سوريا؟ ومن هي العناصر التي تشارك في الحرب الدائرة هناك؟ معظمهم من المرتزقة يتلقون الاموال وهم على استعداد للقتال لصالح أي فريق يدفع لهم اجورهم. فلماذا تقوم الولايات المتحدة وسواها بتسليحهم ودفع أجورهم. وأنا اعلم كم يتقاضون. يقاتلون ويستولون على آبار النفط في سوريا والعراق ويبدأون بتصدير البترول. فمن يشتري النفط منهم؟ أتعتقدون ان الولايات المتحدة لا تعلم من يشتري النفط من هؤلاء؟ أليست الدول المستوردة للنفط هي حليفة لهم وللولايات المتحدة أيضاً؟ فلماذا لا تمارس ضغوطات على حلفائها لعدم التعامل معهم؟ أو بالواقع لا ترغب ان تمارس أية ضغوطات عليهم؟

وتساءل بوتين لماذا لا تقدم الولايات المتحدة على ضرب داعش (ISIS)، خاصة في المناطق التي يوجد فيها آبار النفط الذي تستخرجه وتبيعه لدفع اجور المرتزقة؟ ووصف بوتين السياسة الامريكية انها سياسة هواة تخلو من الموضوعية المهنية. تدعي الولايات المتحدة انها تسلح قوات الجيش السوري المعارض للاسد. لكن بالواقع هؤلاء ينتقلون مع أسلحتهم الى صفوف ISIS لانهم يتلقون أجوراً عالية، ألا يفكر السياسيون الامريكيون بما سيحدث في الغد؟

نحن نعتقد ان سياسة الادارة الامريكية مسيئة لكل اطراف النزاع ومن ضمنهم الولايات المتحدة التي يتوجب عليها ان تراعي مصالح الدول الاخرى كما تهتم بمصالحها.

هكذا يبدو جلياً ان بوتين يتهم مباشرة الولايات المتحدة برعاية ودعم واستمرارية هذا التنظيم الارهابي وهي تعمل مع حلفائها على احتوائه دون القضاء عليه.

  • حقيقة ISIS ؟؟

عند انطلاق تنظيم داعش (ISIS) فرح بعض المسلمين ورأوا في هذه الظاهرة استعادة للقرار السياسي السني ووضع الحجر الاساسي لبناء دولة الخلافة.

لكن البعض امتعض من الاعمال الوحشية التي كانت تمارس باسم الله والدين. وللأسف الشديد منعت التراكمات التاريخية والعداوات المذهبية وغياب المرجعية الدينية الموحدة من اتخاذ موقف اسلامي موحد حيال هذه الظاهرة. وقد يفاجأ البعض عندما يدركون حقيقة تنظيم (ISIS) الذي يساهم يوماً بتشويه صورة الاسلام والمسلمين ويقضي على حضارات تعود عمرها الى آلاف السنين, ويساهم هذا التنظيم بسفك دماء العرب المسيحيين والمسلمين والعمل على إفراغ المنطقة من سكانها الاصليين.. واللائحة لا تنتهي.

  • فمن هو بالواقع تنظيم داعش (ISIS) ؟؟

تنظيم داعش يتخذ مظهراً اسلامياً لكنه ليس مسلماً في ممارساته وأهدافه وتكوينه وادارته وسياسته البعيدة. وخطأ المسلمين أنهم وقفوا متفرجين أو لا مبالين وأحيانا داعمين له، رغم الإساءات والأضرار التي يسببها للمسلمين والمسيحيين والاقليات في الشرق الاوسط والعالم.

لنتوقف عند الحقائق اللافتة التالية:

هل استخدم العرب كلمات مختصرة كرموز الى تسميات ما؟ نادراً ما حدث ذلك. فمنذ انطلاق تنظيم دولة الاسلام جرى استخدام كلمتين”داعش” بالعربية و ISIS بالانكليزية. وانتشرت الكلمتان في وسائل الاعلام العالمي، وزادت الامور غموضاً.

فلماذا تستخدم دولة الاسلام كلمات مختصرة بالانكليزية لتنشر رسالتها بين مكونات اجتماعية تتحدث العربية، رغم كون الكلمة المستخدمة ISIS سهلة الاستعمال والحفظ رغم الابهام ومحاولة تأويلها على انها دولة الاسلام في العراق والشام…؟؟

فما حقيقة هذه التسمية وهل من تنظيمات أو دول أخرى تستخدمها أيضاً؟ ربما قد يفاجأ البعض عندما يعلمون للمرة الاولى ان تنظيم المخابرات السرية الاسرائيلية “موساد” يستخدم نفس التسمية في تواصله مع الدوائر الحكومية في الخارج. الصحفي الامريكي المستقل، براين لامب Brian Lamb صاحب المؤسسة الاعلامية C-SPAN استضاف اعلاميين اسرائيليين ينتميان “لمنظمة الانسانية المتحدة ضد الاشكيانزي” (HUA) Humanity United against Ashke Nazi وهس مؤسسة عالمية من ضمنها يهود ضد الصهيونية تدعو الى توحيد القوى والطاقات البشرية لتغيير مجرى الاوضاع السياسية الرديئة والمنحى المرعب للحروب والاضطهاد في العالم. وتؤمن بقوة الشعب وليس بتسلط أقلية ضئيلة على مصير الشعوب.

باختصار ما صرح به أحد الاعلاميين الباحثين Dan Raviv انهما أمضيا أشهراً ينقبان عن سر تسمية داعش ISIS. وتبين لهما ان منظمة الموساد تستخدم نفس التسمية ISIS في اتصالاتها مع مؤسسات استخباراتية أخرى مثل CIA وسكوتلاند يارد وغيرها. فجرى استبدال كلمة موساد العبرانية بالتعبير الموجز ISIS إي Israeli Secret Intelligence Service. فهل ما يصرح به الكاتبان هو صحيح أم انه مجرد كذبة أخرى؟ وهل من دلائل وبراهين اضافية تثبت هذا الادعاء؟

بالطبع يوجد اكثر من دليل على صحة هذا الادعاء يؤكد ان تنظيم ISIS هو ابتكار اسرائيلي ويعمل لتحقيق اهداف اسرائيل في المنطقة. وهذه بعض الادلة:

  • أبو بكر البغدادي زعيم داعش ومرشدها الروحي هو إسرائيلي ويدعى شيمون اليوت (Shimon Elliot) كان يعمل ممثلاً، قامت المخابرات الاسرائيلية بتجنيده وتدريبه عسكرياً وفي عالم التجسس والحرب النفسية. درس العربية والاسلام وحفظ الآيات القرآنية الملائمة لدوره. وكان ادوار سنودن العميل السابق لـCIA قد أعلن عن ذلك سنة 2014. وتمكن اعلاميون من الحصول على صور للبغدادي مع قادة امريكيين مثل السيناتور جان مكاين الذي التقى به في الولايات المتحدة أكثر من مرة وخلال زيارة لسوريا قبل الاعلان عن تنظيم داعش.
  • قادة داعش اسرائيليون.

قد يفاجأ البعض عندما يدركون ان أهم قادة تنظيم ISIS الاساسيين هم بالواقع اسرائيليون، وهذه بعض الاسماء البارزة.

  • آدم يحيى عزام- إسمه الحقيقي Adam Pearlman وتبين ان عائلته لعبت دوراً هاماً مع النازيين خلال الحرب العالمية الثانية.
  • يوسف الحطاب الذي لعب دوراً هاماً مع تنظيم القاعدة وهو الآن احد قيادي داعش. إسمه الحقيقي Joseph Collin وهو اسرائيلي آخر واللائحة تطول.

وتتعاون الـCIA مع الموساد على انتاج افلام الفيديو الخاصة بالاعدامات التي تنفذها عناصر من داعش، خاصة ما يتعلق بذبح رهائن اجانب مثل الاعلامي الامريكي جايمس فولي على يد الجهادي (جون). كانت العملية مجرد تمثيلية مصورة. أما ذبح الرهائن العرب من المسيحيين ومسلمين فقد كانت حقيقية وبشعة.

  • النقطة الثالثة تتعلق بموقف تنظيم ISIS من اسرائيل اذ لم تقدم منظمة داعش على الاطلاق أية بيانات ضد اسرائيل وهي العدو الاول للعرب والمسلمين. وفضلت داعش توجيه عناصرها الى دول اوروبية لا علاقة لها بالنزاعات القائمة في الشرق الاوسط، مثل فرنسا ويجرى فيها عمليات ارهابية، بينما تنعم اسرائيل بالامن والاستقرار.

 

  • اسرائيل تعالج مقاتلي داعش والمعارضة السورية.

هذه الحقيقة  لم تعد سراً. فقد سجل اعلاميون لقطات مصورة وأجروا لقاءات مع مقاتلين من قوات داعش والنصرة والمعارضة السورية، تقوم فرقة اسرائيلية خاصة بنقلهم في سيارات اسعاف تابعة للقوات الاسرائيلية من الحدود السورية الاسرائيلية في الجولان وتقدم لهم الرعاية الطبية قبل ان يعودوا مجدداً للقتال وسمحت شهر اكتوبر الماضي اسرائيل للاعلاميين بتصوير عمليات نقل الجرحى العرب تحت شعار المساعدات الانسانية. وكشف اعلاميون ان 90% منهم هم من فئات الذكور الراشدين ومن المقاتلين ضد النظام السوري.

  • لماذا تنظيم ISIS ؟

منذ حرب تشرين بين اسرائيل والعرب وحرب سنة 2006 ضد حزب الله لم تدخل اسرائيل في أية حرب، بل اعتمدت اسلوب عمل مختلف:

الاول يقضي باستخدام قوات دولية اجنبية لتدمير اعدائها، كما حصل في حرب افغانستان والحرب على العراق. أما الاسلوب الثاني فيقضي بدفع اعدائها الى الاقتتال. وهذا ما يجري الآن في سوريا والعراق واليمن وما يحدث في مصر وليبيا وقد يحدث في بلدان أخرى.

ومع تنظيم داعش الذي تسعى قوات الائتلاف على استيعابه كما قال الرئيس الامريكي دون القضاء عليه، أي تحديد ميدانه القتالي، وتوجيه تحركاته الارهابية واستخدامه لتنفيذ عمليات ارهابية حيثما يشاؤون. ضمن هذه الاجواء ومع وجود قيادة اسرائيلية تدعي الاسلام نشهد يوماً بعد يوم ان هذا التنظيم يهدف بإيجاز الى تغيير الواقع الجغرافي والديمغرافي والاقتصادي والعسكري في الشرق الاوسط، ودفع الدول العربية الى انفاق ثرواتها الطائلة على الدمار وليس البناء.

هنري كيسينجر

اختم مع تصريح خطير لوزير الخارجية السابق للولايات المتحدة هنري كيسينجر لصحيفة الدايلي سكوب عندما أعلن صراحة… “اننا سوف نقتل كل مسلمي العالم في الحرب القادمة (الثالثة)، ولا مكان للدقون بعد اليوم، وسنخلق عالماً جديداً للتطور فقط. وسوف نقضي نحن واسرائيل على ايران التي ستكون النعش الاخير للاسلام بعد ان تخيّلت انها تعافت وأصبحت قوية. لكن هذا هو مجرد وهم. هم والسنّة سوف يقتلون الواحد الآخر، والباقي منهم سوف ندمرهم. وسوف نحتل 7 بلدان عربية وأهمها مصر. لقد بدأنا مخططنا في التنفيذ. ستسقط مصر وسوريا وليبيا والعراق والسعودية والكويت ولبنان والبحرين… نحن في حاجة الى موارد هذه الدول وربما نأخذ كل الدول العربية. فهم كالاصنام لا يفقهون أو يفهمون أو يسمعون ما يدور حولهم.. وانا سعيد بما حققناه حتى اليوم، ولم يبق أمامنا سوى خطوة واحدة، وهي ضرب ايران عندما تتحرك الصين وروسيا من غفويتهما وسيكون الانفجار الكبير والحرب الكبرى التي لن تنتصر فيها سوى قوة واحدة هي اسرائيل وامريكا. وسيكون على اسرائيل القتال بما أُوتيت من قوة وسلاح لقتل اكبر عدد ممكن من العرب واحتلال نصف الشرق الاوسط. وسندوس باقدامنا على العرب والروس وايران. وتصبح اسرائيل وامريكا القوة الوحيدة المحركة للعالم”.

أدعو جميع العرب والمسلمين بنوع خاص أن يعيدوا حساباتهم، خاصة بالنسبة لتنظيم داعش، فهو مجرد لاعب صغير ضمن مخطط كبير..

والشاطر يفهم..

 

Loading

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com