كون الرجل رأس المرأة فهذا لا يعني أنه هو الملك وهي العبد كما يظن بعض الرجال وإنما كلمة رأس جاءت في اللغة اليونانية «كافالاي» وتعني العقل المتزن أو الاتزان العقلي، معنى هذا أن الرجل يمثل الاتزان العقلي بالنسبة للمرأة وهذا لا يعني أنها معدومة العقل أو ناقصة العقل كما يدعي البعض .. كلا.. بل أراد الله أن يميز كل من الرجل والمرأة بأشياء مختلفة ليس لأن الله عنده محاباة ! حاشا .. بل ليحتاج كل من الرجل والمرأة إلى بعضهما البعض وليصبحا مكملان لبعضهما البعض، ليكون الرجل هو العقل والمرأة هي القلب وفسيولوجيا لا يمكن للعقل أن يستغنى عن القلب ولا يمكن للقلب أن يستغنى عن العقل فالقلب ينبض للعقل بالدم الذي يحتاجه ليمكنه أن يفكر حسناً وكذلك العقل هو الذي يقوم بنتظيم نبضات القلب حتى لا يتجلط فيه الدم فيتوقف، وبالتبعية إذا توقف أحدهما عن العمل توقف الآخر وإذا مات أحدهما مات الآخر ليس لأحدهما الاستغناء عن الأخر وليس أحدهما أهم من الآخر وليس احدهما له تسلط على الآخر وإنما الموضوع كله أنه إذا اتخذ العقل وظيفة القلب اختل توازن الجسم وانهار ومات وإذا قام القلب باتخاذ وظيفة العقل اختل توازن الجسم ومات أي أنه يجب أن يكون القلب قلب والعقل عقل.
وعلى هذا يكون الرجل هو العقل المفكر للبيت والقائد لعجلة الحياة في البيت وهو الذي يقود المرأة وينظم لها الأمور ليمكنها أن تنبض له بالحياة، فالمرأة هي نبض الحياة بالنسبة للرجل وهي التي تبعث فيه الهدوء والاتزان حتى يمكنه أن يفكر بالصواب، فإذا حدث خلاف بين الزوج والزوجة تجد الزوجة جافة لا تقوم بوظائفها الحيوية للبيت ولرجلها وبالتالي يصبح الرجل غير قادر على العمل وتجده مقصر في كل أمور حياته حتى في مجال وظيفته التي يعمل بها ولا تستقر الأمور معه ومعها إلا إذا تم التصالح بينهما، كذلك ومن جهة أخرى إذا اتخذ الرجل دور القلب وصار هو ممثل الحنان والرقة والنبض الأنثوي صار رجلا بلا شخصية وليس له قيمة في البيت واختل توازن البيت، وكذلك الحال إذا اتخذت المرأة درو العقل صارت جافة لم تنبض بروح الحياة والرقة والعطف بالبيت وأيضا يختل توازن البيت. لذلك يقول الكتاب الرجل رأس المرأة، أي الاتزان العقلي للمرأة، أي القائد الذي يستمد منها الحياة ليعمل باتزان، وليس لها علاقة بإلغاء شخصية المرأة على الإطلاق.
أما عن ما هو مكتوب في «1كو9:11» ((ولأن الرجل لم يُخْلَقُ من أجل المرأة بل المرأة من أجل الرجل))
فهذا أيضا لم يقلل من شأن المرأة على الإطلاق لسببين :
الأول لأن هذه الآية وردت في اليونانية «كاهي أوو أنير كتيدزو دياه هاي جوناي آل-لاه جوناي دوه هاي أنير» وتعني بالعربية لأن الرجل لم يبتكر من أجل المرأة بل المرأة أُبْتُكِرَتْ للرجل «أظن أن الآية أعلت من شأن المرأة الكثير حتى أن كل إمرأة عليها أن تفخر بنفسها لأنها امرأة، ذلك لأن المرأة لم تُخلَقُ بل تم ابتكارها وكلمة ابتكار تعني نوع من الفن الراقي، فالله قد تفنن في ابتكار المرأة فناً راقياً.
والسبب الثاني هو أن كون المرأة من أجل الرجل فهذا يعني أن المرأة بدونها يكون الرجل في منتهى التعاسة ونجد هذا واضحاً جلياً في «تك18:2» ((وقال الرب الإله ليس جيداً أن يكون آدم وحده . فأصنع له معيناً نظيره))
فالمرأة هي سر سعادة الرجل وهي فرحة قلبه وعزاءه وقت الحزن وراحة نفسه وقت التعب ولكن الرجل ليس عنده تلك الإمكانيات الموجودة في المرأة، فالرب قد زود المرأة بإمكانيات رائعة تعين الرجل على الحياة وتجعله يحب الحياة.
والآن نعود ونتحدث عن تكريم الزوج لزوجته ((معطين إياهن كرامة كالوارثات أيضاً معكم نعمة الحياة لكي لا تعاق صلواتكم))
وترد ترجمة كرامة في اللغة اليونانية الأصلية «تي-ماي» وتعني شرف وكرامة ورفعة ووقار كشيء نفيس نادر الوجود وليس مثله.
نعم! فمن أغلى عند الرجل من زوجته، لا أحد، إنها هي كل حياته وهي التي تمثل نصفه الآخر فكيف لا يكرمها ويحترمها، هذا إلى جانب أن احترام الزوج للزوجة يجعل الآخرين ممن هم داخل أو خارج البيت يحترمونها، أما عدم احترام الزوج لزوجته يجعل الآخرين يفقدون احترامهم لها بل ويحاول الأولاد التقلد بأبيهم فلا يحترمون أمهم ولا يقدرونها وبالتالي فهم لا يحترمونه هو أيضاً ذلك لأنها جسده، خاصته، كيانه، لذلك وجب على الزوج أن يعطي كرامة لذلك الكائن الرقيق الذي أبدع الله في صنعه، فإن لم يحترم الزوج زوجته فهو لم يحترم صنيع يدي الله الذي قد تفنن في صنعه، وبالتالي فهو لم يحترم الله ذاته حيث إنه لم يحترم صنعة يديه.

مفهوم حب الزوج للزوجة كجسده

«أف28:5-29» ((كذلك يجب على الرجال أن يحبوا نسائهم كأجسادهم ، من يحب امرأته يحب نفسه، فإنه لم يبغض أحد جسده قط بل يقوته ويربيه كما الرب أيضاً للكنيسة))
كيف يرضي الرجل امرأته؟
«1كو33:7»((واما المتزوج فيهتم في ما للعالم كيف يرضي امرأته))
ترى ماذا تعني كلمة «يرضي»؟ هل معناها يفعل أي شيء يرضيها مهما كان؟ أم تعني يخضع لها؟
إن كلمة «يرضي» جاءت في اليونانية «إيريسكو» وتعني يبحث عما يسعد» أي أن المطلوب من الزوج أن يبحث عما يسعد امرأته ويجعلها راضية بالحياة معه بقبول، وهل هناك ما يشغل الزوج سوى أن يجعل زوجته شريكة حياته سعيدة راضية في قلبها عن الحياة معه؟ إن الزوج الحقيقي الذي هو بحسب قلب الرب هو من يسعى جاهداً لإرضاء زوجته ولكن في الحدود التي ترضي الرب، أي أنه يرضي زوجته ولكن بحسب الكتاب وبحسب الرب، فكثيراً ما نجد الرجل في فترة الخطوبة يسعى جاهداً لإرضاء خطيبته وينهال عليها بالهدايا ويفكر أيام وأيام كيف يهاديها وكيف يرضيها وكيف يسعدها ليكسب قلبها، ولكن بعد الزواج وبعد أن يشعر أنه قد امتلكها لا يفكر في إرضاءها حيث إنه قد وصل إلى مأربه وتزوجها وإذا أراد منها الجنس في أي وقت لا يحتاج لأن يسترضيها حيث إن من وجهة نظره -ونظر أغلب المجتمعات- أن هذا حقٌ من حقوقهِ، ومن هنا نجد أن المرأة بدأت تشعر أنها لا تمثل عنده سوى جسد يمارس معه الجنس وقت إلحاح الغريزة الجنسية وأنها أم لأولاده عليها أن تقوم برعايتهم وأنها خادمة بالمنزل عليها رعاية وتدبير البيت، وبالتالي يتولد عندها شعور بزهد الجنس وشعور بالكبر في العمر وأنها قد تركت الأنوثة جانباً لتلاحق على المطلوب منها ويصبح الوقت الذي يطلب فيه الزوج الجنس من زوجته هو أصعب من وقت الاحتضار عندها، حيث إنها تفعل شيء على غير إرادتها ولكنها مرغمة أن تفعله.
ولكن الزوج الفطين هو من يسعى جاهداً بعد زواجه أن يجدد دائماً علاقته بزوجته ولكن ليس على سبيل الاضطرار بل من القلب حيث إنها امرأته، نصفه الآخر، أم أولاده، كيانه، جسده، كل من له في الحياة، أهم عنده من أي شخص في الدنيا، وهي سر سعادته وقلبه وحبه الوحيد، فعلى الزوج أن يبحث عما يرضيها ويسعدها ويجدد أنوثتها ويفعله، فأغلب الأزواج يُعتبرون هم السبب الرئيسي في الاحباط الجنسي والجسدي والنفسي والعاطفي للزوجة، فلا بد أن يسعى الزوج الذي هو بحسب قلب الرب أن يهتم كل الاهتمام كيف يرضي ويسعد ويفرح امرأته حبيبة قلبه، ذلك الصدر الحنون له وقت تعبه، ذلك الإناء الأنثوي الضعيف الرقيق الممتلئ بالحنان والحب.

لا تكونوا قساة عليهن:-
يأمر الكتاب المقدس الرجال بأن لا يكونوا قساة على الإناء النسائي في «كو19:3» ((ايها الرجال احبوا نساءكم ولا تكونوا قساة عليهنّ))
وكلمة القساوة هنا جاءت في اليونانية «بيكرينو» وتعني تزيدهن مرارة وتعاملوهن بإهمال وسخرية.
نعم: فهناك كثير من الأزواج يعاملون المرأة بعد الزواج بطريقة منفرة مقززة في جوانب شتى في الحياة :-
+ أمام الأولاد:- هناك نوع من الأزواج تجدنه يعامل زوجتة بسخرية أمام الأولاد ويسخر من تصرفاتها أمامهم لدرجة أنه يجعل أولادها يضحكون عليها ويسخرون هم أيضاً من تصرفاتها ويتصيدون لها الأخطاء ليس على سبيل التصحيح أو التقويم وإنما على سبيل السخرية وقضاء وقت من الضحك والضحية هي الزوجة الأم، فلا بد من أن يوقر الزوج زوجته وخاصة أمام الأولاد حتى يقوم الأولاد ويطوبونها ويحترمونها ولا يسخرون منها ولا يجب على الزوج أن يهين زوجته أمام الآخرين وحبذا لو لم يهينها على الإطلاق، فإن كانت الزوجة بالنسبة للرجل تمثل الكنيسة بالنسبة للمسيح ، فمتى أهان المسيح كنيسته ومتى سخر منها؟، كلا .. إن هذا لم يحدث قط .
كذلك يجب على كل زوج ألا يهين امرأته محبوبته لا في الخفاء ولا في العلانية.
+ في الجنس:- إن الزوج قبل أن يمارس الجنس مع زوجته تجده كما كان في مرحلة الخطوبة أو شهر العسل، يسعى جاهداً لأن يرضيها ويساعدها في الأمور المنزلية وربما يقول لها «استريحي أنت «يا ماما» وأنا أفعل كل ما هو مطلوب منك فأنا خدامك» وكل هذا قبيل ممارسة الجنس، وعندما ينهي كل هذا يبدأ في طلب الجنس منها بطريقة المتذلل الذي قد تعب كل التعب في الأمور المنزلية لاسترضائها وموافقتها فتضطر الزوجة على الموافقة وهي تعلم النتيجة الحتمية التي قد تعودت عليها منه لسنوات وهي في أمرين:
الأمر الأول أثناء ممارسة الجنس .
لا يبدأ الجنس بمقدمات تُشعرها بأنوثتها.
يمارس الجنس بعنفوان وكأنها حيوان.
ينهي الجنس في ثوان أو دقائق معدودة.
ينفر منها بعد إنهاء العلاقة الجنسية.
يتركها في بحر من الإحباط والشعور بالألم .
الأمر الثاني بعد ممارسة الجنس .
يهملها ولا يهتم بها .
يهمل مساعدتها في الأمور المنزلية.
لا يبدي لها أي نوع من أنواع الحب إلا عندما تعود شهوته تلح عليه مرة أخرى.
مسكينة هذه الزوجة التي قسي عليها رجلها ولم يقسو عليها فحسب بل تسبب لها في الشعور بمرارة الحياة والإحباط الجسدي والنفسي والمعنوي والعاطفي حتى أنها من الممكن أن تتمنى الموت بدلاً من أن ينام زوجها بجوارها أو يطالبها بأشياء يظن انها حقوق مكتسبة له.
وعلى هذا يأمر الكتاب المقدس الأزواج ألا يكونوا قساة على الإناء النسائي الذي كرمه الرب وابتكره، ذلك الفن الراقي الجميل ألذي ابدع الله له المجد في ابتكاره.
ليفتح الله أذهان الرجال لكي يكونوا أزواج حقيقيين بحسب قلب الرب، مؤمنين بأن الغرض من الزواج ليس الجنس أو خدمة المرأة للرجل وإنما الغرض الحقيقي للزواج هو التمتع بحياة يملأها الحب والغرام والعشق بين الزوج والزوجة،

المفاهيم الخاصة بدور المرأة تجاه الرجل

الخضـــوع:

يقول الكتاب المقدس في «أف22:5» ((أيها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب، لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضاً رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح كذلك النساء لرجالهن في كل شيء))
وقد جاءت كلمة تخضع في اللغة اليونانية «هوب-أوتاسو» وتعني تخضع له بكل رضا خامدة في داخلها أي غضب، ومعنى هذا أنها تظهر له كل طاعة وحب وتقدير دون الغضب حتى وإن كانت غاضبة من شيء ما لا تظهر ذلك بل تظهر الخضوع والطاعة. فلا يمكن لرأس أن تحيا بمفردها دون الجسد ومن هنا تأتي أهمية الجسد بالنسبة للرأس، وأيضاً لا يمكن للجسد أن يسلك في أي من أمور الحياة دون الرأس فالرأس هو مركز التفكير وهو الذي يعطي الأوامر للجسد كيما يعمل بانتظام ولهذا يجب على الجسد أن يخضع لكل أوامر الرأس، وكذلك الأمر بالنسبة للزوجة بما أنها جسد الرجل والرجل هو رأسها فيجب أن تكون خاضعة لرجلها خضوعا كاملا وتأخذ منه أوامر السلوك ويكون هو محركها وهذا لا يعني أنها تمتثل لأوامره مهما كانت وإنما يشترط أن يكون هذا الرأس رأسا عاقلا، حتى تخضع له الزوجة خضوعا كاملاً.

خضوع بلياقة :- «كو18:3»((أيتها النساء اخضعن لرجالكن كما يليق في الرب))
حاول بعض الرجال استغلال كلمات الكتاب في «أف24:5» ((في كل شيء)) وتناسوا أن الكتاب المقدس هو كتاباً مترابطا وعندما نريد أن نبحث في موضوع ما لا ينبغي أن نأخذ بمبدأ القرينة الواحدة، بل ندرس الموضوع اعتمادا على ما هو مكتوب في «أش10:28» ((لأنه أمر على أمر أمر على أمر ، فرض على فرض فرض على فرض هنا قليل هناك قليل))
فخضوع المرأة للرجل في كل شيء أمر واجب ولكن بشرطين :-
++ الشرط الأول أن يكون خضوعاً لائقا، ذلك لأن عبارة «كما يليق في الرب» التي وردت في الآية جاءت في اليونانية «أنايكيو إن كوريوس» وتعني «فقط في الأمور التي تتلاءم مع الرب» أي أن الزوجة يجب أن تخضع لرجلها في الأمور الملاءمة اللائقة التي ترضي الرب فقط ، أي أنه إذا طلب الزوج من الزوجة أمراً لا يرضي الرب لا ينبغي أن توافق . فمثلاً …
– إذا طلب الرجل من امرأته أن تساير درب المداعبة الشريف مع رجل لأن منه مصلحة ما!
– إذا طلب رجل من امرأته أن تزور رجل مريض يعيش في بيته بمفرده بحجة أنه مشغول عن هذه الزيارة المحتمة!
– إذا طلب الرجل من امرأته أن تبدي اهتماما لفلان لأنه سينهي له بعض الأمور المعقدة في العمل أو غيره!
– إذا طلب الرجل من امرأته أن تترك اجتماع الصلاة اليوم وتذهب معه إلى السينما!
– لإذا طلب الرجل من امرأته أن تذهب معه إلى العمل اليوم لأن رئيسه في العمل طلب أن يراها!
– إذا طلب الرجل من امرأته أن تسلك سلوكا غير لائق بحسب الكتاب المقدس!
فهذه كلها أمور لا تليق في الرب ولا ترضي الرب، ولا ينبغي أن المرأة تخضع لهذه الأمور، وفي هذه الحالة لا يسمى هذا الرجل زوج، ولا يمثل العقل ولا يكون رأس المرأة، فلا يستحق إلا أن يكون ذيل وليس رأس حيث أنه عبد لمصالحه الشخصية وليس عنده أي مانع أن يضحي بامرأته نظير إنهاء المصالح الشخصية، فالرجل الحقيقي المحب لزوجته لا يدفعها للنجاسة ولا يدفعها إلى أحضان الآخرين لتكون ملكا لمن عنده إنهاء المصلحة الشخصية بل لــ((يحضرها لنفسه)) لم يجعل سيرتها قبيحة على ألسنة البشر ومشكوك في تصرفاتها بل جعلها ((مجيدة لا دنس فيها ولا غضن أو أي شيء من مثل ذلك)) لم يدفعها للخطية حتى تصبح معيبة أمام الرب وأمام نفسها وأمام الآخرين بل يجعلها ((مقدسة وبلا عيب)). فإذا كان الرجل يسلك بهذه الكيفية مع امرأته فعلى الزوجة أن تخضع له في كل شيء وبلا نقاش، أما إذا كان الرجل لم يسلك معها بحسب الرب فلا يجب أن تخضع له في أي شيء ولا حتى في الأمور الصائبة حيث إن إبليس إذا قال شيئاً صائباً فمن المؤكد أن هذا الصائب يقود إلى الخراب والدمار.
أما الشرط الثاني فهو أن يكون ذلك الرجل فيه الصفات الكتابية التي للزوج كما تحدثنا في الأعداد السابقة عن الزوج المحب، الفطين، العاقل والمعتدل.
فمثلاً إذا كان هذا الرجل شره جنسياً ويسلب امرأته في الجنس ولا يعطيها حقها الواجب فكيف توافقه هي على الجنس بعد ذلك حيث إنه اعتبر الجنس شهوة من طرف واحد أي هو وليست هي ولم يعتبره ممارسة عملية للحب يجب أن تمارس من طرفين مشتركين في الزمان والمكان والحالة النفسية والعاطفية والمزاجية والجسدية والجنسية.

أو إذا كان ذلك الرجل لم يحب امرأته الحب الباذل الذي تحدث عنه الكتاب المقدس في مواضع كثيرة ، بل يحبها حب المصلحة الجسدية أو المعنوية أو الحب الأناني الذي يصب في النهاية عليه وحده دونها .
أو إذا كان هذا الرجل لم يتعامل معها بفطنة كما فال الكتاب المقدس أو إن كان يتعامل معها بفطنة غير مقترنة بالحب ، في كل هذه الحالات لا ينبغي على الزوجة أن تطيع زوجها في أي شيء ، ولكن إذا كان هو الزوج الذي بحسب الكتاب فعلى الزوجة أن تخضع له خضوعا كاملا كما تخضع للرب تماماً.
خضوع كما للرب «يع7:4» ((فاخضعوا لله ، قاوموا إبليس فيهرب منكم))
إذا نظرنا إلى هذه الآية نجد أن الخضوع للرب هو في حد ذاته مقاومة لإبليس وللشر وللأشرار ذلك لأن الخضوع للرب هو من الإيمان والرب إذا خضعنا له يباركنا ويحبنا ويحمينا من كل شر وشبه شر ، فبما أن الرب يسوع هو الرأس والخاضعين له هم الكنيسة أي الجسد ، إذاً نفس أمر الخضوع المكتوب هنا هو مطبق على أمر الزوج والزوجة ، فخضوع الزوجة للزوج يحميها من كل شر ويجعل الزوج يحبها ويحميها من الأشرار ويكون هو لها مظلة من اعتداء خارجي أو داخلي .
الخضوع الكامل «1بط1:3-2» ((كذلكن أيتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وإن كان البعض لا يطيعون الكلمة يُرْبَحون بسيرة النساء بدون كلمة ملاحظين سيرتكن الطاهرة بخوف)) توجد في الترجمة اليونانية للآية كلمة وهي «آيديسو» وتعني ملكاً لكِ أو خاصاً بكِ وملائم لكِ ، أي أن الكتاب المقدس يأمر المرأة أن تخضع لزوجها الذي هو ملكية خاصة لها وهو الزوج الملائم المناسب لها ، أي الزوج الذي هو بحسب قلب الرب أي الزوج الذي قد عينه الرب لها ، في هذه الحالة عليها أن تخضع له في كل شيء وهي سعيدة مغمضة العينين واثقة في رجلها حبيبها المعَيَّن لها من قبل الرب. ثم أن الآية تربط بعد ذلك بين إطاعة الزوجة للزوج وربح النفوس ، فالكلمة هنا مترجمة عن اللغة اليونانية «لوجوس» والتي تعني العقل الإلهي أو الفكر الإلهي أي الرب يسوع المسيح ، ونجد أن نفس اللفظ ذُكِرَ في «يو1:1» أم عن كلمة «سيرة» فقد أتت في اللغة اليونانية «آنستروفاي» وتعني تحفة فنية يُشار عليها من بعيد للتعليق للمدح ، ومن هذه الترجمات البسيطة يمكننا أن نخلص إلى أن الآية تقول «عن اللغة اليونانية» أيتها الزوجات كُن خاضغات لأزواجكُن الذين هم ملكاً لكُنَّ الذين هم ملائمون لكُنَّ ، حتى وإن كان بعض الخطاة لا يؤمنون بالمسيح فسيُرْبَحُون للمسيح عن طريق السمعة الحسنة لأولئك الزوجات الصالحات اللاتي وكأنهن تحف فنية يشار إليهن للمدح فيهن وهذا يذكرنا بما هو مكتوب في «مت16:5» ((فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة ويمجدوا أباكم الذي في السموات))
وها هو وقت تطبيق الآية قد حان في قرينة دراستنا أن النساء يكُنَّ نور للخطاة البعيدين عن الرب حتى يروا أعمالهن الحسنة فيمجدوا أباهن الذي في السموات وبهذه الطريقة تربح الزوجة نفوس للمسيح ، وهذا هو الواقع أن النساء اللائى يخضعن لرجالهن يربحن الخطاة للرب يسوع عن طريق سلوكهن المسيحي .
خضوع التزين «1بط5:3» ((فإنه هكذا كانت قديما النساء القديسات أيضاً المتوكلات على الله يزين أنفسهن خاضعات لرجالهن))
إن ترجمة هذه الآية باللغة اليونانية ستوضح لنا كل ما هو مبهم في الآية
«جار هوتو بوتيه هو-هاي-تو هاجيوس جوناي كاهي إلبيدزو إيبي ثيئوس كيوزميه أو هيه أو تو هوب هوت از سو إيديوس أنير»
فتكون ترجمة الآية هكذا ((وبلا شك كما هو مذكور آنفاً عن النساء القديسات اللائي كانت في الأزمنة القديمة أنها كانت تسلك بحسب هذا الدرب أو الأسلوب أولئك اللاتي وضعن رجائهن وثقتهن في الله يزين أنفسهن بالخضوع لأزواجهن))
وبالطبع هذه الزينة هى الزينة الداخلية وليست الخارجة ، فعلى الزوجة الفاضلة أن تتزين لرجلها بزينة الخضوع وتأثره بثياب الطاعة.
خضوع الاحترام «1بط5:5» ((كذلك أيها الأحداث اخضعوا للشيوخ وكونوا جميعا خاضعين بعضكم لبعض))
لقد وردت كلمة الخضوع هنا مترجمة عن الكلمة اليونانية «هوب أوتاسو» وتعني يخضع بكل رضا خامداً في داخله أي غضب ، ومعنى هذا أنه يظهر كل طاعة وحب وتقدير دون الغضب حتى وإن كان غاضب من شيء ما لا يظهر ذلك بل يظهر الخضوع والطاعة ، ومعنى هذا أن ذلك الخضوع إنما هو خضوع الاحترام ولم يكن خضوع التذلل ، وبالتالي فخضوع الزوجة للزوج هو أيضاً خضوع الاحترام وليس خضوع التذلل ، فبعض الزوجات يحببن أن يكنَّ مثلهن مثل الرجال ، عين بعين وسن بسن ، ويكرهن كلمة الخضوع تماما ولا يعلمن أن خضوع المرأة للجل لا يقلل من قيمتها وإنما يعلي من شأنها وقيمتها لدى الرجل ، ذلك لأن هذا الخضوع إنما هو خضوع الاحترام.
الهيـــبة
يقول الكتاب المقدس في «أف33:5» ((وأما أنتم الأفراد فليحب كل واحد امرأته كنفسه هكذا كنفسه وأما المرأة فلتهب رجلها))
لقد تحدثنا في الصفحات السالفة عن حب الرجل لامرأته هكذا كنفسه ولذا يجدر بنا الآن ونحن بصدد الحديث عن دور الزوجة تجاه رجلها أن نتحدث عن إعطاء الزوجة هيبة ووقار لزوجها ، وقد وردت كلمة تهب في اللغة اليونانية التي هي اللغة الأصلية التي كُتِبَ بها الكتاب المقدس «فوبي أو» وتعني توقر وتحترم وتعطيه وضعه وهيبته أمام الآخرين في حضوره أو غيابه. فالرجل يشعر برجولته عندما يشعر بهيبة زوجته له وتوقيرها واحترامها له خصوصاً أمام الآخرين وهذا لا يعني أنها أقل منه بل يجب عليه أيضاً أن يحبها ويدللها ويداعبها أمام الآخرين ، ولكن ما أريد أن أنوه عليه هو أن المرأة ينبغي أن تعطي لرجلها حقه في الشعور برجولته ، وكيف يشعر الرجل بأنه رجل؟ هل بأن المرأة تظل تحدثه عن رجولته أو أنها دائما تذكره بأنه رجل ؟ كلا!!! بل يشعر القوي بأنه قوي عندما يرى الآخرون أضعف منه كذلك يشعر الرجل بأنه رجل عندما يرى امرأته أنثى ؟!؟! تسلك سلوك الأنثى وتتكلم كأنثى وتهابه كأنثى ، من هنا يشعر بانه رجل له هيبته ولكن إذا تصرفت المرأة في البيت نفس تصرفات الرجل فكيف يشعر أنه رجل ؟ أما في هذه الحالة يشعر بأنه رجل يعيش مع رجل أو أنه يشعر امرأة تعيش مع رجل ولكن لا يشعر برجولته إلا إذا شعر بأنوثة من معه كامرأة تهابه وتحترمه وتقدره.
وكلمة هيبة التي هي باليونانية «فوبي-أو» لم ترد في العهد الجديد إلا في هذه القرينة فقط ، وإنما وردت مثيلتها في العهد القديم منترجمة عن الكلمة العبرية «يوراي» وتعني نفس الترجمة أي هيبة التقدير والاحترام ، وقد وردت هذه الكلمة في العهد القديم بنفس الترجمة العبرية ثلاثة مرات كما سنرى في الآيات التابعة :-
«لا30:19» ، «لا2:26» ((سبوتي تحفظون ومقادسي تهابون ، أنا الرب))
«مز7:89» ((إله مهوب جداً في مؤامرة القديسين ومخوف عند جميع الذين حوله))
ترى ما نوع المهابة هنا ؟ أولاً إنها مهابة خاصة بالرب أي مهابة البشر لله ، أي أن الكتاب المقدس أراد أن يوضح لنا أن مهابة الزوجة لزوجها ينبغي أن تكون مبنثقة من مهابتها لله.

فاضلة
يتحدث الوحي الإلهي عن المرأة الفاضلة وكأنه يتحدث عن شيء ثمين جدا تعلو قيمته عن كل لآلئ العالم وكل غنائم الأرض فيقول في «أم10:31» ((امرأة فاضلة .. من يجدها.. لأن ثمنها يفوق الآلئ ))
وهذه الآية تنقسم إلى أجزاء ثلاث :
امرأة فاضلة:
ووردت كلمة «فاضلة» في اللغة العبرية «خاه-ييل» وهذه الكلمة تحتوي على عدة معاني متجمعة وليست متفرقة ، فإنها تعني ((ثروة – عفة – أخلاق – تواضع – عدل – شجاعة – تضحية – صلابة – براعة – فاعلية – مرتبطة بالرجل – مشاركة ومصاحبة له – مصدر غنى له – جوهرة – طاهرة – متجددة))
أظن أن امرأة بها كل هذه الصفات المتجمعة مع بعضها البعض بالفعل لا يحتاج زوجها إلى غنائم العالم كله ، فهي لزوجها تُعَدُ ثروةً حيث إنها امرأة عفيفة النفس لا تقبل أي إغراء مادي أو معنوي يغنيها عن رجلها ذلك لأن أخلاقها لا تسمح لها بذلك ، وهي امرأة متواضعة لا تشتهي أي شهوة مادية أو معنوية أو نفسية بل شهوة قلبها هي كيف ترضي رجلها الذي تحبه ، فهي امرأة عادلة لا تأخذ فقط بل أيضاً تعطي بكل حب ، وهي امرأة شجاعة تقف بجواره وقت الأزمات ولا تتخلى عنه مهما كانت الظروف بل وتقف بصلابة معه وخاصة في الأوقات العصيبة في حياتهما ، وتضحي بكل ما تمتلك لأجله مهما كان الذي تمتلكه غالي ونفيس فزوجها بالنسبة لها أغلى من كل غالي ، وهي امرأة بارعة ورائعة ومبتكرة في نفسها وأولادها وبيتها ، كما أنها امرأة فعالة تشاركه أحاسيسه ، تفرح لفرحه ، وتحزن وتتأسف لحزنه ، وتتعب لتعبه ذلك لأنها مرتبطة به كل الارتباط حيث إنه بالنسبة لها هو أبوها وأخوها وصديقها وحبيبها وعاشقها وزوجها ، وهو لها مصدر سعادتها ، فبدونه تتعس وتزهد الحياة ذلك لأنها امرأة جوهرة نفيسة نادرة الوجود ، فهي كزوجة وفية تحيا معه بطهارة وعفة ولا تعرف خيانة عليه ، هي امرأة يملئها الطهر والنقاء والحب ، هذا غير أنها امرأة لا يمل منها رجلها ذلك لأنها امرأة متجددة كل يوم ، أي أنه كل يوم يرى فيها الجديد ليس من الناحية الجسدية فقط وإنما من الناحية الجسدية والنفسية والعاطفية والجنسية والحياتية ، وحتى لكلمات الحب والغزل تجدها متجددة مبتكرة كل يوم ألفاظاً جديدة تحبه وتملأه بها ، وهي أيضاً متجددة في بيتها ولا تجعل من البيت مقبرة له من الناحية النفسية ، بل جنة ، حتى وإن كانت تعيش معه في كهف صغير فمن الممكن أن تجعل من هذا الكهف جنة له ولها ، حيث آدم وحواء يعيشا سويا فيها كل يوم في تجديد مستمر .
وهذه الصفات المتجمعة قد لُقِبَت بها راعوث الموآبية تلك التي جاء من نسلها الرب يسوع المسيح ونرى هذا في «را11:3» ((والآن يا بنتي لا تخافي ، كل ما تقولين أفعل لك ، لأن جميع أبواب شعبي تعلم أنك امرأة فاضلة))
كما يصف كتابنا المقدس العظيم تلك المرأة ذات كل الصفات السالفة بأنها تاج لبعلها أي لزوجها «أم4:12»

من يجدها
إن في هذه العبارة لسؤال يبدي الحسرة والألم «من يجدها» وما هذا إلا تعبير على ندرة وجود تلك المرأة بكل هذه الصفات وإنما هي موجودة ولكن ابحث عنها لعلك تجدها ، هي موجودة ولكن ليس الأمر في أنك كيف تجدها وإنما كيف تقتنيها ؟ وكيف تحافظ عليها؟ وكيف لا تُفْقِدها صفة من كل ما تحلت به كما ذكرنا؟.
وقد وردت تلك الآية بالعبري هكذا ”مي ماو-تسو كاه-تيل آي-شاو» وترجمتها ((من يشاء له الرب أن يجد تلك المرأة الفاضلة)) يا إلهي … وكأن هناك بعض النساء النادرات الوجود قد اقتناها الرب بحوذته ولن يعطيها إلا لمن يستحق ، طوباه من يجد تلك المرأة ويبدو أنه ينبغي أن تُعطى تلك المرأة لنوع معين من الرجال وكأن الرب «إن جاز التعبير» لديه بنات ذوات الصفات السالفة الذكر ولا يريد أن يزوجهن إلا لمن يستحق ومن تتوفر فيه الصفات التي بحسب قلب الرب ، ولا نتعجب ربما أُخِذَتْ إحداهن لمن لا يستحق جبراً وعنفواناً ، ولكن الله غير راضٍ عن تلك الزيجة ويريد أن يقطعها في وقتها ليعطيها لمن يستحقها .

ثمنها يفوق الآلئ:-
وهذه أيضاً عبارة تؤكد ما قلناه ، فإن ترجمتها باللغة العبرية «نو-شيم ميه-كير راتشوك مين-ناي» وعندما نأخذ هذه الترجمة حرفياً نجدها كالآتي :
((إنها زوجة تعلو قيمتها بكثير جدا الياقوت واللؤلؤ والدر وكل الأحجار الكريمة))
ياله من تعبير تهيم له النفس الإنسانية ويجعل القلب يتوق لأن يجد تلك المرأة .
وقد وردت هذه الكلمة «اللآلئ» بنفس الترجمة مرتان الثانية في قرينتنا هذه ، أما الأولى فقد وردت في «أيوب18:28» ((لا يُذْكَرُ المرجان أو البلور وتحصيل الحكمة خير من اللآلئ))
أتعجب من جمال الكتاب المقدس ، فإن الصفة التي وهبها الله القدير للمرأة الفاضلة ، قال عنها مسبقاً أنها تعلو المرجان والبلور وتحصيل الحكمة ، يا إلهي !! كم وكم تلك المرأة صنعة يدي الله وتفننه إنما هي غالية على قلبه جداً بأكثر مما نتصور أو نفتكر حتى أن المرجان والبلور وتحصيل الحكمة مقارنة بتلك الصفة لا تُذْكَرُ على الإطلاق .
((امرأة فاضلة مَنْ يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ))
بها يثق فلب زوجها
وردت كلمة «يثق» في اللغة العبرية الأصلية ((بي تاخ باو تاخ)) وتعني في ترجمتها الحرفية كالآتي : ((في مأمن وطمأنينة وثقة شديدة في نفسه وفي امرأته ولا يعير اهتماما لغيرها)) فالمرأة الفاضلة هي من يشعر زوجها بالثقة ليس فيها فقط وإنما في نفسه أيضاً ومعها يشعر بأنه لا يحتاج لأن يعير اهتماما لأي امرأة أخرى ، فهو يثق أنها تكفيه عن كل ثروات وغنائم العالم ، وبها يطمئن قلبه ويرتاح باله وتهنأ حياته ، فعلى الزوجة أن تهب وتغرس الطمأنينة في قلب زوجها حبيبها .. «بها يثق قلب زوجها» .
في حضنها لا يحتاج إلى غنيمة
«أم11:31» ((بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة))
إن هذه الآية تحتاج لتفسيرها شهور وسنين ، فكم هي آية عظيمة تصف مدى أهمية المرأة في حياة الرجل ولكم هي تغنيه عن كل غنائم العالم كله .
أما عن ترجمة بعض كلمات هذه الاية فهي كالآتي:
«يثق» «باو-تاك» وتعني يطمئن ولا يهمه أي خطر بل يكون في مأمن ويهدأ باله ويرتاح قلبه.
«قلب» «لاب» وتعني احساس ومشاعر وحكمة وعواطف.
«غنيمة» «شاو-لو» وتعني غنائم أو فرائس الحرب والغنى والثروة والنفائس المزيدة.؟
فتكون ترجمة الآية هكذا ((بحضنها يطمئن ويهدأ ويرتاح احساس ومشاعر وعواطف وحكمة زوجها فلا يحتاج للغنائم والثروات والنفائس المزيدة))
أي أن الزوجة التي هي بحسب قلب الرب والتي تحب رجلها إنما في حضنها يطمئن قلب رجلها ويرتاح باله وبها يزداد حكمة حيث إنها شبعه ، ليس في الأمور الجسدية أو الجنسية فقط إنما في المشاعر والأحاسيس والإشباع العاطفي حتى إنه لا يحتاج لأن يغتنم نفائس العالم كله فقد صارت هي شبعه ولا يفكر في أمور الحياة الزائلة بل صارت هي شغله الشاغل وهي مأربه رغم أنه بين أحضانها ، وهذا يدلنا على أن الزوجة في مقدورها أن تجعل من زوجها رجل مرتاح البال مطمئن القلب وفي مقدورها أن تجعله يبحث طول العمر عن غيرها حيث لم تكن هي سبب شبعه بل سبب ظمأه ، ولهذا على كل زوجة أن تكون بحسب قول الكتاب …………فاضلة.
ونجد هذا جلياً في أحداث ووقائع الكتاب المقدس ، ففي «تك67:24» يقول الكتاب المقدس ((فأدخلها اسحق إلى خباء سارة أمه وأخذ رفقة وصارت له زوجة وأحبها فتعزى اسحق بعد موت أمه))
وقد جاءت كلمة «تعزى» في اللغة العبرية «نو-خيم» وتعني هدأ باله واطمئن قلبه وارتاحت نفسه ولم يعد يتأسف.
أي أن رفقة كانت هي تلك المرأة الموجودة في «أم11:31» امرأة فاضلة ، فقد كانت سبب راحة باله وتعزيته عن موت أمه أي أنها استطاعت أن تحل محل أمه وأعتقد أنه ليس هناك مَنْ يعوض عن الأم ، ولكن هذا ما حدث مع اسحق ، يالها من امرأة فاضلة استطاعت بحكمتها وبساطتها وحبها أن تعوضه عن فقدانه لأمه ، أيُ امرأة هذه ، وأيُ امرأة تكوني أنت يا قارئة تلك الرسالة.

تصنع له خيراً لا شراً
من الصفات التي ينبغي أن تتوفر في المرأة الزوجة الفاضلة أنها لا تعرف أن تصنع لزوجها إلا الخير ، الخير فقط ، لا الشر .. لا الشر .. لا الشر………
فيقول الكتاب في هذا في «أم12:31»((تصنع له خيراً لا شراً كل أيام حياتها))
فتعالوا كما تعودنا نرد الآية إلى لغتها العبرية الأصلية لنعرف معناها الحرفي..
تصنع .. «جومال» تهبه بفيض من النعم
خيراً .. «توب» خير وفير وجمال كثير
شر .. «راه» شر ومحنة وأسى وبلوى وكارثة وغضب وإزعاج وفشل وتعاسة ومشاكل مضايقة وأذى .
فتكون ترجمة الآية هكذا ((تهبه فيض وفير من الخير والجمال الكثير ولا تتسبب له في شر أو محنة أو كارثة أو فشل أو مشكلات أو أذى أو تعاسة في كل يوم من أيام حياتها حتى الممات))
تاج لبعلها
يقول الكتاب المقدس في «أم4:12» ((المرأة الفاضلة تاج لبعلها))
أما عن كلمة تاج فهي باللغة الأصلية «أتاورو» وتعني تاج ملكك، أي أن المرأة الفاضلة هي تاج يتفاخر به الرجل كمن له سلطان ، فالرجل الذي يمشي معتزا بنفسه متحليا ببيته ، اعلم أن له امرأة فاضلة.
وفي «نش11:2» تجد الكتاب يقول ((اخرجن يا بنات صهيون وانظرن الملك سليمان بالتاج الذي توجته به أمه في يوم عرسه وفي يوم فرح قلبه))
أي أن أم الملك سليمان عندما أزوجته بتلك المرأة الفاضلة فهي بذلك ألبسته إكليل جمال.
فالمرأة الفاضلة يتحاكى زوجها عن أفضالها فيحسده الناس عليها وحتى إن لم يحكي فالناس ترى أنها سبب سلام وسعادة له فيعتبرونه ملك متحلياً بتاج جميل اسمه المرأة .
فعلى المرأة أن تتحلى بالصفات التي تجعلها امرأة فاضلة يمدحها الناس وتصبح تاج على رأس زوجها.
متعقلة
يقول الكتاب المقدس في «أم14:19» ((البيت والثروة من الآباء ، وأما المرأة المتعقلة فمن عند الرب))
وكلمة المتعقلة هنا عن الأصل العبري «سوكال» ولها أيضاً عدة معان متجمعة ، فهي تعني ((الخبيرة والمفكرة ، المعلمة والمرشدة ، الناجحة ، الفطينة المدبرة ، الماهرة البارعة ، الفاهمة الواعية ، الحكيمة العاقلة ، المطلعة)) والغريب أن هذه الكلمة «سوكال» وردت لأول مرة في الكتاب المقدس في «تك6:3» وهي التي جاءت في الكتاب «أن الشجرة جيدة للنظر» وقد جاءت في الأصل العبري «إيتس خوماد سوكال» وتعني الشجرة الممتلئة بالتعقل قد جذبتها» ومعنى هذا أن التعقل عند المرأة إنما هو كان كوجوداً في الشجرة ، شجرة معرفة الخير والشر . فعلاً فبما أنها شجرة معرفة فهي ممتلئة بالتعقل المعرفي الحكيم وهذا ما اكتسبته حواء عندما أكلت من الشجرة وما هذا إلا دليلا على ما قولناه من قبل أن الرجل صنعه الله مزوداً بالخبرة قبل حواء أما حواء فقد اكتسبتها من أكلها من شجرة معرفة الخير والشر.
تلك التي تحتوي على الصفات آنفة الذكر والتي اكتسبتها حواء عندما أكلت من الشجرة القضبة الأولى ولكن آدم أخذ القضبة الثانية فلم يحظى بكل فاعلية الثمرة في التركيز الانفتاحي لها كثمرة يتم فتحها لأول مرة .
فالمرأة التي في عقلها كل هذه الصفات هي 100% من عند الرب ويفتقد عالمنا للمرأة من هذا النوع تلك الحكيمة العاقلة الفاهمة الواعية المدبرة ، ربما بعض هذه الصفات توجد في قليل من النساء ولكننا لم نري في عالمنا اليوم امرأة زوجة فيها كل هذه الصفات المتجمعة ، ولكن الكتاب يقول أن المرأة التي تحوي كل هذه الصفات متجمعة إنما هى امرأة من عند الرب ، فهل معنى ذلك أنه لم توجد في عالمنا اليوم امرأة من عند الرب ، أو تلك المرأة التي يتحدث عنها الكتاب وإن كانت هناك تلك المرأة موجودة فلما لم نراها أو نشعر بوجودها؟
إن المرأة المتعقلة التي هي من عند الرب موجودة وليست نادرة الوجود أو شيء من مثل هذا القبيل ، وإنما الأمر كله يكمن في هذا السؤال!!
ما قيمة الجوهرة المدفونة في كتلة من الطين؟ إنها جوهرة ، وقيمتها قيمة جوهرة ، ولكننا نراها كتلة من الطين ، والظاهر منها أمامنا أنها كتلة طين ولكن الحقيقة مختلفة ، أنها جوهرة ولكن الذي يجعلنا نراها كتلة طين هو أنها دُفِنَتْ في طين الحمأة وبعد أمدٍ من الزمن جف عليها الطين فصارت هي كتلة من الطين لدرجة أنها استسلمت لما تظن أنه واقع وصارت في عين نفسها وأعين الآخرين كتلة طين ، ولكن إذا رآها عالم في المصوغات أفلا يرتبط بها كل الارتباط أفلا يعرض كل ما يمتلك على من في حوذتهم تلك الجوهرة ليقتنيها منهم ؟ يا إلهي! إنها كتلة من الطين كيف تبيع كل ما تمتلك لتقتنيها ، أذهب وابحث عن حجرة تكون ذات قيمة أكثر منها ، لكن لا يصغي عالم المصوغات إلى أحد ، ذلك لأنه يعلم القيمة الحقيقية لتلك الجوهرة الثمينة النفيسة ويعلم جيداً أنه إذا اقتناها سيأخذها ويغسلها من الطين وينظفها من الوحل الذي كانت فيه
ويضعها في النيران حتى تلمع ، ثم بعد ذلك يظهرها للآخرين فيحسده عليها كل من يراها في حوذته ويقولون .. فعلاً إنه كان يستحقها منذ زمن بعيد…
هكذا المرأة المتعقلة التي هي من عند الرب موجودة وليست نادرة الوجود ولكن المشكلة تكمن في الاختيار الخاطئ الذي هو ليس حسب مشيئة الرب ، وقد يكون الخطأ في الأهل أو في الشخصية ذاتها ، المهم أنه عندما تم ذلك الزواج ، لم يتم أخذ مشورة الرب ولم يتم السعي لتحقيق خطة الله لهذا الشاب أو هذه الفتاة ، حتى وإن كان الاثنان من المؤمنين ولم يتم أخذ مشورة الرب في الاختيار يصبح هذا الاختيار فاسد خاطئ لم يرضى عنه الله حتى لو دام الزواج إلى أن يأخذ الرب روح أحدهما أو كلاهما ، هو في جميع الحالات زواجاً لم يكن حسب خطة الله لأحدهما أو كلاهما .
وما الحل ؟؟؟؟؟؟؟ هذا ما سنورده في الباب الثاني من الرسالة .

الحكيمة
ورد في «أم1:14» ((حكمة المرأة تبني بيتها والحماقة تهدمه بيدها))
وقد وردت هذه الكلمة في اللغة العبري الأصلية مرة واحدة في سفر الأمثال و14 مرة في سفر دانيال.
وهي بالعبرية «خاك-كيم» وتعني «عاقل معلم حكيم فهيم فطين» ففي سفر دانيال وردت هذه الكلمة في الشواهد التالية :-
«دا12:2»((لأجل ذلك غضب الملك واغتاظ جداً وأمر بإبادة كل حكماء بابل))
«دا13:2» ((فخرج الامر وكان الحكماء يُقْتَلُون فطلبوا دانيال واصحابه ليقتلوهم))
«دا14:2» ((حينئذٍ أجاب دانيال بحكمة وعقل لأريوخ رئيس شرط الملك الذي خرج ليقتل حكماء بابل))
«دا18:2» ((ليطلبوا المراحم من قِبَل إله السموات من جهة هذا السر لكي لا يهلك دانيال وأصحابه مع سائر حكماء بابل))
«دا21:2» ((وهو يغير الأوقات والأزمنة ويعزل ملوكاً وينصب ملوكاً ، يعطي الحكماء حكمة ويعلم العارفين فهماً))
«دا24:2» ((فمن أجل ذلك دخل دانيال إلى أريوخ الذي عينه الملك لإبادة حكماء بابل ، مضى وقال له هكذا لا تبيد حكماء بابل أدخلني إلى قدام الملك فبين للملك التعبير))
«دا27:2» ((أجاب دانيال قدام الملك وقال السر الذي طلبه الملك ، لا تقدر الحكماء ولا السحرة ولا المجوس ولا المنجمون على أن يبنوه للملك))
«دا48:2» ((حينئذٍ عظم الملك دانيال وأعطاه عطايا كثيرة عظيمة سلطه على كل ولاية بابل وجعله رئيس الشحن على جميع حكماء بابل))
«دا6:4» ((فصدر مني أمر بإحضار جميع حكماء بابل قدامي ليعرفوني بتعبير الحلم ))
«دا7:5» ((فصرخ الملك بشدة لإدخال السحرة والكلدانيين والمنجمين فأجاب الملك وقال لحكماء بابل أي رجل يقرأ هذه الكتابة ويبين لي تفسيرها فإنه يلبس الأرجوان وقلادة من ذهب في عنقه ويتسلط ثالثاً في المملكة))
«دا8:5» ((ثم دخل كل حكماء الملك فلم يستطيعوا ان يقرأوا الكتابة ولا أن يعرفوا الملك بتفسيرها ففزع الملك بيلشاصر جداً وتغيرت فيه هيأته واضطرب عظماءه ))
«دا15:5» ((والآن ادخل قدامي الحكماء والسحرة ليقرأوا هذه الكتابة ويعرفوني بتفسيرها فلم يستطيعوا أن يبينوا تفسير الكلام))
من كل الآيات السالفة نستخلص أن الحكماء هم من أشد الناس علما وفهما ، وهذه هي الكلمة التي تمت ترجمتها عن الكلمة العبرية «خاك-كيم» والغريب أن هذه الكلمة لم ترد إلا عن حكماء بابل في سفر دانيال ومرة واحدة عن المرأة الحكيمة في سفر الأمثال ، أي أن الكتاب المقدس يوضح أهمية تلك الحكمة المملوءة بالمعرفة والتي يهبها أو يصف بها المرأة في سفر الأمثال ، فالحكمة التي هي حكمة الحكماء وفهم الفهماء عندما توهب للمرأة تكون هذه المرأة ذات علم وفطنة تجعلها تبني بيتها وتحافظ عليه من الخراب والدمار وتبقيه صلب ضد أي ريح وعواصف خارجية كانت أم داخلية.
ويشهد الكتاب المقدس عن حكمة راحيل وليئة في بنيان البيت في «راعوث11:4» ((فقال جميع الشعب الذين في الباب والشيوخ نحن شهود فليجعل الرب المرأة الداخلة إلى بيتك كراحيل وكليئة اللتين بنتا بيت لإسرائيل))
وقد ترجمت كلمة «زوجة هنا عن الكلمة العبرية «نو-شيم» والتي تعني في ترجمتها الحرفية ((راشدة أنثى مفرحة خليلة قرينة)) فليس كل من تزوج بامرأة يستطيع أن يقول أنه قد وجد زوجة ، فالزوجة لا تعني المرتبطة برجل ، أو الأم لأولاد أو القائمة بأعمال البيت من نظافة وترتيب وتربية أولاد وخلافه ، وإنما الزوجة هي التي تحوي كل تلك الصفات السالفة الذكر التي تتضمنها الكلمة العبرية «نو-شيم»
فالكتاب يقول من يجد زوجة ولم يقل من يجد امرأة ، أو من يجد أنثى يتم ممارسة الجنس معها كلا ، بل من يجد زوجة أي من يجد خليلا وفيا له ، من يجد امرأة تفرح قلبه وتعمل له خيرا لا شرا كل أيام حياتها. فمن يجد هذه الزوجة بالتبعية يجد خيراً لأنها هي سر الخير على حياته ونبع البركة له ، وتكتمل الآية بعبارة وينال رضا من الرب أي يرضى الرب عنه، ولكن ما علاقة إيجاد زوجة برضا الرب عن الرجل ؟
إن الرجل الذي يتزوج امرأة مخزية يقول الكتاب أنها تكون بمثابة الخنجر في عظامه «أم4:12» وبالتالي فهي تجعله يصرخ من ذلك الخنجر وبالتالي يصير هو نفسه غير سوي فلا ينال رضا الرب ، أما من يجد زوجة بحسب قلب الرب فتكون هي سر فرحه وهدوء نفسه وبالتالي يكون هو رجل هادئ رزين وبالتالي ينال رضا الرب.
المعينة
أما عن كلمة معيناً نظيره والتي وردت في «تك18:2» فقد وردت في اللغة العبري «آيزر» وتعني معينة ، مساعدة ، مريحة لنفسه ، ملطفة ، مخففة ، مفرجة عنه ، شافية له ، مفيدة له ، معززة له ، مسعفة له ، ذات حرارة جسمية مقابلة له 25مرة في العهدين منها 20 مرة بالعهد القديم ، 5 مرات بالعهد الجديد
«تك18:2» ((وقال الرب الإله : ليس جيدا أن يكون آدم وحده . فاصنع له معينا نظيره))
«تك20:2» ((فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية وأما لنفسه فلم بجد معينا نظيره ))
«مز2:20» ((ليرسل لك عونا من قدسه ومن صهيون ليعضدك ))
«مز20:33» ((أنفسنا انتظرت الرب معونتنا وترسنا هو))
«مز5:70» ((أما أنا فمسكين وفقير ، اللهم أسرع إليَّ معيني ومنقذي أنت يا رب لا تبطؤ))
«مز19:89»((حينئذٍ كلمت برؤيا تقيك وقلت جعلت عوناً على قويِ ، رفعت مختاراً من بين الشعب))
«مز9:115»((يا إسرائيل اتكل على الرب ، هو معينهم ومجنهم))
«مز2:121» ((معونتي من عند الرب ، صانع السموات والأرض))
«أع9:16»((وظهرت لبولي رؤيا في الليل رجل مكدوني قائم يطلب إليه ويقول اعبر إلى مكدونية وأعنا))
+.+.+.+.+.+.+.+.+
نظيره
لم يقتصر الزواج بحسب مشيئة الرب على المفهومين السابقين فقط بل هناك مفاهيم أخرى مثل كلمة «نظيره» ففي «تك18:2» يقول الوحي الإلهي ((وقال الرب الإله .. ليس جيداً أن يكون آدم وحده فاصنع له معيناً نظيره ))
وكلمة نظيره التي وردت في هذه الآية تعني بالعبرية ((نيه- غيد)) وعن العربية تعني ((الجنس المعاكس – مثيل – رفيق – ذات صفات خاصة – من أول وجديد – الشعور المقابل – ليست بمعزل – تضفي هيبة على وجوده – تقف بجانبه – محبوبة من النظرة الأولى – يمكنه رؤيتها )) وقد وردت في الكتاب المقدس مرتين فقط في :
«تك18:2» ((وقال الرب الإله : ليس جيدا أن يكون آدم وحده . فاصنع له معينا نظيره))
«تك20:2» ((فدعا آدم بأسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية وأما لنفسه فلم بجد معينا نظيره ))
كرمة مثمرة
يقول الكتاب المقدس في»مز3:128»((امرأتك مثل كرمة مثمرة في جوانب بيتك))
وقد وردت كلمة «كرمة» في اللغة العبرية «غيه-فين» وتعني عنقود عنب مجدول وملتف جميل المنظر.
أما عن كلمة «مثمرة» فقد أتت بالعبرية «بو-رو» وتعني تجلب ثمار متزايدة ومتجددة .
أما عن تفسير الآية من جهة أمر الزواج فهو كالآتي:-
إن الكتاب المقدس يصف المرأة في أنها كالكرمة المجدولة الملتفة والتي تجلب الثمار بصفة مستمرة في جوانب البيت ، ومن المعروف هندسياً أن جوانب البيت إنما هي ستة جوانب ، أربعة حول البيت والسقف والأرضية ، ومن هنا نبحث عن الثمار الستة للمرأة في بيتها :-
1- ثمرها كمؤمنة :- إن المرأة إن لم تكن مؤمنة لا تنتظر منها ثمر حيث إنها لو لم تكن مؤمنة فهي ليست ابنة للرب ، ولو لم تكن ابنة للرب إذاً فهي ابنة لإبليس وبالتالي ماذا تنتظر من ابنة إبليس إلا كل شر وكل بلية وكل مكايد وكل خراب ، أما المرأة المؤمنة فهي التي ينضح عليها إيمانها ربما لا تكون محبوبة من الجميع وإنما مهابة من الجميع ومحترمة من الجميع وحتى إن كان زوجها لم يعرف الرب فمن الممكن أن تربحه هي للمسيح إن لم يكن مُسَلَّم إلى ذهن مرفوض .
2- ثمرها كزوجة :- الزوجة التي هي بحسب قلب الرب هي زوجة مثمرة بالنسبة لزوجها وهي التي يقول عنها الكتاب في أم11:31 لا يحتاج إلى غنيمة أي أنها مثمرة له حتى أنه لا يحتاج إلى غنيمة ، فهي امرأة متجددة وكل يوم يكتشف فيها الجديد وكل يوم يجد لها ثمر يختلف عما قبله وكل يوم يشعر أنه قد تزوج من جديد تلك هي المرأة المتعقلة التي هي من عند الرب المثمرة لزوجها ، فإن لم يشعر الزوج بذلك وهو رجل متجدد ومؤمن وبحسب مشيئة الرب فسيصبر ولكن إلى حين ، فسيأتي عليه وقت وينفجر بما هو مكنون بقلبه ويكره العودة لمنزله بعد إنهاء عمله وربما تأخذه المشاعر إلى شيء آخر يحبه ويعوضه عن الحرمان الذي يراه من زوجته وربما تأخذه مشاعره وتأسره إلى امرأة أخرى ربما تكون من الرب وربما تكون من إبليس –وهذا ما سنوضحه في الباب الثاني- فينجذب إليها ويترك بل ويبغض امرأته أم أولاده والمهم أن العاتق الكبير في هذا الأمر لا يقع على عاتق الرجل وإنما على عاتق المرأة فإن كانت مثمرة لرجلها فلن يبحث عن بديل لها حيث إنها شبعه.
3- ثمرها كأم :- المرأة المؤمنة ، المثمرة لزوجها ، هي أيضا مثمرة لأولادها ، فالمطلوب من المرأة المتزوجة ليس أن تكون زوجة لرجلها فحسب وإنما أيضا مربية لأولدها ، فالأم هي التي تقضي معظم الوقت مع الأولاد في البيت ، وكثيراً ما نجد سلبيات للأم في معاملة الأولاد بطريقة قاسية وكثيراً ما تتخذ دور الأب حتى أن الأب لم يعلم شيء عن أولاده بل الأم ، فالأم يجب أن تجعل من نفسها أم تكون حازمة ولكن لا تأخذ دور الأب بل تترك هذا الدور لرجلها وتعمل لرجلها حساب غيابه وتجعل أولادها يهابون أبيهم ويخافونه ليس على سبيل الرعب بل على سبيل الاحترام والتقدير ، كما يجب على المرأة كأُم ألا تتخذ اسلوب التفرقة بين الأولاد مثلما فعلت رفقة زوجة اسحق في القديم وإنما عليها أن تكون عادلة في معاملة أولادها ولا تفرق بينهم ، ومن المهم جداً أن أنوه عنه هو رفض اسلوب التدليل لأحد أو بعض أو كل الأولاد ، ذلك لأن اسلوب التدليل عواقبه مؤذية إلى أبعد الحدود ولا نجني منه إلا كل خراب ودمار سواء للابن أو للوالدين أو للمجتمع ككل. فالابن المدلل هو أكبر جرثومة على المجتمع الصغير المحيط به على وجه الخصوص ، وعلى المجتمع العام على وجه العموم ، فكما يقول علم النفس أن التدليل بالنسبة للأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة وهي من عمر سنتين وحتى ست سنوات تُعَدُ خطورته 50% أما إذا تعدى التدليل تلك المرحلة ووصل إلى مداه في مرحلة الطفولة المتأخرة والتي هي من عمر ست سنوات وحتى 12 سنة وصلت خطورته إلى 100% حيث إنه بعد هذه المرحلة يدخل في مرحلة المراهقة والتي يعم فيها التمرد والتذمر ولا يعجبه آراء الآخرين ففي هذه المرحلة يشعر باستقلالية ذاته ، وإذا شعر بهذه الاستقلالية وهو شخص مدلل تعود أن يطلب ولابد أن يجد فبالتالي إذا اشتهى فتاة فلابد أن يصل إليها لأنه تعود على ذلك من أمه وإذا اشتهى ما بيد غيره لابد أن يسلبه مهما بدا له الأمر من خطورة ومهما كانت العواقب والنتائج السيئة ، كل ذلك لأنه كان قد تعود من أمه أنه إذا رأى شيء في يد أخوته لابد أن تأخذه من اخوته وتعطيه إياه وفي النهاية تكون النتيجة هي العار على نفسه وأسرته ومجتمعه . فالأم كرمة مثمرة إما تثمر ثماراً جيدة تُكرَم إما تثمر ثماراً رديئة تلقي في النار.
4- ثمرها كمدبرة منزل :- يقول الكتاب المقدس عن المرأة الفاضلة في «أم14:31-15» ((هي كسفن التاجر تجلب طعامها من بعيد وتقوم إذ الليل بعد وتعطي أكلاً لأهل بيتها وفريضةً لفتياتها))
أي أن المرأة الفاضلة التي هي بحسب قلب الرب هي امرأة مدبرة تعرف كيف تدبر البيت ولم تكن امرأة مبذرة مهدرة للمال الذي يكدح الرجل ويكد ليجلبه على البيت ، فالمرأة الجاهلة هي من لا تدبر أحوال بيتها وهي التي تأخذ الأموال التي يتعب رجلها في جمعها وتهدرها في أمور ليست مفيدة ، أو أنها مفيدة ولكنها لم تقع في المركز الأول من حيث الأهمية ، أو هي مهمة ولكن هذا الوقت غير مناسب لها ، وعلى هذا تكون امرأة غير أمينة على تعب رجلها والغير أمينة على القليل لم تكن أمينة على الكثير ، وأما الأمينة على القليل يستأمنها رجلها على الكثير وهذا ما هو مكتوب في «مت21:25» ((نعماً أيها العبد الصالح والأمين ، كنت أميناً في القليل فأقيمك على الكثير))
5- ثمرها ككنة :- بالطبع إن أوضح مثال للمرأة ككرمة مثمرة مع حماتها لهو ما ورد في سفر راعوث من الإصحاح الأول وحتى الإصحاح الرابع فإذا نظرنا إلى ما ورد في الإصحاح الأول نجد نعمي تحاول أن تصرف كنتيها إلى بيوت أهليهما ، وبالفعل قبلتها عرفة ومضت أما راعوث فنعم الكنة التي ارتبطت بحماتها وقالت لها هذه الكلمات العظيمة في «را16:1-17» ((فقالت راعوث لا تلحي عليَّ أن أتركك وأرجع عنك لأنه حيثما ذهبت أذهب وحيثما بتِ أبيت شعبك شعبي ولإلهك إلهي حيثما مُتِ أموت وهناك أندفن . هكذا يفعل الرب بي وهكذا يزيد إنما الموت يفصل بيني وبينك))
فالمرأة الفاضلة هي من تكسب رضا حماتها بل مثل راعوث من تكسب حماتها
ولا تشعر بأنها حماتها بل أمها حتى وإن كانت تلك الحماة لم تكن امرأة مريحة
ولكن بمقدور المرأة الفاضلة أن تجعلها تحبها وترتبط بها إن آجلاً أو عاجلاً.
6- ثمرها مع الآخرين:- مكتوب في «أم20:31» ((تبسط كفيها للفقير وتمد يديها إلى المسكين))
فالمرأة الفاضلة لم تكن هي الكرمة التي تثمر لزوجها ولأولادها ولحماتها فقط بل يمتد الأمر إلى ما هو أبعد من ذلك فهي المرأة التي تساعد الفقراء والمساكين ومعاملتها مع الآخرين إنما هي معاملة جيدة تجعل الناس يحترمونها ويقدرونها ويوقرونها وهي أيضاً من تتعامل مع الآخرين بصورة لا تهين غياب أو حضور رجلها حتى لا يطمع فيها الآخرين بل تعامل الآخرين معاملة عادية معاملة ترضي الرب حتى إن أساء أحد فهم هذه المعاملة يحميها منهم الرب حيث إنها تعاملهم بطريقة ترضي الرب.
هذه هي المرأة التي ترضي الرب في كل شيء في تعاملها مع رجلها وأولادها وبيتها وحماتها والآخرين فتكون ككرمة مثمرة في جوانب بيتها.

كيف ترضي رجلها يقول الكتاب المقدس في «1كو34:7» ((إن بين الزوجة والعذراء فرقاً . غير المتزوجة تهتم فيما للرب لتكون مقدسة جسداً وروحاً وأما المتزوجة فتهتم في ما للعالم كيف ترضي رجلها))
ولكن ما معنى أن الزوجة تصب كل اهتمامها في كيفية إرضاء رجلها ؟ هل معنى ذلك أنها تفعل كل ما يطلبه الزوج مهما كان ؟ كلا إنه كل ما هو مطلوب منها هو أنها تجعل رجلها شخص سعيد ويكون اهتمامها منصب على كيفية إسعاده ولكن لا يتعدى اهتمامها بذلك إرضاء الرب ، أي أنها لا يمكن لها أن ترضي رجلها على حساب رضا الرب بل ترضي رجلها في حدود رضا الرب ولكن ما هو الشيء الذي يرضي الرجل حتى أن الكتاب المقدس يأمر المرأة أن تصب اهتمامها في ذلك ؟
ومن هنا يجب أن نتساءل ما هي الأشياء التي ينشدها الرجل في امرأته حتى يكون راضٍ عنها وراضٍ عن الحياة بأكملها معها ؟ ولا ننسى أننا نتحدث عن الزوج السوي والرجل الحقيقي والشخص المؤمن الذي هو بحسب قلب الرب.
1- أن تكون زوجة مؤمنة بالرب وترضي الرب في كل تصرفاتها.
2- أن يشعر أنه هو الشخص الوحيد الذي يحتل مركز الصدارة في حياتها دون غيره ، أي أنه هو وكفى.
3- أن يجد فيها الأم الحنون التي تحتمله وقت غضبه وتحتضنه وقت يأسه .
4- أن يمارس معها الحب –الجنس- المتبادل ويشعر أنها تشتاق إليه كما يشتاق هو إليها وترفع عنها ثوب الكبرياء الجنسي أو ما يسمونه بعض البلهاء «الأدب» حيث إن الجنس بين الزوجين لم يتعدى حدود الأدب مهما وصل من الفاظ أو كلمات العشق فهذا مرضي للرجل جداً.
5- أن يشعر أنها تحتاجه وتحتاج لحمايته كرجل أي كأنه بطل أو فتى أحلامها.
6- أن يرى فيها المرأة المهتمة بنفسها ونظافة بيتها ونظافة أولادها .
7- أن تشعره دائماً برجولته معها كزوج رجل تهابه وتحترمه .
8- أن تحترم حضوره وغيابه وتجعله يشعر بذلك أي تجعله يشعر بأنها تحترم غيابه كما حضوره وتقدره وتحترمه أمام الآخرين وفي البيت أيضاً.
9- تتصرف كأنثى في أمور حياتها معه وليس كرجل .
10- ألا تكون صخابة كما يصف سفر الأمثال عن المرأة الجاهلة ، أي يكون صوتها منخفض وهادئ ولا تكون صاحبة مشكلات مع الآخرين بل تجعل الجميع يختمونها .
11- تُشعرِه أنها تخاف عليه وعلى ما يجلبه من مادة في البيت ولا تحمله فوق طاقته من مصاريف حتى لا تنصب اهتماماته على كيفية جلب المال ومن هنا يبدأ في اهمال زوجته والاهتمام بالجانب المادي فقط.
فإذا قامت الزوجة بعمل كل هذه الأشياء مع رجلها فهي بذلك تعرف كيف ترضي رجلها وبالتالي كيف ترضي الرب .
غير مخاصمة يقول الكتاب المقدس في «أم19:21» ((السكنى في أرض برية خير من امرأة مخاصمة حردة)) وأيضاً في «أم9:21» ((السكنى في زاوية السطح خير من امرأة مخاصمة وبيت مشترك))
فالمرأة المخاصمة لا يطيق الرجل أن يحيا معها في بيت مشترك ، ذلك لأن خصام الرجل يمكن للمرأة أن تتغلب عليه ويمكنها أن تمتص غضبه وتجعله يهدأ ، أما من جهة المرأة فعندما تخاصم يصير البيت جحيم وبلا طعم ومن الصعب على الرجل ان يمتص غضب المرأة ، حيث إنه لم تكن لديه هذه الموهبة العظيمة الموهوبة لها كامرأة على وجه الخصوص ، فالله قد ابتكر المرأة مزودة بموهبة القدرة على الاحتمال ، فالمرأة بقدورها امتصاص غضب الرجل وتصفية الخلافات والمنازعات بينها وبين الرجل بسهولة جداً أكثر من الرجل .
فبما ان المرأة هي بلسم البيت وهي الوجه فلابد ألا تعرف الخصام بل دائما تثسم بالمصالحة وتتسم بالوجه البشوش .

مدبرة يقول الكتاب المقدس في «أم 15:31-18» ((وتقوم اذ الليل بعد وتعطي اكلا لاهل بيتها وفريضة لفتياتها. تتأمل حقلا فتأخذه وبثمر يديها تغرس كرما. تنطّق حقويها بالقوة وتشدد ذراعيها.تشعر ان تجارتها جيدة.سراجها لا ينطفئ في الليل))
إن هذه الكلمات الرائعة إنما توضح كيف أن الزوجة التي هي من عند الرب كم هي مدبرة ، فالمرأة الحكيمة هي التي توفر وتدبر في البيت ولا تكن هي تلك المرأة المسرفة المبذرة التي تضيع وتهدر ما يجلبه زوجها من مال ، بل بحكمتها تدبر البيت حسناً ولا تنظر إلى نفسها فقط بل بالحري إلى كل أهل بيتها وهذا النوع من النساء هن مًنْ يعرفن كيف يدبرن البيت ، وهذا أيضاً يجعل زوجها يشعر بالاطمئنان ويبعث فيه الهدوء النفسي حيث إنه يضع ثقته في تلك المرأة ولا يخشى على البيت اقتصادياً ومن هنا يبدأ في أخذ مشورتها في كل شيء حيث إنها أثبتت جدارتها في كيفية الحفاظ على بيتها وكيفية تدبير الأمور المنزلية ، وهذا لا يعني أنها تهمل في ملبسها أو مظهرها ، بل أقول أنها توازن بين الأمور وتعرف كيم تفضل الأهم على المهم ، هذا غلى جانب أن لا مانع من تساعد المرأة رجلها مادياً ولكن هذا يتأتى عندما يكون زوجها راضٍ عن ذلك ، حيث إن هناك بعض الأزواج لا يرضون عن عمل المرأة وفي هذه الحالة على المرأة ان تخضع لإرادة رجلها ، فعندما تطيع المرأة رجلها في مثل هذه الأمور تكون امرأة مرضية لدى الرب أولاً ولدى رجلها ثانياً.
نشيطة يقول الكتاب المقدس في «أم27:31» ((تراقب طرق اهل بيتها ولا تأكل خبز الكسل)) فمن أهم الأشياء التي تؤرق الرجل هو أن يرى امرأته دائماً مريضة ودائماً تعبانة ودائماً تشكي من المرض ومن البيت ومن الأولاد ، فالرجل الذي يرى امرأته دائماً بهذه الحالة ربما يحنو عليها في بادئ الأمر أما إذا طال الأمر طويلاً يشعر بالملل والضيق ويشعر بحالة من غدم الرضا عن وجوده بالبيت ، ويرغب في البقاء خارج البيت ، ويشعر بالتعب النفسي عندما يقرب ميعاد وصوله للبيت ، حيث إنه يعرف جيداً أنه عندما يذهب إلى البيت سيجد المرأة المريضة الشاكية من البيت والأولاد والتعب في الأعمال المنزلية ، هذا إلى جانب أن هناك نوع آخر من النساء لسن بمرضى بل يتمارضن ويصطنعن المرض والغرض من ذلك شيئين :
الأول هو إقناع الزوج بأنها تتعب مثله تماماً ولا فرق بينه وبينها .
أما الغرض الثاني وذا هو الأرجح هو اصطناع التعب أمام الزوج حتى لا يطلب منها ممارسة الجنس وإن وافقته .. توافقه لتثبت له أنها امرأة مضحية أعتطه الجنس في وقت تعبها وذلك حتى يعوضها عن ذلك بأي أمر مادي .
ولكن الحقيقة التي تكمن وراء ذلك تتلخص في أمر من اثنين :-
الأول هو أن تلك المرأة لم تكن مملوءة بالحب لرجلها ، فإن كان في قلبها حب لزوجها لكان التعب يذهب عندما يقبل زوجها حبيبها من عمله ، ولكان التعب والألم والإرهاق في الأعمال المنزلية يذهب غندما ترتمي في حضنه ، فالحب يُذْهِبُ التعب والألم مهما كان .
أما الأمر الثاني يكمن وراء التركيبة النفسية لتلك المرأة ، فهناك بعض النساء يصبنَ بمرض الشكوى مهما كان التعب قليل ويحببن أن يظهرن أنفسهن في مظهر الأم التي لم تجد راحة أبداً فهي تتعب لبيتها ولأولادها ولرجلها وكل هذا التماساً لكلمات العطف والشفقة من رجلها أو من الآخرين ، و يرجع السبب في هذا إلى التركيب النفسي للمرأة ، حيث الخبرة القبلية التي عاشتها مع أمها عندما كانت تراها دائماً كثيرة الشكوى من التعب المنزلي وتعب التربية والتعب مع الزوج وطلباته ، أو ربما لأن هذه المرأة عندها شعور بالنقص وتريد أن تعوض هذا الشعور بلفت نظر رجلها والآخرين إلى ما تفعله في منزلها وإلى ما تسمينه شقاء البيت والأولاد وطلبات الرجل .
ومن هنا يبدأ عندها الشعور بالكسل وعدم الرغبة في أداء الأعمال المنزلية وأيضاً الكسل في العمل على راحة رجلها والكسل حتى في الاهتمام بمظهرها الخارجي او نظافتها الشخصية ، حيث إنها قد اقتنعت تماماً أنها امرأة مُتْعَبَة من البيت والأولاد والزوج .
أما المرأة الموجودة في «أم31» يقول عنها كتابنا المقدس أنها ((لا تأكل خبز الكسل)) أي أنها لا تعرف الكسل لا عن البيت لا عن الأولاد ولا عن زوجها حبيبها ، وهنا أيضاً أقول انه إذا توافر الحب الحقيقي بين الزوجين تجد المرأة مهما تعبت في أداء الأعمال المنزلية عندما ترى زوجها مقبل من عمله وترتمي في أحضانه فيذهب منها كل تعب بل وتعتبر أن ما تعبت فيه في البيت إنما هو ما يسمى بتعب المحبة .
متقية الرب في نفس السفر ونفس الإصحاح والعدد 30 تجد خلاصة الأمر كله وهذا ما نجده في الآية التي تقول ((الحسن غش والجمال باطل.اما المرأة المتقية الرب فهي تمدح)) إن بعض الزوجات يعتقدن أن جمالخن وحسنهن شيء كافٍ للمدح فيها وأن جمالها هو سر نجاحها في الحياة ، وبالطبع هذا الكلام خاطيء جداً ، فالمرأة المتقية الرب لا تحتاج لمن ينصحها كيف تعامل رجلها ، فالروح القدس الذي فيها يعلمها كيف تعامل رجلها وربما تخطئ أيضاً في تطبيق النصيحة ، كذلك المرأة المتقية الرب لا تحتاج لمن يعلمها كيف تكون زوجة فاضلة وأم رائعة ومربية ممتازة حيثإن روح الله الذي فيها يعلمها كل هذا فهي تتصرف وتسلك بالروح وليس بالجسد .

خلاصة الفصل الثاني
المطلوب من الزوجة تجاه زوجها .. هـــــــو :-
خضوع كما للرب
الخضوع الكامل
خضوع التزين
خضوع الاحترام
خضوع الهيبة
فاضلة
ثمنها يفوق اللآلئ
بها يثق قلب زوجها
معها لا يحتاج إلى غنيمة
تصنع له خيراً لا شراً
تاج لبعلها
متعقلة
حكيمة
معينة
تكون نظيره
كرمة مثمرة في جوانب البيت
ترضي رجلها
غير مخاصمة
مدبرة
نشيطة
متقية الرب

الفصل الثالث
دور الزوجين تجاه بعضهما البعض وانعكاسه على الأولاد والمجتمع
مقدمة:-
تحدثنا في الفصلين السابقين عن الأمور المطلوب من الرجل القيام بها وكذلك الأمور المطلوب من المرأة القيام بها ، أنما في هذا الفصل نقوم بدراسة وافية عن دور الأثنين معاً لنتعلم كيف يصير الرجل والمرأة بعد زواجها لنعرف ما هو المفهوم الحقيقي للزواج الذي هو بحسب خطة الله للإنسان لنغرف من خلال هذه الدراسة أن الزواج لم يكن بالأمر المحتوم على الإنسان مثله مثل الموت وأن الهدف من الزواج لا يمكن أن يكون الجنس فقط أو بقاء النوع فقط وإنما مفهوم الزواج يتسع إلى ما هو أعمق وأبعد من ذلك بكثير .
فهناك كثير من المفاهيم المجهولة لدي الكثيرين من البشر عن الزواج الكتابي الخقيقي وسوف نقوم بتوضيح هذه المفاهيم تفصيلياً ليس لتصحيح الأفكار فقط وإنما لتصحيح الأوضاع أيضاً ، وحتى يفكر المرء أكثر من مرة قبل الإقدام على خطوة مصيرية في غاية الأهمية مثل خطوة الزواج ، فقبل أن يفكر المرء في الزواج عليه ان يدرس هذه الرسالة دراسة وافية ليعرف كيف يختار الزوجة التي بحسب قلب الرب وأيضاً تعرف المرأة كيف تختار الزوج الذي بحسب قلب الرب وليعرف الإثنين معاً كيف يعيشا حياة الزواج المقدس الكتابي الحقيقي الذي هو بحسب خطة الله لكليهما وبالتالي ليصبح زواجهما زواجاً ناجحاً مرضي لدي الرب وليكونا مجتمعاً صغيراً رائعاً وتكون الأسرة أسرة مقدسة تحقق خطة الله المرجوة على الأرض .
لذا دعونا نقوم بدراسة المفاهيم الخاصة بالزوجين معاً بحسب الفكر الكتابي .

مفهوم الجسد الواحد:-
إن المفهوم الأول للزواج الحقيقي الذي هو من قِبَل هو مفهوم الجسد الواحد فالزواج الذي هو بحسب مشيئة الرب متوقفا على مفهوم الجسد الواحد ، فالزوج والزوجة لا يعدان جسدان بعد زواجهما بل جسدا واحدا وهذا ما نجده في «مت7:19» (( إذ ليسا بعد اثنين بل جسدا واحدا ))
ولكن الكثير من الناس يفتقدون مفهوم الجسد الواحد ولذلك دعونا نعود للغة الكتاب الأصلية لنعرف ما معنى كلتا الكلمتان باللغتين العبرية واليونانية :-
لقد وردت كلمة «واحداً» الخاصة بتلك القرينة في اللغة العبرية والموجودة في «تك24:2» ((إيخود)) وتعني رقم واحد مكرر مرتين مثل العدد 11 وهما واحدان متلاصقان متطابقان حتى إذا وضعا بعضهما على بعضٍ نراهما رقم واحد وهو ((1)) وفي اليونانية «مي-آه» وتعني نفس الترجمة السابقة ، وقد وردت تلك الكلمة بترجمتيها في العهدين القديم والجديد 752 مرة ، منها 693 مرة بالعهد القديم ، و 59 مرة بالعهد الجديد.
ولكن ماذا تعني كلمة «إيخود» التي تعبر عن الوحدة في الكتاب المقدس ؟
سنأخذ يعض الشواهد من ال 752 آية الموجودة بالكتاب والتي تعبر عن الوحدة :
1- الوحدة المكانية :- تك9:1 ((لتجتمع المياه إلى مكان واحد))
إن كلمة «واحد» هنا مترجمة عن الكلمة «إيخود» ونجد هنا أنها تعبر عن الاتحاد المكاني ، فالعلوم الجيولوجية تثبت لنا بالدليل القاطع أنه قبل خلق الإنسان بأزمنة جيولوجية بعيدة كان هناك بحر يسمى بحر «تثس» في إحدى الأزمنة الجيولوجية ألا وهو الزمن الأركي ، أو زمن ما قبل الكمبري ، وقد كان في هذا الزمن يفيض بحر «تثس» فيغطي إفريقيا بالكامل ثم بعد آلاف السنين يعود ويتراجع وهلم جرا ، إلى أن أتي زمن الهدوء النسبي والذي فيه اجتمعت مياه ذلك البحر العظيم إلى مكان واحد صغير وهو البحر الأبيض المتوسط المغروف لنا حالياً .
فاتحاد المياه المتفرقة إلى مكان واحد مكونا البحر ، ذاك الذي هو سر الحياة إنما يشير إلى الوحدة المكانية بين زوجين كان متفرقين ، كل منهما كان يعيش بمعزل عن الآخر في منزل أسرته ولكن بعد الزواج يتحدان في مكان واحد يجمع بينهما طول الحياة وهذا هو سر بقاء الحياة .
2- الوحدة الجسمانية:- لننظر ما يقوله الكتاب المقدس في «تك24:2» ((لذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكونان جسدا واحدا))
ولكن ما معنى الجسد الواحد هنا ؟
لننظر سوياً في تك21:2((واخذ واحداً من أضلاعه وملأ مكانها لحماً))
إن الله في عملية ابتكار حواء أخذ ضلعاً من آدم وملأ مكانها لحما أي أن حواء جسمها من آدم وضلع آدم في حواء أي أنهما بالفعل جسدٌ واحدٌ ولذلك قال الكتاب في»أف33:5» (( وأما أنتم الأفراد فليحب كل واحد امرأته هكذا كنفسه))
فالرجل والمرأة المتزوجان هما جسد واحد حرفيا وفعليا وليس كلاما مجازيا أو معنويا .
3- الوحدة الإلهية:- يقول الكتاب المقدس في «تك22:3» ((هوذا الإنسان قد صار كواحد منا)) «واحد» هنا مترجمة «إيخود» أي نفس الترجمة المعبرة عن الوحدة بين الزوج والزوجة فالوحدة بين الله والإنسان في هذه الآية إنما هي الوحدة المعرفية فان تكملة الآية «عارفا الخير والشر» أي وحدة معرفية ونفس الوحدة «إيخود» بين الزوج والزوجة إنما هي وحدة إلهية معرفية كل منهما يعرف الآخر على حقيقته وكل منهما يُكْتَشَفُ لدى الآخر أي أن كل منهما يدخل في الآخر ويكتشفه وبالفعل تجد أن أكثر الناس فهما للزوج هي الزوجة ، وأكثر الناس فهما للزوجة هو الزوج ، وإن لم تجد هذا في أحدهما أو كلاهما إذا هما ليسا بزوجين متحدين بل منفصلين في الفكر والتداخل والوحدة «إيخود».
4- وحدة القسمة :- إذا نظرنا في الكتاب المقدس في «تك25:10» ((ولعابر ولد ابنان اسم الواحد فالج «أي قسمة» لأن في أيامه قسمت الأرض واسم أخيه يقطان)) نجد أن ترجمة كلمة «الواحد» لم تكن تعني التعددية أو الأسبقية وإلا قال على أخيه «الآخر» أو «الثاني» ولكنه قال «أخيه» إذا كلمة الواحد هنا والتي هي بالعبرية «إيخود» تعني في الآية ((ولعابر ولد ابنان ، اسم المتحد فالج ، لأن في أيامه قسمت الأرض واسم أخيه يقطان)) وكلمة فالج تعني القسمة ، ومعنى ذلك أن القسمة هي أساس الوحدة أو الاتحاد ولا يعني الانفصال فرغم أن الزوج والزوجة هما شخصان متحدان في الفكر والجسد ألا أن الأمور الحياتية لابد أن تكون مقسمة بينهما فإذا قُسِمَتْ المهام بينهما وعرف كل منهما ما له وما عليه من واجبات لصارت الحياة بينهما رائعة جدا فالرجل «عقل» والمرأة «قلب» فإذا كان الإثنان عقل صار البيت جاف جامد بلا مشاعر ولا أحاسيس ولا مرونة ، وكذلك نفس الأمر إذا كان الاثنان قلب صار البيت خراب بلا قائد بلا انضباط بيت يعمه الفساد المؤدي إلى النجاسة ، وهنا أراد الله أن يكون من أساسيات الاتحاد التقسيم «فالج»
5- وحدة اللغة:-
«تك1:11» ((وكانت الأرض كلها لساناً واحداً ولغة واحدة))
وأيضا في هذه الآية نجد أن كلمة «واحدا» مترجمة عن نفس الكلمة «إيخود» وتعني الاتحاد اللغوي ، وهذا أيضاَ يهد من أساسيات الزواج المسيحي ، الاتحاد اللغوي أي أن الزوجة تتحدث بلسان زوجها والزوج يتحدث بلسان زوجته وهذا هو ما نلاحظه في الأزواج المتفقون ، عندما نتحدث إلى الزوج نجد لهجة كلامه مطابقة للهجة زوجته والعكس لهجة الزوجة مطابقة للهجة الزوج ، وأحيانا عندما يتحدث الزوج والزوجة لبعضهما البعض تجدهم أحيانا ينطقان بالكلمة في وقت واحد أي أن بينهما تواصل كلامي .
6-وحدة البركة :- عندما ذهب عيسو إلى اسحق أبيه وكان يعقوب قد أخذ منه البركة فسأل عيسو اسحق أبيه قائلاً « ألك بركة واحدة يا أبي؟» «تك38:27»
وهنا أيضاً نجد كلمة «واحدة» مترجمة عن الكلمة «إيخود» أي البركة المتحدة المركبة المزدوجة وهذا ما فعله اسحق مع يعقوب عندما أعطاه البركة ، فقد أعطاه بركة مركبة مزدوجة.
• بركة الأرض: ((فليعطك الرب من ندى السماء ومن دسم الأرض وكثرة حنطة وخمر)).
• بركة الناس :- ((ليستعبد لك شعوب ، وتسجد لك قبائل ، كن سيداً لاخوتك ، وليسجد لك بنو أمك ، ليكن لاعنوك ملعونين ومباركوك مباركين)) .
من هنا نستنتج أن الوحدة في الزواج هي وحدة البركة أي البركة المركبة المزدوجة للاثنين الزوج والزوجة .
7-الوحدة الاجتماعية:- يقول الكتاب المقدس في «تك16:34» ((نعطيكم بناتنا ونأخذ لنا بناتكم ونسكن معاً ونصير شعباً واحداً)) ومن البديهي هنا أن نوع الوحدة في هذه القرينة هي وحدة اجتماعية من الدرجة الأولى وحيث إن كلمة «واحداً» التي وردت بهذه الآية مترجمة عن الكلمة العبرية «إيخود» فتكون على هذا الأساس الوحدة بين الزوج والزوجة إنما هي وحدة لمجتمع الأسرة الصغير والذي يعمل بدوره على وحدة مجتمع البيئة الكبير ومن ثم المجتمع الأكبر فالأكبر.
8-وحدة الحلم :- «تك5:40»((وحلما كلاهما حلما في ليلة واحدة)) من هذه الآية نجد أن كلمة واحدا مترجمة هي أيضاً عن كلمة «إيخود» ومعنى هذا أن الحلم هنا إنما هو حلم متحد ، فالزواج المسيحي الحقيقي والذي هو بحسب مشيئة الرب لابد أن يكون متحد الحلم أي أنه الطموح الواحد الفكر المستقبلي المتحد ، فإذا اختلف الاثنان في الطموح وصار لكل منهما طموح مختلف عن الآخر حدث الانشقاق والاختلاف والسير كل منهما نحو طموحه الخاص به فيسيرا الاثنان في اتجاهين متوازيين فلا يتقابلا على الإطلاق طول حياتهما مع بعضهما البعض .
9-وحدة الانتماء البيتي:- يقول سفر الخروج ((في بيت واحد يؤكل)) أي بيت إسرائيل «خر46:12» هذه الآية تتحدث عن أكل الفصح و الترجمة الأصلية للآية تقول ((في بيت متحد يؤكل)) وما هذا إلا دليلاً على وحدة البيت ، والبيت المسيحي لكي يكون بيتاً متحداً لابد أن هناك انتماء من الزوج والزوجة للبيت أي أن الزوج لابد أن يشعر بأن هذا البيت هو جنته ملكه لا يشعر بالراحة إلا فيه وهي أيضا من بعد زواجها لا تشعر بالانتماء لأي مكان سوى ذلك البيت الذي هو مملكتها ومن هنا يصير ذلك البيت بيت متحد يؤكل فيه.
10-وحدة المبدأ:- من الآية الواردة في «خر49:12» والتي تقول ((تكون شريعة واحدة لمولود الأرض وللنزيل النازل بينكم)) يتبين لنا أن القرينة تحدثنا عن شريعة أي ناموس كل مولود على الأرض أي الشريعة التي سيربى عليها مولود الأرض هي شريعة متحدة موحدة غير متعددة ، وكذلك في أمر الزواج لابد أن تكون هناك وحدة في المبدأ بين الزوج والزوجة للأولاد أي أنه إذا كان هناك وحدة في المبادئ الحياتية بين الزوج وزوجته وتوارث الأولاد تلك المبادئ صار البيت مبني على أساس متين وصار الأولاد ذوي مبادئ سامية ولكن إذا كان لكل منهما مبادئه الخاصة به يحتار الأولاد على مبادئ مَنْ منهما ينبغي أن يسلك فيتخبط بين رأيين ومبدأين مختلفين فيصير في النهاية شخص بلا مبدأ بلا ناموس حياتي بلا شريعة تقنن حياته ومستقبله.
11- اتحاد مادي:- من أساسيات الزواج المسيحي الناجح هو الزواج القائم على الاتحاد والاتفاق المادي ، فما أروع الزوج الذي يدخر وما أروع الزوجة التي تدخر ولكن إذا كان هذا الادخار قائم على غير اتفاق ودي بينهما صار خطأ يؤدي إلى الازدواجية والانقسام في البيت ويبدأ كل منهما في إخفاء ما يخصه من الجانب المادي عن الآخر ومن هنا يبدأ حقد كل منهما على الآخر بسبب ما معه من مال ويبغي بل ويسعى لأن يقتني ما مع شريك حياته وبالتالي ينهب كل منهما الآخر ولكن إذا كان هناك اتفاق واتحاد مادي وكل منهما يعرض ما ربحه على الآخر ويخبره به ويصير لكلاهما كيس ادخار واحد مع الحب والوفاق يصبح ذلك البيت سعيد مادياً ولا يعوزه شيء من المادة ولا الافتقار لأحد الغرباء. وهذا ما أوضحه الكتاب المقدس في «أم10:31-14» ((امرأة فاضلة من يجدها لأن ثمنها يفوق اللآلئ ، بها يثق قلب زوجها فلا يحتاج إلى غنيمة تصنع له خيراً لا شراً كل أيام حياتها ، تطلب صوفاً وكتاناً وتشتغل بيدين راضيتين ، هي كسفن التاجر تجلب طعامها من بعيد))
12-وحدة العبادة:- «خر2:24» ((ويقترب موسى وحده إلى الرب وهم لا يقتربون)) وهنا أيضا نجد أن كلمة «وحده» مأخوذة عن الكلمة العبرية «إيخود» والتي تعني متحد ، فتكون الآية ((ويقترب موسى متحداً بالرب وهم لا يقتربون)) وما هذا الاتحاد إلا اتحاد العبادة ، فللزوج والزوجة أن يكونا متحدين بعضهما ببعض اتحاد العبادة ففي بعض الزيجات المسيحية نجد أن الزوج والزوجة يسيرا درب الزواج في طريقين متوازيين ظانين أنهما على اتفاق طالما أنهما في طريقين متوازيين أي أنه طالما لم تكن هناك مشكلات ولا صوت عال ولا شكوى من المادة ويجمع الاحترام بين الزوج والزوجة والأولاد يكون الزواج على هذا الأساس زواجاً ناجحاً متوازياً ، ولكن حتى إذا استمر الزواج على هذا الحال إلى أن يموت أحد الزوجين أو كلاهما ، فهذا زواجاً فاشلاً وليس زواجا ناجحا حيث انه لم يحقق خطة الله المرجوة ولم يكن لهذا الزواج هدف ولا طعم ولا حب إنما هو مثل الموظف الذي استلم الوظيفة وجلس على مكتبه وهو مواظب على عمله يوميا وظل على مكتبه إلى أن أُحيل للمعاش دون ترقيات ولا علاوات ولا حتى شعوره بما يعمل إنما هي مجرد وظيفة ، فهذه هي الرتابة بعينها «الطريق المتوازي»
وإنما الحياة الزوجية السليمة إنما هي ليست الطريقين المتوازيين بل الطريقين السائرين بالطريقة المثلثية ، أي الاتجاه نحو الرأس أي الرب يسوع المسيح فإذا سار الزوج والزوجة نحو الرأس تلاقيا وصارا واحداً .
13-الوحدة الملائكية:-لنتأمل في ذلك الوصف الجليل والمهوب للملائكة على تابوت العهد في «خر19:25-22» ((فاصنع كروبا واحدا على الطرف من هنا وكروبا آخر على الطرف من هناك ، من الغطاء تصنعون الكروبين على طرفيه ، ويكون الكروبان باسطين أجنحتهما إلى فوق مظللين بأجنحتهما على الغطاء ووجهاهما كل واحد إلى الآخر نحو الغطاء. يكون وجها الكروبين وتجعل الغطاء على التابوت من فوق وفي التابوت تضع الشهادة التي أعطيك ، وأنا اجتمع بك هناك وأتكلم معك من على الغطاء من بين الكروبين اللذين على تابوت الشهادة بكل ما أوصيك به إلى بني إسرائيل)) بلا شك أن كلمة «واحداً» في هذه القرينة تعني «إيخود» فتكون بداية القرينة هكذا « ((فاصنع كروبا متحدا على الطرفين كروبا من هنا وكروبا آخر من هناك)) ولكن إذا نظرنا إلى وضع الكروبين نجد أن كل منهما متجها نحو الآخر ولكنهما غير ناظربن إلى بعضهما البعض وإنما ناظران إلى غطاء تابوت العهد ، وما هذا إلا صورة مصغرة للزواج المسيحي أي أن الزوج والزوجة ينبغي أن يكون وجهيهما ليسا لبعضهما البعض بل يوجهان ناظريهما كل نحو غطاء تابوت العهد ذلك الذي يحوي الشريعة تلك التي هي كلمة الله ومن هو كلمة الله إذاً بحسب «يو1:1» هو الرب يسوع المسيح ، أي أن الزوج والزوجة عليهما أن يوجها ناظريهما إلى الرب يسوع المسيح حتى يتحدا معا وحتى يتلاقيا معاً ، هذا إلى جانب أن كل من الكروبين جناحيه متجهان إلى الآخر نحو الغطاء و هذا إشارة إلى الاتحاد في العبادة بين الزوج والزوجة ، ما أجمل تلك الصورة الرائعة بين الزوج والزوجة متعبدان للرب يسوع المسيح في مذبج عائلي متحد .
14- وحدة الفكر:- في «أخ12:30» ((وكانت يد الله في يهوذا أيضاً فأعطاهم قلبا واحدا ليعملوا بأمر الملك والرؤساء حسب قلب الرب)) وكلمتي «قلبا واحدا» هنا في الترجمة الأصلية وردت هكذا «إيخود ليب» وتعني الفكر المتحد ، فما أجمل أن يفكر الزوج وزوجته فكراً واحداً ورأيا واحدا ، والرسول بطرس قد أكد لنا على هذا في رسالته عندما قال ((والنهاية كونوا جميعا متحدي الرأي بحسٍ واحدٍ ذوي محبة أخوية مشفقين لطفاء)) فإذا كان الزوج والزوجة مختلفان في الفكر والرأي صار انقسام في البيت وإنما إذا اتحدا في الفكر والرأي صار هناك هدوء وسلام في البيت . «إر39:32» ((وأعطيهم قلباً واحداً وطريقاً واحداً ليخافوني كل الأيام لخيرهم وخير أولادهم بعدهم))
15-وحدة العمل:- تحدثنا في النقطة الرابعة عن وحدة التقسيم وتكلمنا فيها عن أهمية تقسيم العمل بين الزوج والزوجة ، أما في هذه النقطة نتحدث عن وحدة العمل ، فرغم أن العمل في الحياة الزوجية ينبغي أن يكون مقسما إلا أن هناك بعض الأعمال التي تقع دون انقسام بين الزوج والزوجة ، مثل تربية الأولاد ، تلك التي ينبغي فيها تكاتف الأيدي للعمل المشترك دون انقسام فإذا لم يتحدا الزوج والزوجة في تربية الأولاد وصار لكل منهما سياسته في تربية الأولاد عمل هذا على فصام في شخصية الأولاد وتخبط في عقولهم بين اسلوب الأب واسلوب الأم في التربية ولكن إذا تكاتفا على العمل المشترك في تربية الأولاد أو أي أعمال أخرى في البيت نجحا الزوجان في كل الأعمال المشتركة . وهذا ما تؤيده القرينة في «نح17:4» ((البانون على السور بنوا وحاملو الأحمال حملوا ، باليد الواحدة يعملون العمل وبالأخرى يمسكون السلاح))
16-وحدة التماسك:- «مز20:34» يقول ((يحفظ جميع عظامه واحداً منها لا ينكسر)) إن هذه من أقوى الآيات التي تعبر عن وحدة التماسك بين الزوج وزوجته ، حيث إنها إنما تتحدث كنبوءة عن الرب يسوع الذي «عظم من عظامه لا يكسر» ، وكذلك الزوج والزوجة المتحدان لا يمكن أن يتدخل بينهما أحد ويفصل العلاقة بينهما أو يجلب عليهما المشكلات حيث إنهما متحدان لا ينكسران .
17-وحدة الرجاء:- إن رجاء كل مؤمن هو الحياة الأبدية حيث يقول الكتاب في «تي2:1» ((على رجاء الحياة الأبدية التي وعد بها الله المنزه عن الكذب قبل الأزمنة الأزلية)) وعلى هذا ينبغي أن يكون الزوج والزوجة متحدان في هذا الرجاء المبارك أي هدفهم الحياة الأبدية ونجد هذا في أف4:4 ((جسد واحد وروح واحد كما دعيتم أيضا في رجاء دعوتكم الواحد)) وكلمة «واحد» هنا مترجمة عن الكلمة اليونانية «مي آه» وهي نفس ترجمة الكلمة العبرية «إيخود» والتي تعني الاتحاد في الرجاء الواحد.
18-وحدة الجنس:- يقول الوحي الإلهي في 1كو16:6 ((أم لستم تعلمون أن من التصق بزانية هو جسد واحد لأنه يقول يكون الاثنان جسد واحد وأما من التصق بالرب فهو روح واحد)) وهنا أيضاً نجد كلمة واحد مترجمة عن الكلمة اليونانية «مي-آه» كما أن هذه القرينة تتحدث عن الجنس ، حتى تعلمنا أن الجنس يجعل الجسدين متحدين فالزوج والزوجة ينبغي أن يتحدا أيضاً في الجنس «لا يسلب أحدهم الآخر» «1كو5:7» بل يكون الجنس متوافق مع الاثنان ومتبادل بينهما.
+.+.+.+.+.+.+.+.+.+

مفهوم الاتحاد بين الزوجين :-
يقول الكتاب المقدس في «1بط8:3» ((والنهاية كونوا جميعا متحدي الرأي بحس واحد ذوي محبة أخوية مشفقين لطفاء))
متحدي الرأي :-
إن الاتحاد بين الزوج والزوجة لهو أمر مهم جداً في العلاقة الزوجية ، فقد وردت كلمة «متحدي الرأي» في اللغة اليونانية «هوموفرون» وتعني «عقل واحد» أي أن الرسول بطرس يطلب من الزوج والزوجة أن يكون تفكيرهما واحد ورأيهم واحد وعقلهم واحد ، وهذه حقيقية .
فكثيراً ما نجد أن الزوج والزوجة أحياناً عندما يتكلمون عن موضوع ما تجدهم ينطقون بالكلام في وقت واحد وما هذا إلا دليل على وحدة الفكر ، وأيضاً كثيرا ما تتكلم مع الزوج في أمر ما وحده ، ثم تذهب وتأخذ رأي امرأته تجدها تبدي لك نفس الرأي الذي أبداه الزوج مسبقا ، وما هذا أيضاً إلا دليلاً على وحده الفكر والعقل والرأي ، وهذا ما يقول عنه الرسول بطرس في رسالته.
بحسٍ واحدٍ :-
«سومباسيس» هذه هي الكلمة اليونانية لكلمة «حس واحد» وتعني العواطف المتبادلة ، فلا يجب أن يكون الحب في الحياة الزوجية من طرف واحد بل يجب أن يكون حباً متبادلاً بين الطرفين ، وحتى في كلمات الحب لابد أن تكون متبادلة بينهما.
والتبادل في العواطف تجده أيضاً في الأحاسيس والمشاعر الجياشة بينهما ، كل منهما يشعر بالآخر في فرحه وفي حزنه ، في تعبه وفي سعادته ، ومهما أبدى أيٌ منهما للآخر بعكس ما يشعر به تجده حس شريك الحياة الآخر يأخذه لأن ما أبداه الشريك ليس بصحيح ، وتجد هذا الأمر في الزوجات بصورة أكبر من الأزواج ، تجده أنه لا يرتاح أو يهدأ بال الزوجة ما لم تعرف بما يجيش بقلب رجلها (ليس على سبيل الفضول وإنما على سبيل الحب والمشاعر المتبادلة والحس الواحد) وكذلك الزوج يشعر بضيق شديد وغير عادي بل وألم رهيب عندما يشعر بأن زوجته محبوبته في ألم من شيءٍ ما ، ولا يهدأ باله ويرتاح حاله إلا عندما ينجح في إذهاب هذا الألم من زوجته سواء كان ألم نفسي أم جسدي أم روحي ، كل هذا عن طريق الحس الواحد.
ذوي محبة أخوية :-
وهنا يبدأ الارتباك واختلاف والفلسفات البشرية ، فالبعض يعتقد أن عبارة «ذوي محبة أخوية» تعني أن الزوج والزوجة يحبان بعضهم بعض كأخ وأخت ، ويتطور البعض الآخر إلى مفهوم روحي أسمى وهو أن الزوج والزوجة يحبان بعضهما البعض كأخ وأخت في المسيح ، وإن كان هذا المفهوم غير مرفوض روحياً فهو لم يكن مفهوماً تعليمياً خاصاً بالزواج وإنما المفهوم الأعمق والمقصود به في هذه القرينة عن الزواج هو ما أوضحته اللغة اليونانية لغة الكتاب المقدس الأصلية .
فقد وردت هذه العبارة في اليونانية «فيلاديلفوس» وتعني متحابان بحكم أنكما أخوة في جسد الرب أي بصفتكم مؤمنان ، أي أنه يتحدث عن أخ وأخت لبطرس في الإيمان ، أي أنه يتحدث عن زواج مسيحي حقيقي فيه الزوج مؤمن والزوجة مؤمنة أي أنه زواج من الرب ، ومن هنا يكون الاتحاد بينهما شيئاً طبيعياً حيث إنهما الاثنان في المسيح.
مُشفقين :-
وبالطبع أن الشفقة هنا لا تعني أنهما يكونان مُشفقين على الغير وإنما مُشفقين على بعضهما البعض ، فكلمة «مشفقين» هنا تعني «تحنوا على بعضكما البعض» ويكون هناك ترفق وود قلبي .. ومتحابان ، ذلك لأنها باليونانية «يوسبلانكنوز» فالترابط الوجداني بين الزوج والزوجة لهو أمر في غاية الأهمية فلا ينفع أن يكون الحب الزوجي من طرف واحد وإلا ساءت العلاقة بينهما ، ويوماً ما ستصبح منعدمة من الطرفين حيث إنها علاقة غير متكاملة الأطراف والحب فيها ليس متبادلاً وليس فيها حنو بل كل منهما يرى الواجب المطلوب من الآخر ولا يرى ما عليه وكل منهما يحب أن يكون في صورة أفضل من الآخر أمام الناس وكأن العلاقة بينهما علاقة حرب وليست علاقة حب . فما يجب أن يكون هو أن تكون العلاقة بين الزوجين علاقة متبادلة بين قلبين متحابين يحنو كل منهما على الآخر ويشفق كل منهما على الآخر .
لطفاء:-
«فيلوفرون» تلك هي كلمة لطفاء باللغة اليونانية أصل الكتاب المقدس وهي تعني اللطف والود واللفظ المهذب الهادئ الناعم الرقيق .
فما أجمل أن تحتل كلمات الود والحب والغزل مكان الصدارة في حياة الزوجين فتمتلئ حياتهما بالحب والجو الهادئ وصفو الحياة ، ويدعو هذا لاحترام الأولاد لوالديهم ، حيث إنهم يرون الأب والأم يحترمان بعضهما البعض ويتبادلا كلمات الحب والغزل العفيف فيما بينهما .
غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة
وعن هذه النقطة يقول الكتاب في «1بط9:3» يقول الكتاب المقدس ((غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين أنكم لهذا دُعيتم لكي ترثوا بركة))
فما أرهب الشجار والخلاف بين الزوجين ، وكم هو شيء يؤرق الحياة ويعكر صفوها ولا تعود نتيجته عليهما فقط بل أيضاً على الأولاد وأسرة الزوج وأسرة الزوجة وعلى المجتمع الصغير الذين يعيشون فيه وعلى المجتمع الأكبر ككل كلما تعدد الخلافات الأسرية ولكن الأهم من كل هذا أن هذه الأمور تُحْزِنُ قلب الرب ، فالعلاقة بين الزوجين إذا وصلت إلى التفكير عن مجازاة الشر بالشر .. صارت حياة زوجية فاسدة ، وإذا وصل مداها للانتقام فلابد من حلٍ جِذْرِي وهذا ما سنورده في الباب القادم.
كذلك ما أفظع الشجار والخلاف بين الزوجين حين يدخل فيها الشتيمة والألفاظ الفظة التي تولد الجروح بقلب كل من الزوجين ، فالكلمة الجارحة بينهما لا تُنسى أبداً وخاصة إذا وُجِهَتْ من المرأة للرجل ، فلن ينساها كلاهما ولن يشفى ذلك الجرح ، حتى وإن كانت هناك مصالحة بينهما فلن يُشْفى أو يُنسى ذلك الجرح أو تلك الإهانة ولذلك أُحَذِرُ كُلَ امرأةً من أن تحاول أن تجرح رجلها أو تسبه ولو حتى على سبيل الدعابة ، فهو يمثل بالنسبة لك أيتها المرأة كالمسيح بالنسبة للكنيسة ، فمتى تطاولت الكنيسة على المسيح وسبته أو شتمته ؟ . كذلك الرجال أيضاً أقول لكل رجل لابد من أن تلفظ لزوجتك بكلمات الحب والغزل بدلاً من كلمات الشتيمة ولو على سبيل الدعابة وإلا تطاولت هي أيضاً عليك ، فالكلمات التي تلفظونها مع بعضكما البعض على سبيل الدعابة ستستخدمونها بسهولة شديدة في وقت الشجار والخلاف ، أما إذا كانت الكلمات المتبادلة بينكما هي كلمات الحب والغزل ففي وقت الشجار والغضب سيحل محلها كلمات كهذه ((الله يسامحك – الرب يتصرف معك – الرب يباركك)) ومن مثل هذا القبيل ، فكونا زوجين بحسب قلب الرب حتى تستمر الحياة بينكما في ظل المسيح له المجد .

لكل واحد امرأته ولكل واحدة رجلها:-
كثيرون يسيئون فهم تلك العبارة ويعتبرونها نوع من أنواع التملك والسيطرة والاستحواذ ، ولكنني اقول هذا أنه إذا بث الرجل هذا الشعور في امراته فسيخسرها وكذلك إذا بثت المرأة هذا الشعور في الرجل فستخسره ، فحب الامتلاك والاستحواذ ينفع فقط مع الأشياء وليس مع الأشخاص ، فاملك سيارتك كما تشاء واستحوذ على ما لك كيفما تريد ولكن لا تستحوذ وتمتلك امرأتك ، وأنتِ أيضاً أيتها الزوجة لا تستحوذين وتمتلكين رجلك ، ولكن إذا كان الأمر هكذا فما الذي تعنيه الآية إذاً ؟
ليكن لكل واحد امرأته تعني في اللغة الأصلي امرأته التي هي ملكه وأيضاً لكل واحدة رجلها تعني في اللغة الأصلية الذي هو ملكها !! فلما نقول أن حب التملك يحل مع الأشياء وليس مع الأشخاص ؟
إن الأمر ببساطة أن القرينة هنا تتحدث عن العلاقة الجنسية ويقول الرسول بولس أنه لكي يتجنب الأخوة والأخوات أمر الزنا فلتكن ممارسة الحب أي الجنس مع زوجته أمر ملكاً له ، من حقه هو فقط دون غيره ، وكذلك المرأة إن أمر ممارسة الحب أي الجنس مع زوجها لهو أمر ملكاً لها وحدها وليس مملوكاً لأي امرأة أخرى ولذلك قال الرسول بولس في الأعداد اللاحقة لهذه القرينة أنه ليس للرجل تسلط على جسده بل للمرأة وليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل ، أي أن جسد الرجل «جنسياً» ملكاً للمرأة وجسد المرأة «جنسياً» ملكاً للرجل .
ولكن الأمر هنا لا يعني أن الرجل يمتلك جسد المرأة بأمر كتابي فيمارس معها الجنس في أي وقت وفي أي مكان وبالطريقة التي تريحه ، كلا .
وكذلك الأمر بالنسبة للمرأة ليس معنى أن جسد زوجها ملكاً لها فهو مجبر أن يمارس معها الجنس حين تطلبه بالتلميح أو بالتصريح أو لها الحق أن ترفضه في أي وقت مهما طال زمن الانفصال الجنسي ، كلا
وإنما الرسول بولس قد عالج هذا الأمر في العبارة التي وردت في «1كو5:7» حينما قال ((لا يسلب أحدكما الأخر)) فالرجل ليس ملكاً للمرأة في كل ما يحتويه من رجولة ولكن القرينة تتحدث عن الجنس وكذلك المرأة لم تكن ملكاً للرجل في كل ما تحتويه من أنوثة بل الأمر موقوف على موضوع ممارسة الجنس بين الزوجين فقط وفقط.

ليوف الرجل المرأة حقها الواجب وكذلك المرأة أيضاً الرجل :-
هذا ما ورد في «1كو3:7» وبالطبع سيقول الرجل هنا أنه طالما أن القرينة تتحدث عن أمر ممارسة الجنس ، فالكتاب يأمر المرأة أن توفيني حقي الواجب عليها في الجنس ، وكذلك تقول المرأة أنه طالما أن القرينة هنا تتحدث عن الجنس فعلى رجلي أن يوفيني حقي الواجب عليه في الجنس .
الله يرحم .. وكأن الجنس هو الحياة ، وكأن الجنس هو السبب الرئيسي الذي يكمن وراءه بقاء العلاقة بين الرجل والمرأة ، كلا
فالجنس هو الوسيلة العملية للتعبير عن الحب بين الزوج والزوجة ولذلك أُطْلِقَ عليه عبارة «ممارسة الحب» وهذه هي أسمى تسمية للجنس الشرعي الذي يرضى عنه الله .
فكون الرجل عليه أن يوف المرأة حقها الواجب فهذا يعني أنه عندما يمارس معها الحب عليه ألا يهتم بنفسه فقط ولا يسلبها حقها في الاستمتاع الجنسي بل يكون أمر ممارسة الجنس مع زوجته هو ممارسة حب وليس ممارسة جنس ، وكونه ممارسة حب ، فعلى الرجل أن يبدأ تلك الممارسة بمقدمات وربما تحتاج هذه المقدمات لأن تبدأ بالكلمات الناعمة الرقيقة ، كلمات الحب والغزل اللطيف ، وحذار كل الحذر أن يتخللها طلب الجنس بصورة مباشرة وإلا هنا جرح الرجل شعور المرأة وقفل باب إحساسها من جهة الجنس وتصير الزوجة هنا بين أمرين ، إما أنها توافق على أن تمارس معه الجنس لترضيه وتنهي الأمر بسرعة أو أنها ترفض الجنس من بدايته ولا ترضى .
ونعود ونقول أن الحق الواجب هو أمر متبادل بين الزوج والزوجة أي أنه في أمر ممارسة الحب على الرجل أن يصب كل تركيزه في كيفية إمتاع زوجته وعلى العكس بالنسبة للزوجة فعليها أن تصب كل تركيزها في كيفية إمتاع زوجها ، وللعلم أنه إذا كان هناك حب متبادل بين الطرفين ففي ممارسة الحب نجد أن قمة استمتاع الزوج لهي في مشاهدة زوجته وهي تستمتع بالجنس وقمة استمتاع الزوجة هي في أن ترى زوجها مستمتع بممارسة الحب معها وقمة النشوة أن يختما الاثنان الممارسة الجنسية معا في وقت واحد في مرحلة الشبق عند المرأة والقذف عند الرجل. ((لا يسلب أحدكم الآخر))
التسلط الجسدي المتبادل :-
يقول الكتاب في «1كو4:7» ((ليس للمرأة تسلط على جسدها بل للرجل وكذلك الرجل أيضاً ليس له تسلط على جسده بل للمرأة))
ونستكمل الحديث الهام جداً والذي يشغل أذهان الكثيرين وخاصةً من قِبَل الرجال ، فالآية هنا أيضاً لا تعني التسلط الجسدي أي أن المرأة تتحكم في تصرفات الرجل أو أن الرجل يتحكم في تصرفات المرأة ، ولا تعني أيضاً حب التملك والتسلط والاستحواذ ، بل إن الآية ليس لها علاقة إلا بممارسة الحب بين الزوج والزوجة ومن هنا ندخل في إرجاء كلمة واحدة في الآية إلى اللغة اليونانية حتى يمكننا أن نقوم بتفسير الآية تفسيراً منطقياً .
هذه الكلمة هي «تسلط» وقد جاءت في اليونانية «إكسوسي-أدزو» وتعني التحكم أو التدرب على التحكم الإرادي على الجسد .
ومعنى الآية هنا واضح وجليل ولكننا من هذه الترجمة نقوم بتفسير الآية !!
بما أن الحديث في هذه القرينة منصب على الكلام عن العلاقة الجنسية بين الزوج والزوجة ، فهذه القرينة أيضاً إنما تتحدث عن تعامل الزوج والزوجة تجاه بعضهما البعض أثناء الممارسة الجنسية كممارسة للحب .
ففي العلاقة الجنسية بين الزوج والزوجة نجد أن هناك كثير من الشكاوى من الرجال أن زوجته تظل ساكتة صامتة باردة أثناء الممارسة الجنسية وعند البحث في الأمر نجد أن هذا الكلام سليم 100% ، ولكن إن كان هناك بعض الزوجات يعانين من البرود الجنسي فهذا شيء ليس بغريب وله أسبابه التي يمكن علاجها ، ولكن الغريب كل الغرابة أنه هناك بعض الزوجات تجدهن لم يكن لديهن بروداً جنسيا ، وهن يتأثرن بأزواجهن أثناء ممارسة الجنس ولكنهن يكبتن هذه المشاعر بل ويتحكمن في جسدهن حتى لا يستجيب الجسد ويتجاوب مع الزوج في الممارسة الجنسية وفي هذه الحالة نجد أن المرأة تتحكم في جسدها وتتسلط عليه ، ولذلك قال الرسول بولس أنه ليس للمرأة تسلط وتحكم في جسدها بل للرجل ، وقد جاءت في الأصل « بل الرجل» أي أن الرجل هو الذي له سلطان على جسدها ولكن لئلا نسيء الفهم ، فهذا ليس معناه أن الرجل يتحكم في جسد المرأة أثناء ممارسة الجنس أو أن يتحكم في الأوضاع الجنسية معها رغما عنها احتجاجاً بما ورد في تلك الآية أنه هو المتسلط على جسدها ولكن الآية تعني أنه كرجل يمكنه بأسلوبه في ممارسة الحب مع زوجته أن يجعلها تتجاوب معه وتلتذ حباً معه وتلذذه هو أيضاً بأسلوبها ، أما من جهة الرجل فالآية تقول عنه هو أيضاً أنه ليس له تسلط على جسده بل للمرأة ، وهذا أيضاً يعني أن الرجل ليس من حقه في أثناء ممارسة الجنس مع زوجته أن يبحث عن أن يقذف وينهي العلاقة الجنسية سريعا وبعدها ينفر من ممارسة الجنس معها ويقوم وهو لا يعلم أنه بذلك قد تسبب لها في إحباط جنسي شديد ولذلك لا يجب على الرجل أن يتحكم في جسده ويعزم على أن يقذف الآن أو بعد دقائق بل يترك هذا للمرأة هي التي تتحكم في هذا ، أي عندما تشعر أنها قد وصلت إلى مرحلة الشبق تبدأ في أن تعطي له إشارة لطيفة في أنها بدأت تتشبق فيركز هو على أن يقذف حتى يحدث الشيئين معاً فليتذ الزوج والزوجة معاً في وقت واحد هو يقذف وهي تستقبل وبالتالي يكونا الاثنان قد أشبعا بعضهما البعض ، حتى يشعران بالرضا والهدوء النفسي بعد ممارسة الحب مباشرةً .
لا يسلب أحدكم الآخر :-
تٌرى ما معنى كلمة يسلب التي وردت بتلك الآية ؟
لقد وردت هذه الكلمة في الأصل اليوناني «أبوستريهو» وتعني سلب ونهب بالخداع والاحتيال في أي من أمور الحياة كالمأكل والملبس والجنس وغيره من أمور الحياة بالبيت .
فالرسول بولس يسأل كل من الزوج والزوجة ألا يسلب أيٌ منهما الآخر وبما أن القرينة هنا تتحدث كلها عن الجنس ، فالسلب هنا المقصود به السلب في الجنس ، ونجد هذا في عالمنا اليوم بصفة أكثر في الرجال ، فهم من يبحثون عما يشبعهم جنسياً دون النظر لحق المرأة في الاستمتاع الجنسي وقد أوردنا بالفصول السابقة ما المقصود بهذا الكلام وكيف أن هنالك بعض الرجال وبصفة أكثر في المجتمعات الشرقية مما يسلبون حق المرأة في الجنس .
اما في الزواج الحقيقي الذي هو بحسب مشيئة الرب هو الذي لا يسلب فيه الرجل حق المرأة في الجنس في أن يبحث عن اشباعه الجنسي في القذف فقط ، أو في سرعة الأداء الجنسي حسب شهوته الجنسية أو في مطالبة المرأة بالجنس في أوقات ليست مستعدة فيها جنسياً أو نفسياً أو جسدياً . فهذا هو السلب بعينه ، كذلك على المرأة ألا تسلب حق رجلها في ممارسة الجنس ولا تتعبه في هذا أو لا تتجاوب معه أو أيٌ من مثل هذا القبيل .
وأخيراً أقول أن الجنس ليس ممارسة شهوانية وإنما هو تعبير عملي عن الحب ولذا فهو يسمى ممارسة الحب وهذا يجب أن يكون من قبل الطرفين وليس طرف واحد.
((تتفرغوا للصلاة والصوم))
وهذا ما هو مكتوب في «1كو 5:7»
ولقد آثرتٌ أن أختم كلامي عن العلاقة الزوجية بهذه النقطة ليس لعدم أهميتها بل لقمة أهميتها فهي أهم ما يحوي الزوجين في أحضان الرب يسوع المسيح فالصلاة والصوم لهما أهم شيئين في العلاقة الزوجية ، وما أجمل أن يكون الله هو الأب والمرشد الروحي وصاحب المشورة الأسرية للزوجين معاً ، فإذا غضبت الزوجة من زوجها .. ليس عليها أن تذهب وتشتكي لأبيها أو أمها الجسديين ، فهما سيعملان لصالحها ضد زوجها ، وكذلك الزوج إذا غضب من زوجته .. ليس عليه أن يذهب ليشتكي لأهله حيث إنهم لا يعملون إلا لصالحه ضد زوجته ، ومن هذا المنطلق تشتد النار ناراً بين الزوجين ويؤدي ذلك إلى الانفصال وتحويل البيت إلى جحيم ، ولكن ما أجمل ان يذهب الإثنان عند الغضب لأبيهما السماوي ليشكوا له من بعضهما البعض ومن المؤكد أنهما إذا صليا وهما في أشد لحظات الغضب وناما بجوار بعضهما البعش سيقومان من النوم ويجدان أنفسهما في أحضان بعضهما البعض ، حيث إنهما جسدٌ واحدٌ ، والجسد الواحد لا يقدر أن ينفصل عن بعضه وإلا تمزق ومات .
فلا يجب أن تكون الحياة بين الزوجين عبارة عن جنس وبيت وأولاد وعمل الزوج خارج البيت وعمل الزوجة داخل البيت وإلا صارت الحياة روتين ممل ولكن إعطاء الرب مكان في البيت ووجود الرب في البيت يمنع دخول تجارب من إبليس بداخل البيت ، فما أجمل ان يكون هناك مذبح عائلي بين الزوج والزوجة وأولاد وهذا لا يمنع من ممارسة الحب . وأقول هذا لأن هناك بعض النساء يعتقدن أنهن طالما صليا في الليل لا يستطعن ممارسة الحب مع أزواجهن ، ولكن هذا الكلام غير سليم ، حيث إن الصلاة تعطي الهدوء النفسي لكليهما فيمكنهما أن يمارسا الحب في راحة نفسية وهدوء وسلام .
ولكن كلامي هذا ليس معناه أنه لا داعي من وجود المرشد الروحي للزوجين ولكن ليس عليهما أن يتوجها إلى مرشد روحي من تلقاء أنفسهما ولكن بالصوم والصلاة يرشدهما روح الرب إلى مرشد روحي أو لا يقول لهما أنهما لا يحتاجان إلى ذلك ، فمن الممكن أن مشيئة الرب ألا يكون اهما مرشد روحي ، حيث إن الحس الروحي لهما قد يعلو إلى مرتبة سماع صوت الرب مباشرةً .
وهذا ما بقوله الكتاب المقدس في «عب14:5» ((وأما الطعام القوي فاللبالغين الذين بسبب التمرن قد صارت لهم الحواس مدربة على التمييز بين الخير والشر))
فوجود الله في البيت يمنع دخول الشيطان للبيت ، فالنور يطرد الظلمة ، ومن هنا يحيا الزوج والزوجة حياة السلام وحياة آدم وحواء المملوءة بالحب والسلام والهدوء في ظل الرب .

خلاصة الفصل الثالث
المطلوب من الزوجة والزوجة تجاه بعضهما البعض وانعكاسه على الأولاد والمجتمع .. هـــــــو :-
أن يكونا الاثنان جسدا واحدا بكل المعاني الكتابية
أن يكونا متحدي الرأي
بحس واحد
ذوي محبة أخوية
مشفقين
لطفاء
غير مجازين عن شرٍ بشر أو عن شتيمة بشتمة
مباركين

خاتمة الباب الأول
إن الله لم يضع الزواج بين الرجل والمرأة لتكون حرباً بينهما على أي منهما أن ينتصر فيها أو ليكون الزواج بمثابة عملية تجارية إما ان تكون رابحة أو خاسرة ، بل يقول عنه الكتاب المقدس في «عب4:13» ((ليبكن الزواج مكررماً)) وقد وردت كلمة مكرماً في اللغة اليونانية «تيميوس» وتعني عدة ماعن كلها رائعة فهي تعني ((محترمٌ ، ذو تقدير ، ذو مكانة عالية ، ذو سمعة مكرمة ، شئ مقدس وممتاز )) فالله قد جعل للزواج تلك الصفات الرائعة لأنه شيء سامٍ جداً ، ويبقى السؤال .. لما وهب الله الزواج للإنسان ؟ هل للاستمتاع بالجنس؟ ، أم لبقاء النوع؟ ، أم لكليهما؟ .
وللإجابة على هذا السؤال دعونا نتسائل أولاً هل عند الحيوانات زواج؟ بالطبع لا ومع هذا فالحيوانات تمارس الجنس ، أم عن بقاء النوع فنفس الشيء فالحيوانات تعمل على بقاء النوع دون هدف بقاء النوع ، أي أنه عمل على بقاء النوع دون دراية أو ترتيب لذلك .
ويبقى السؤال .. لما وهب الله الزواج للإنسان ؟؟؟!!!
وأعود لأقول ليمكننا أن نجيب على هذا السؤال علينا أن نتسائل .. كيف أتت فكرة الزواج في فكر الله؟
للإجابة على هذا التساؤل علينا أن نفهم بعض المعطيات التي نقلها لنا الله عن طريق كتابه المقدس ألا وهي :-
 في البدء خلق الله السموات في الأرض .
 كان يجتمع مع ملائكته في الأرض على جبل يسمى بجبل
الاجتماع ، وقد وردت كلمة «جبل الاجتماع في اللغة
العبرية «مواد» وتعني مكان مقدس يتم فيه التجمع للاحتفال
بالملك – أي الله – مع خاصته أو شعبه ، وقد أُطلِقَت هذه الكلمة في الترجمات الأصلية عل خيمة الاجتماع «خر21:27» «
 خلق الله ملائكته كلهم ذكور ولم يكن بينهم نساء لذا فهم لا
يتكاثرون .
 في وقت ما أراد لوسيفار «زهرة بنت الصبح» أن ينفرد بعرش الله هو وملائكتة أي ملائكة التسبيح . «أش12:14-15» «مز4:74»
 فشل لوسيفار «إبليس» في فكره هذا وسقط من مقامه ككروب إلى شيطان وقد أسقط معه ثلث الملائكة . «رؤ4:12»
 صار الله بلا فريق تسبيح ليسبحه ، ففكر الله فص صنع كائن على شبهه كصورته ليسبحه فعمل آدم وحواء . «تك26:1»
 ولما كان عدد ثلث الملائكة كثير جداً أمر الله آدم وحواء أن يثمرا ويكثرا ويملئا الأرض «تك28:1» ليجتمع بهم ويحتفل معهم ويسبحوته كما ورد في النبوءة في «مز2:75» والآية القائلة ((لأني أعين ميعاداً . أنا بالمستقيمات أقضي)) وقد وردت هذه الترجمة في الأصل تتخللها كلمة «مواد» أي أن الله قد عين ميعاداً ليجتمع به مع شعبه على جبل الاجتماع ليحتفل بهم وهذا ما سيحدث في عشاء عرس الخروف الوارد في «رؤ7:19-9» .
 لذا أراد الله أن يكرم الزواج تلك العلاقة المقدسة التي من خلالها يحدث الإنجاب الذي به يكتمل عدد ثلث الملائكة الذين سقطوا و
أعتقد أن الصورة هنا قد اتضحت وعرفنا لما يعد الزواج مكرما لدى الرب وعرفنا لما وهب الله الزواج للإنسان . وعرفنا كيف أن الزواج هو خطة إلهية ليست لمجرد الاستمتاع الجنسي ولا هو شيء معمول لبقاء النوع على حد المفهوم الضيق لدى البعض وإنما هو شيء مقدس لهدف مقدس .
ومن هنا وبعد أن عرفنا أن الزواج هو هدف إلهي سامي ، يمكنني أن أطرح هذا السؤال ليجيبه كل من هو متزوج أو كل من يريد أن يقدم على خطوة الزواج ………….
هل فهمت ما هو مفهوم الزواج؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!
الرب يبارك كل من له الحظ في أن يحظى بقراءة هذه الرسالة ليتصحح عنده مفهوم الزواج .
وإلى أن نلتقي في الباب الثاني وموضوع الطلاق.
آمين
قس/ سميح صابر مريد

Loading

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com