للدكتور/ سام نان

في هذا الأسبوع وصلتني مشكلتان زوجيتان، فشعرت بأنني من الضروري أن أكتب هذا الكلام لكي يصل إلى الجميع لكي يفيد كل قاريء.

أول مشكلة هي للزوجين (ح) و (ع)والزوجين الآخرين هي للزوجين (س) و (م).

فهما زوجان يعيشان حياة روتينية جافة ويعتبران أن الحياة الزوجية ما هي إلا واجبات تعودا عليها..

إن من أكبر الأمور التي تدمر الحياة الزوجية هو التعامل في الحياة الزوجية بما تربينا عليه وتعودناه حتى لو كان خطأ.. ولا نريد أن نغيره.

التعود على أن يعيش الزوج بالطريقة المفهومة لديه وتربى عليها وإن حدث تقصير من الطرف الآخر، يلقي باللوم على ذلك الآخر مباشرة دون أن ينظر إلى ذاته لعله يكون هو المخطيء أو المقصر.

فإن (ح) مثله مثل أغلب الشرق أوسطيين، تربى وتعود على أن الزواج هو مجرد واجبات تؤدى من كلا الطرفين حتى تستمر الحياة، وأطلقوا عليها لفظ (الواجبات الزوجية).. وكم أتأزم جداً من هذه العبارة (الواجبات الزوجية)..

فأنا -كرجل- عندما أشتغل وأتعب وأكد.. ليس لأنني الزوج الذي من الواجب عليه أن يقوم بتلك الواجبات، بل لأنني أحب زوجتي وأريد لها أن تعيش حياة فُضلى وتسعد وتهنأ معي.. أشتغل وأكد وأتعب لأسعدها.. هذا ليس واجباً مفروض عليَّ كزوج، وإنما من كثرة حبي لها أتعب لأجلها. من كثرة حبي لأولادي أتعب لأجلهم.

بالتالي إن ما تفعله زوجتك معك في العلاقة الحميمة ليس واجباً تؤديه لكي تشبعك جنسياً، أو تجازيك عن تعبك في العمل، إنما لإنها تحبك وتحب أن تمارس الحب معك، وما تفعله في البيت من أعمال منزلية ليس واجباً مفروضاً عليها.. وإنما لأنها تريد أن تجعل من البيت جنة يدخلها رجلها فيسعد بها.

دعونا يا أحبائي نلغي من قاموس حياتنا لفظ (واجبات زوجية) ونسميها (أعمل من أجل أحبائي).

كذلك قد أدمن الزوج الحياة الروتينية مع زوجته، لدرجة أنه عندما يريد أن يداعبها، تكون هذه المداعبة وقت الاحتياج الجنسي فقط، ثم بعد ذلك يهملها.

أدمن أن العلاقة الحميمية لا تستغرق سوى دقائق قليلة لإشباع غريزته الحيوانية منها، دون النظر لها إن كانت قد شبعت أم لا، ثم بعد أن ينهي معها تلك العلاقة يدير لها ظهره وينام.

يعتبر الزوج نفسه «الشخص الرأسمالي في البيت، بالتالي فهو له الحق أن يضرب زوجته حتى ولو بدون سبب لكن فقط لأنه متضايق من شيء، وكأنها عسكري عنده في الجيش يخرج نقائصه فيه ويذله لكي يرتاح هو.

وعندما طلبتُ أنا منه أن يلقي عليها بكلمات الحب لأن هذا سيغير حياته معها.. ضحك وقال لي: «أنا حبي هو حب عملي، ما تحتاجه أشتريه لها، أكفيها وأكفي بيتها، وعندما أداعبها.. أشتمها».

فهل هذا حب؟ إن المرأة تتعطش دائماً لكلمات الحب والرومانسية.

دائماً تريد أن تشعر أنها مرغوبة من رجلها، ليس للجنس وإنما للحب، فأنا حقيقة أذكر كلمة «جنس» لأن هذه هي اللغة التي يفهمونها، ولكنه في الحقيقة اسمه «ممارسة الحب»، وممارسة الحب هذه لا بد أن يكون لها مقدمات، وهذه المقدمات لا تنفع أن تكون قبل الممارسة بساعة أو إثنين، بل تبدأ من أول النهار إلى آخره..

فما أجمل أن تعيش مع زوجتك الحب طوال اليوم.. سواء كنت في البيت أم في العمل.. تتصل بها وتسأل عنها.. وتنهال عليها بالكلمات الرقيقة.. تخيل معي ماذا سيكون ردّ فعلها عندما تعود إلى بيتك، أو عندما تجتمعان في غرفتكما؟ أليست هذه الحياة لذيذة الطعم؟ ومشبعة للغاية؟ جرب ولن تندم.

فاقلع يا عزيزي (ح) عن الإدمان الذي تعودت عليه وغيّر من حياتك من (الواجبات الزوجية) إلى (أعمل من أجل أحبائي).

والآن نتحدث عن الزوجة (ع) المتزوجة من (ح) والتي تشكو من الحياة الروتينية وتعتبر أن هذه الحياة عليها استكمالها إلي أن تنتهي الحياة بموت أحدهما.

أقول لها يا (ع) أنتي أيضاً لك دور في أن الحياة صارت روتينية بينك وبين زوجك، اعلمي أن المرأة الحكيمة تبني بيتها والمرأة الجاهلة تهدمه بيدها.. اعلمي أن السكنى في زاوية السطح خير من امرأة مخاصمة وبيت مشترك.

لك دور مع زوجك لأن لون الحياة يتغير ويتبدل عندما تتغير وتتبدل المرأة، فإن تبدلت إلى كل ما هو إيجابي صارت الحياة إيجابية، إن تبدلت إلى الناحية الرومانسية تغير لون الحياة من أسود عقيم إلى لون الزهور المتفتحة البهية.

فأنت في يدك دفة الحياة، ولو كنتي حكيمة فأنتِ حكيمة لنفسك.

أما عن مشكلة (س) مع (م)

فـ (س) له مشكلتان مع زوجته:

الأولى: أنها زوجة تقول أنها تغفر، ولكنها يستحيل أن تنسى، فإن حدثت أي مشكلة تسرع بقدح عقلها في أن -لا تتذكر فقط- بل تذكّره هو أيضاً بالقديمات، ومهما كان قد اعتذر عن تلك الأمور القديمة، تقلب عليه القديم إلى أن وصل إلى مرحلة مريرة وهي مرحلة «السأم».. وما أصعب أن يصل الرجل إلي هذه المرحلة.

ولكنني أقول له: لماذا تنظر إلى ردّ فعل زوجتك على أنها أخطاء منفصلة وأنها هي وحدها المسؤولة عنها..

نعم هي بالتأكيد هي أخطاء.. ولكنك أنت مشترك فيها.. تقول في نفسك أنني لا يمكن أن أصارحها بكل شيء لأنها قد تنقلب عليَّ يوماً وتعايرني.. وتذكر دائماً القديمات وتمرر حياتي لدرجة أنني أتمنى الموت حتى لا أسمعها تكرر ما بدأت أنساه أنا..

أقول لك أنها إذا كانت قد فعلت ذلك في الماضي تكررته في الحاضر، إذاً فأنت مقصر في أن تغير من طباعها.. مقصر في تطبيعها على الصواب.. مقصر في أن تثقيفها بما تثقفت أنت به طيلة حياتك..

فإن كان حياتك التي تربيت عليها علمتك الكثير، وثقافتك التي ذخرتها لنفسك طورت من عقلك، والعلم الذي تعلمته زادك إدراكاً والكتب التي نهلت منها جعلتك حكيماً، فلا تنتظر منها أن تكون مثلك لمجرد أنها صارت زوجتك..

فبما أنك زوجها فعليك أن تعلمها وتثقفها وتعودها على الصواب حتى لا تفعله وتحذرها من الخطأ حتى تتجنبه..

ولكن لا تصطدم.. ففي باديء الأمر قد لا تقبل أن تتعلم منك لأنك بالنسبة لها شخصاً «مراوغاً، أو ملتوياً، أو كما وصفتك مؤخراً بالكاذب»

ولكن عليك أولاً أن تثبت لها عكس الفكرة التي ارتسخت في ذهنها حتى يمكنها أن تسمع وتتعلم منك، فأنا لو كان معلمي مراوغاً، فلا يمكن أن أتلقى منه تعليماً ينبذ المراوغة، لأنه هو نفسه «أي المعلم» مراوغ، لو كان معلمي يعلمني نبذ الكذب فلن أتلقى منه هذا التعليم لأنه في نظري كاذب.

فابدأ أولاً بزرع الثقة فيها عملياً حتى إن بدأت في تعليمها وتثقيفها يمكنها أن تتلقى منك.

فحرام عليك أن يكون لديك كل هذا العلم وكل هذه الثقافة وتبخل بها على زوجتك محبوبتك.

ولكنني أذكر أنك ذكرت لي أنها أحياناً كانت تعترف أمام الآخرين وتقول لهم (س) قد تغيّر، فلماذا لم تستغل الفرصة وتدعم هذا في قلبها..

لماذا لم تفعل كل الأمور التي تثبت هذا وبدلاً من تخفي عنها أموراً في حياتك خوفاً من أن تعايرك بها يوماً.. ازرع في داخلها الأمانة في عدم ذكر القديم والمعايرة به..

واعلم جيداً يا صديقي أن الذين يقولون بأن هذا طبع في المرأة أنها تذكر القديمات كثيراً هو مخطيء كل الخطأ.. فأنا أعرف نساءً كثيراتٍ يستحيل أن يذكرن القديمات.. أتعرف مَنْ هنّ؟

هما نوعيتان من النساء: النوع الأول لا يذكر القديمات من أجل الحكمة لأنهن لا يردن أن يهدمن البيت، بل يردن أن يحافظن عليه ويحتفظن بالزوج ويخشين من هدم الحياة الزوجية ومن هروب الزوج منهن.

والنوع الثاني هن مَنْ تخلين عن هذه الطباع لأن أزواجهن عالجوهن منها وشفين تماماً بالحب والتفاهم.

فإن كانت زوجتك غير حكيمة وثقافتها لا تعلو إلى ما تأمله منها، فاعلم أنك أنت المقصر..

فإن كنت تتوقع معاملة معينة من زوجتك، فعليك أن تزرع فيها هذه المعاملة.. فاعلم أن المرأة قال عنها الكتاب المقدس «الإناء» ليس إناءً لممارسة الجنس كما يعتقد البلهاء، بل إناء يتلقى منك ما تضعه أنت فيها من علم وثقافة ومُثُلٍ عُليا، فإن وضعت فيها ثقةً سوف تنضح منها الثقة، إن وضعت حباً فسوف تنضح حباً لك، إن وضعت صدقاً سوف تنضح بالصدق… وبعد هذا يمكنك أن تعلمها الحكمة التي تعلمتها في حياتك وأنا أضمن لك أنها تكون المرأة التي تحلم بها أن تكون.

والشكوى الثانية التي يشكو بها (س) من زوجته (م) أنها سليطة اللسان ودائماً تهينه، فهو كرجل يرفض كل الرفض أن تهينه زوجته حتى لو كان مخطئاً..

وأنا معك قلباً وقالباً يا سيد (س) فلا من حق الزوج أن يهين زوجته ولا من حق الزوجة أن تهين رجلها وإلا صارت حمقاء تهدم بيتها بيدها.

ولكن.. هل تتخيل أنني عندما أكلمها في إهاناتها لك.. هل ستعترف بالخطأ هذا؟ وإن اعترفت بخطأها.. ألن تعطي مبررات لهذا الخطأ وتقول «هو الذي دفعني إلي ذلك»؟ بالتأكيد سيحدث هذا..

إذا عليك يا صديقي ألا يكون لك أي دور في الخطأ حتى لا تدفعها إلى عدم الحكمة والتفوّه بما لا يليق.

وهذا اعتبره استكمالاً للنقطة السابقة..

فلو كنت قد نجحت في أن تزرع بداخلها الثقة واليقين أنك الزوج الواضح المباشر، ما كانت وصلت إلى هذه الحالة الملامة هي عليها..

ثم مَنْ أدراك أنها لم تلُم نفسها الآن لأنها أخطأت في حقك.. ألم تعلم أن الزوجة التي تحب.. تتألم كثيراً لأنها أهانت رجلها.. لأنه بالنسبة لها الأمان والحماية، فهي الآن تتألم أكثر منك، ومجروحة ضعف جرحك، الجرح الأول لأنها أهانتك، والجرح الثاني لأنك «في نظرها» خدعتها.

وأنا أضمن لك أن الحياة الآن متوقفة عندها.. وفي نظرها أن الخطأ الأكبر يقع عليك لأنك الباديء بالخطأ.. ولكنني أترك المبادرة لمن يحب أكثر………

والآن أتحدث إلى (م) تلك الزوجة المجروحة المتألمة.

أنا أعرف بألمك وجرحك، واعلم أنك تألمتِ كثيراً في الماضي، وتعانين أكثر في الحاضر، لذلك تخافين جداً من المستقبل..

لقد غفرت له كثيراً، وتريدين أن تعيشين معه حياة جميلة كلها حب ورومانسية لأنك هكذا رقيقة ورومانسية، ولكنك دائماً تواجهين مشكلات جديدة تصدمك وتجرحك لذلك الماضي لم يُمحى من أمام عينيك ويجعلك تذكرين له القديمات غصباً عنك وليس بإرادتك..

ولكن يا ابنتي عندي عليكِ شيء..

عندما اعترف لك زوجك بالقديمات وصارحك.. ما كان يجب عليك أن تسأليه كثيراً عنها من أجل التوضيح أو حب الاستطلاع، أو الفضول فرائحة القبور ليست جيدة، فكلما فتحنا قبراً لن نأخذ منه رائحة الزنابق والورود، بل كل تعفن ورائحة كريهة تزيد النفس كرباً وكمداً وتقلب المشكلات والجراحات.

فكان عليك أن لا تقلبي في القديمات ولو على سبيل المزاح، لأن هذا يترك في نفس زوجك ألماً، وعندما يشعر يوماً أنك تلوحين إلى النظر للقديمات.. يشعر بأنه يريد أن لا يكلمك ولو يكفله ذلك الحرمان منك لأيام..

وما أصعب أن يعتاد الرجل على الحرمان من زوجته.. فالبعد يجني الجفاء، والجفاء في بدايته عناء وفي نهايته للزوجين شقاء.

فاجتنبي أن يتجنب زوجك الحديث معك خوفاً من شبح التفكير في القديمات أو المعايرة.

ولا تقولين أنه هو السبب، لأنه إن كان الرجل هو رأس المرأة (أي عقلها) فالمرأة هي قلب الرجل.

فإن  كنت قلباً لا ينبض له إلا برائحة القديمات، حتى لو كان مخطئاً، هل تسعين إلي العلاج بهذه الطريقة؟ أم تأخذين حقك بالإهانات واللسان السليط الذي يجرح ولا يشفي؟.

وإن كان هو المخطئ في نظرك، فهل نفذت قول الكتاب «إن أخطأ إليك أخوك فاذهب وعاتبه بينك وبينه وحدكما» أي تكلمينه بصراحة كيف علمت وكيف وصلت الرسالة لتقصري الطيق وترتاحي وتريحيه؟ أم تحاولين أن تستقطبيه باللف والدوران حتى وإن اعترف لك يكون قد علا في نظرك، وإن تمسك ولم يعترف وراوغك يسقط من نظرك.

ألم تعرفين أن هذه مقامرة خاسرة..

فالرجل الذي يقصد أن يخفي أمراً عن زوجته، اعلمي أنها هي السبب في هذا الإخفاء.. قد تسيئين فهم كلامي وتقولين «أنا دائماً صريحة معه وانتظر أن يعاملني بالمثل»

أقول لك: أولاً لست صريحة معه في كل شيء، وهناك أشياء تخفينها عنه.. وأنا وأنتِ نعرف ذلك جيداً يا ابنتي..

ولكن أحب أن أقول لك أن السبب الرئيسي في أن زوجك قد يخفي عنك بعض الأمور، هو أنك أنتي التي دفعتيه إلى ذلك، لو كنتي تدربتي على عدم ذكر القديمات، كان وثق في أن يقول لك كل شيء، ولكن الذي دفعه للإخفاء هو أنه له خبرات معك أنك يوماً قد تذكرين له هذا وتعايرينه به.. حتى لو قلتي لي «يستحيل أن أفعل ذلك» أقول لك أن خبراته معك تشهد بأنك قد ستفعلين هذا..

لذلك فضل  ليس أن يخفي عنك فحسب ولكن يكذّب ما توصلتي له من حقيقة.. لأنه يخاف أن يصل لمرحلة (التقليب في الماضي) فيستميت في إخفاء الحق رغم أنه على يقين زنك قد علمت به، ولكن تلك الحقيقة التي عرفتِ بها قد تعايرينه بها يوماً أو تذكرينها له بأي أسلوب، فتقتليه قتلاً وتجرحية جرحاً وتؤلميه ألماً.. ويوماً بيوم قد لا يكون لهذا شفاء.. وها هي النتيجة.. أنه صارحك مرات فعايرته.. فماذا تنتظرين منه الآن يا بنيتي، وأنتي تحصدين ما زرعتي في قلبه.

فبالمنطق، إن كان هناك لوماً عليه، فاللوم مضاعفاً لك يا مَنْ تسببتِ في هذا.

ولكنني لم ولن ألوم عليك، فأنتي ضحية مثله.. هو ضحية التقليب في الماضي مما دفعه للإخفاء والإنكار وعدم المصارحة، وأنتي ضحية تكرار الإخفاء الذي يبث فيك روح الخوف من المستقبل.

فلماذا لا نبدأ من جديد، ولا تنتظري أنك عندما تبدأين معه من جديد أنه سيصارحك بكل شيء من أول وهلة، فكما كلمته أن لا ينتظر النتيجة منك بالأفعال قبل الكلام، فأنتي أيضاً لا تتوقعي منه الصراحة من أول وهلة، بل عليك أن تزرعي في داخله الثقة بأنك لست المرأة غير الحكيمة، بل أنت المرأة المتعقلة التي تعرف كيف تبث الثقة في قلب زوجها.

وما أصعب أن يكون قلب الرجل قلق من جهة زوجته.. ليس أفعالاً أتهمك بها يا ابنتي، بل ردود أفعال تصدر منك، ومشاعر يحسها هو كزوج.. فعليك أن تزرعي الثقة في قلبه..

فعلم النفس يقول بكل صراحة: أن المرأة التي تحاول دائماً وضع الأخطاء القديمة أمام عين زوجها، هي امرأة تفعل الخطأ وتريد أن تبعد نظره عن هذا الخطأ، أو امرأة تريد أن تفعل الخطأ فتذكره بأخطائه حتى وإن اكتشف خطأها يوما لا يعايرها لأنهما متساويان.

ازرعي الثقة في قلب رجلك يا ابنتي حتى يعود لك كما ولدته أمه، صادقاً شفافاً وواضحاً في كل الأمور..

وسؤالي لكِ: ماذا تنتظرين من زوج تعايره زوجته دائماً بأخطائه أو أخطاء عائلته.. هل يحكي لها أم يخفي عنها؟..

ماذا تنتظرين من زوج هددته زوجته كثيراً بالانفصال عندما تعرف شيئاً.. فهل يحكي لها أم ينكر الحقائق ليحافظ على العلاقة سليمة؟

فأنا رغم أنني ضد الإخفاء وعدم الصراحة إلا أنني التمس له العذر في ذلك..

فلا تكوني حمقاء يا (م) لقد أخفى عنك لأنه يريد أن يحافظ على علاقتكما وليس للخداع..

ففي علم النفس الجنائي يبحث مع مرتكب الجريمة عن شيء اسمه (الدافع) لماذا ارتكب وما هي الأسباب، وما هي نيته الداخلية..

فنية زوجك ليست لأذيتك بل لأنه لم يثق بحكمتك، وما الذي جعله لا يثق في حكمتك.. أنتِ المتسببة في ذلك بسبب ذكر القديمات من أخطاء له أو لغيره.. فقبل أن تلقي باللوم عليه، التمسي له العذر «فالحب بينكما لا يستحق كل هذا».

أما عن سلاطة اللسان.. فأنا ضد كل الضد لهذا.. والله لم يرضى عن هذا.. لقد علمنا الكتاب المقدس أن سارة كانت تطيع إبراهيم داعية إياه «سيدها» وليس خدامها أو عبدها أو الشخص الذي يُشتم ويهان..

حتى وإن كانت لك المبررات لذلك.. فعيب عليك أن تهيني زوجك وتصفينه بالـ «كذاب» و «غير الصريح» وتدعينه بالـ «غلام» أو «الصغير».. فكيف ستقولين له «أحبك، أنت رجلي، أنت سيدي» وأنتي تهينه وتحتقريه.

كيف ستنامين في أحضان مَنْ اعتبر نفسه «صغيراً» في عينيكِ.

كيف يصدق احترامك له في الأوقات السلمية وأنت في وقت الغضب تحتقرينه وتقللين من شأنه كرجل.

هل تعلمتي ما قاله الكتاب المقدس «ابعدي عني عيناك لأنهما قد غلبتاني» أما علمتك في القديم أن دموع المرأة أقوى من صياح الرجل وأن ضعف المرأة أقوى من صلابة الرجل؟ فأين ما علمتك أياه يا ابنتي؟ لماذا تتجاهلينه.

والآن لم يبقَ لي إلا أن أقول لكِ:

– لا تسمعي لصوت الذات المتكبرة، بل اسمعي لصوت قلبك الجميل المحب.

– نفذي قول الكتاب المقدس «لتصالح رجلها».

هذا ليس ضعفاً كما تعتقدين، بل كل القوة.. فما تظنينه ضعفاً هو قوة تبني الأبراج العالية وتهدّ أسوار الخلاف والغضب، وما تظنينه عزة نفس، هو يهد ولا يبني.

وإن كنتي حكيمة فأنتي حكيمة لنفسك. فلا تستكبرين وصالحي زوجك لأن المريض إن لم يتم علاجه.. قد يموت، والميت لا يحيا ثانية.. فلا يأخذك الكبر والعظمة، وجربي ضعف المرأة الذي يغلب بالحق قوة الرجل.. وعندما تحدثيه.. لا تطلبي منه الشرح أو المبررات، فأنا أوضحت لك كل شيء.. فاغلقي القبر ولا تفتحينه وابدأي يا ابنتي تزرعي فيه الثقة التي تجعله يسكب كل ما بقلبه لك.

صديقيني إن دفنت القديمات سترتاحين ويرتاح هو أيضاً، لأن ذكرك للقديم يبث في قلبه الشك تجاهك..

وأخيراً: كونوا محبين بعضكما لبعض.. استغلوا الوقت في الحب، فمن يعلم، ألم يكن من المحتمل أن يفقد أحدكما الآخر ويندم كل الندم؟

و النهاية كونوا جميعا متحدي الرأي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء، غير مجازين عن شر بشر أو عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة.

أتمنى أن أكتب عن هذين الزوجين (ح – ع) و (س – م) كلاماً يفرح القراء الأسبوع القادم.

Loading

WP2Social Auto Publish Powered By : XYZScripts.com