بقلم رئيس التحرير/ سام نان
بعد أن تسرعت كانبيرا في طلب التحقيق مع الصين في منشأ كوفيد-19 المستجد لإرضاء الحلفاء، (مع الأخذ في العتبار أن كل الذين دفعوا استراليا لهذا الطلب، لم يدعموا طلبه «ولو من باب المجاملة») إلا أن الجميع وقفوا كمتفرجين ليشاهدوا الانهيار الاقتصادي الاسترالي من جوانب كثيرة.
لقد خسرت استراليا الكثير في قطع علاقتها مع الصين، وتدخلت «عزّة النفس» فلم يرد موريسون أن يتراجع عن طلبه، ولجأ اولاً إلى الهند ليستبدلها كشريك تجاري لاستراليا بدلاً من الصين، ولم نسمع عن أي تطورات.
فلجأ إلى اليابان ليدعم القوات العسكرية ولا نعلم إن كان يريد توصيل رسالة أخرى إلى الصين، ولكن في النهاية لا اعتقد أننا سنسمع شيء في المستقبل القريب.
اسمحوا لي أن أزيح الستار عن خبايا في الاقتصاد الاسترالي، فقط لأوضح كيف تواجه استراليا انهياراً اقتصادياً فادحاً، قد لا يشعر به البعض في الوقت الحالي، لكن في المرحلة القريبة سوف يرى الجميع كيف أن استراليا تنهار اقتصادياً ليس لأسباب خارجية فحسب، ولكن لأسباب داخلية أيضاً.
وألقي الضوء على الأسباب الداخلية:
بعد ان بدأ وباء كورونا بقليل بدأ اصحاب العمل إعلان خسارتهم في تجارتهم ومشاريعهم وبدأوا في طرد بعض الموظفين، وبالتبعية انتقلت «عدوى طرد الموظفين» لقطاعات كثيرة حتى القطاعات الاسترالية «الأوزية»، نعم.. فالخوف له عذابه. وبالتأكيد بدأت الحكومة الاسترالية تتصرف بـ «قلب الأم» وشرعت في نظام JobKeeper وصرفت إعانة للموظفين ليبقوهم في وظائفهم، وكانت هذه استفادة للموظف ولصاحب العمل أيضاً، فالموظف سواء قام بعمله أم لا، يأخذ معونة من الحكومة، وصاحب العمل له خباياه التي من خلالها يحاول قدر الإمكان الاستفادة من الـ JobKeeper ويحاول أن يأتي بموظفين أكثر، وكأنه له استفادته هو أيضاً.
وتكلفت استراليا مليارات لا يستهان بها في حفظ الوظائف JobKeeperK ولم يكن هذا ليدفع الاقتصاد إلى الأمام بل إلى الخلف.
كذلك زادت مدفوعات العاطلين عن العمل من خلال السينترلينك، مما دفع العاطلين «خصوصاً من الجاليات» أن يصطفون على أبواب السينترلينك لأخذ معونة البطالة، ومن جهة أخرى يمارسون أعمالاً بالمدفوعات النقدية، واعتبروها استفادة من الجهتين وهم رافعين أيديهم يدعون لاستراليا لتقوم من مرضها الاقتصادي بالسلامة.
وكيف سينهض الاقتصاد والناس تعمل كل ما في وسعها لاستغلال الحكومة وأخذ كل ما يمكن أخذه من مدفوعات حكومية؟
لماذا لا تعمل الحكومة على إجبار أصحاب العمل بإبقاء الموظفين في وظائفهم ومنع طردهم من العمل، وللحيطة يمكنهم ان يقوموا بأعمالهم من البيت سواء جميعهم أو بعضهم.
فإن كان من الممكن لبعض الموظفين أن يعملون «ريموتلي» من البيت فليكن كذلك، وإن كان هناك موظفين يستلزم العمل حضورهم في مكاتبهم، فعلى الأقل نكون قد قللنا من عدد الموظفين، وهو في صالح مبدأ التباعد الاجتماعي الذي نشددته استراليا في الناس.
وفي هذه الحالة تتجتب استراليا التواكل الذي يعتمد عليه الموظف، والاستغلال الذي يعتمد عليه صاحب العمل.
الأمر الآخر، لماذا تساهلت استراليا في مدفوعات السينترلينك دون البحث والتحقيق فيما إذا كان الشخص يستحق فعلاً اخذ المدفوعات من السينترلينك، ويراعوا عُمْرَ الشخص ووظيفته السابقة وحالته الاجتماعية، وأمور كثيرة يجب النظر إليها لمعرفة إذا كان هذا الشخص لا حلّ له إلا السنترلينك أم هناك بديل يريحه مادياً ولا يرهق الحكومة على الوجه الآخر؟
فبشيء من التفتيش والتحقيق (Investigation and inspection) يمكن للحكومة توفير مليارات الدولارات.
أما على الجانب الخارجي، فأنا أرى أن استراليا عليها أن تتنازل عن «كبريائها» وتعلن أنها لا يمكنها الاستغناء عن الصين «الشريك الأكبر للتجارة الاسترالية»، وتبدأ تعيد، بل تُحيي العلاقات المدمرة بينها وبين الصين، وتعلن السلام مع الصين بدلاً من التحالف مع أعداء الصين، ويا حبذا لو يعم السلام في كل العالم.