الدوافع في علم النفس – مصرنا اليوم
إعداد الدكتور / سام نان
تعريف الدوافع:
هي حالة في داخل الإنسان توجه استجابته لظروف داخلية وخارجية وتدعمها؛ أي إنها تحرّك الفرد نحو سلوك ما، وهذه الحالة من شأنها أن تحافظ على استمرار هذا السلوك حتى يتحقق الهدف، وبالتالي استرجاع حالة التوازن عبر إرضاء الحاجات، أو الرغبات نفسية، أو البيولوجية؛ فالدوافع مقرونة بالسلوك في تحريك أو تنشيطه، كذلك هي من توجّه السلوك نحو مسار معين، بالإضافة إلى المحافظة عليه إلى حين تلبية الحاجة أو إشباعها، وكل ما ذُكِر يعني بأنه لا يمكن التنبؤ بسلوك الفرد؛ أي ماذا يفعل تجاه موقف ما إذ عُرفت الظروف البيئية المحيطة بالموقف فقط، وإنما لا بد من معرفة الحالة الداخلية له؛ أي معرفة ميوله واتجاهاته ورغباته.
الفرق بين الدافع والحاجة:-
- قبل دراسة دوافع السلوك الإنساني، علينا أن نوضح الفرق بين الحاجة والدافع لأن أهم ما يميز الكائنات الحية بوجه عام، حيث أن سلوكها مصحوب دائمًا بدافع أو بحاجة لذلك يكون دائمًا من الهام في علم النفس الذي يهتم بالإنسان أن يدرس الدفع.
- سواء كان مدفوعًا من الداخل، أو عندما يكون نتيجة عامل خارجيًا، ويختلف في ذلك الكائن الحي مع الكائن غير الحى لأن الجماد الغير حي يفتقر إلى الإرادة ولا يوجد لديه مثل هذه الدوافع الكامنة.
- ولذا ورد أن الدافع هو يأتي من الخارج نتيجة الرغبة في تحقيق هدف معين أو الوصول لظروف معينة في ظل الظروف المحيطة والدافع وليد الحاجة وسوف نتناول الدوافع فيما يلي بشيء من التفصيل.
- أما فيما يخص الحاجة، قد جاء في تعريف المتخصصين عن الحاجة أنها عبارة عن افتقاد الكائن الحي لشيء ما، ورغبته في الحصول على هذا الشئ لأن عدم وجود هذا الشيء يسبب نوع من أنواع التوتر، مما يدفع الكائن الحي إلى البحث عن إشباع هذه الحاجة وتكون كلها محاولات لإرضاء الحاجة المفتقدة.
- كما أن الحاجة لها أنواع مختلفة حيث إن الحاجة قد تكون داخلية بحتة ليس للإنسان دخل فيها ولا يمكن التغاضي عن إشباعها مثل الحاجة إلى الطعام أو الحاجة إلى الماء أو الحاجة إلى الهواء للتنفس، وهناك حاجات اجتماعية مثل الإنجاز.
أنواع الدوافع:
- تم تصنيف الدوافع حسب علم النفس إلى دوافع فسيولوجية ودوافع نفسية اجتماعية، وسوف نشرح النوعين بشيء من التفصيل في فقرة منفصلة لكل نوع.
- و يمكننا ان نشبه الحاجات الداخلية بالدوافع الفسيولوجية لأنها تنبع في الغالب نتيجة هرمونات ونتيجة الطبيعة البشرية، وتكون الدوافع الفسيولوجية متنوعة في حد ذاتها حيث يوجد الدوافع الإجتماعية الفسيولوجية التي يضعها المجتمع ونتأثر بها ونتبعها مثل الجنس والأمومة وهناك الدوافع الفسيولوجية الخالصة التي لا دخل للمجتمع بها.
- أما الدوافع الإجتماعية تنتج عند الفرد نتيجة النشأة داخل مجتمع ونتيجة التأثر بالمجتمع والرغبة في التأثير فيه والتفاعل معه والحرص على الإندماج وتكوين جماعات وأن يصبح الفرد جزء من المجموعة ويندمج فيها ولا يصبح وحيدًا شاذًا منبوذًا.
الدوافع الفسيولوجية
الدوافع فسيولوجية يتم تصنيفها إلى:
- دوافع فسيولوجية فردية خالصة: وهي تتمثل في العطش والجوع.
- الدوافع الفسيولوجية الإجتماعية: تتمثل في دوافع تجمع بين الفردية وإرضاء المجتمع مثل الجنس والأمومة.
و الدوافع الفسيولوجية الخالصة تقوم على مبدأ الحفاظ على توازن البيئة الداخلية ونفسية الفرد، ويؤدي إرضاء الدوافع الفسيولوجية إلى المحافظة على حياة الفرد واستمرارية الحياة وإذا حدث عدم إشباع وعدم تحقيق للحاجات الفسيولوجية الخالصة مثل الأكل والشرب يؤدى ذلك إلى هلاك الفرد.
ومن أمثلة الدوافع الفسيولوجية يتضح لنا لماذا هي أساسية ولا يمكن الغني عنها ابدا أبدًا حيث المثال الأول هو دافع العطش وهو دافع ينتج والذي يتولد عن حاجة الإنسان إلى شرب الماء حيث إن لا يستطيع اي كائن حي أن يستغني عن الماء.
الدوافع الفسيولوجية الإجتماعية
- هذه الدوافع الفسيولوجية ذات الطابع الإجتماعي هي التي تحافظ على بقاء النوع مثل الجنس والأمومة وكما نلاحظ انها ليس لها علاقة ببقاء الفرد لأن الفرد قد يعيش حياته بدون جنس بدون زواج ولكن لبقاء النوع.
- لابد من إشباع الرغبات الإجتماعية الفسيولوجية ويتطلب ارضائها اشتراك كائن حى آخر مع الكائن الحي أي أنها لا يمكن أن يشبعها الفرد لنفسه وعدم ارضائها هذه الحاجات لا يؤدي إلى هلاك الفرد.
- ومن أمثلة الدوافع الفسيولوجية ذات الطابع الاجتماعي دافع الجنس وهو سلوك فطري قائم على نضج الإنسان وارتقائه وخضوعه أسس بيولوجية تتمثل في تغيير في الهرمونات الجنسية .
- والجنس لابد من توظيفها في إطار اجتماعي ومن أهم المشاريع الاجتماعية في الحياة هو مشروع الزواج والقدوم على رعاية الأبناء إذ أن بهذا يصبح دافع الجنس لا يعتمد على الإباحية أو على التحقير وشيوع قيم فاسدة.
الدوافع النفسية:
وهي مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بمشاعر الإنسانية ورغباتها، وهي تختلف من فرد لآخر نتيجة العديد من العوامل النفسية والاجتماعية؛ فمثلًا يوجد أشخاص عندهم رغبة إلى التملك أكثر من غيرهم، أو رغبة في التفوق، أو في طريقة إشباع حاجاتهم الفسيولوجية. الدوافع الفسيولوجية، وهي المرتبطة بإشباع الحاجات الفسيولوجية المتعلقة بجسم الإنسان؛ كالأكل، والشرب، والنوم، والشهوة الجنسية. الدوافع الخارجية، هي التي تؤثر في الإنسان نتيجة عوامل خارجية، وتحفزه في تأدية حاجاته بشكل أفضل، فمثلًا: حصول الموظف على مكافأة من شأنه أن يدفعه إلى المزيد من الاهتمام بعمله، كذلك التوجيهات التي يتلقاها الفرد من أحبابه والمقربين منه، الأمر الذي يدفعه إلى تنفيذها حفاظًا على العلاقة بينهم. الدوافع الداخلية، التي تنبع من الإنسان نتيجة رغبته إلى تحقيق ذاته؛ كحب زيادة معارفه العلمية، أو الوصول إلى مستوى مادي معين. مفهوم دافعية التعلم سلوكيًا فيما يتعلق بالمتعلم فإن الدافعية هي حالته الداخلية والخارجية التي تحركه لأداء التعلم، وتحافظ له عليه حتى يتحقق الهدف المطلوب، أي تحصل لدى المتعلم حالة داخلية تحرك معارفه ووعيه وانتباهه، وبالتالي تحفزه لمواصلة هذا الأداء للوصول إلى التوازن المعرفي والنفسي، وفي هذه الحالة فالدافعية عامل مثير للمتعلم، يمدّه بطاقة بشرية هائلة، والدليل على ذلك ما حققه العلماء في المجالات العلمية المختلفة، وفي إحداث ثورات علمية خدمت البشرية منذ بدء الخليقة.
أثر الدافعية في التعلم:
يُعدّ الهدف الأساسي من التعليم هو كيفية إثارة المتعلم كي يتعلم؛ أي دفعه نحو التعلم، وهذه العلاقة لا تتأتى إلا بالتفاعل الناجح بين المعلم وطلبته، وهذا التفاعل يشمل العديد من القضايا التربوية، وهي التهيئة للفكرة المراد طرحها، واستثارة الطلبة بالأسئلة، وتعزيزهم، ومتابعتهم، ومراعاة الفروق الفردية بينهم، والتلخيص والإنهاء، وإذا أُريدَ وضع تعريف لدافعية التعلم باختصار؛ فهي قدرة المعلم على إثارة انتباه المتعلمين ولفت انتباههم، الأمر الذي يظهر تفاعلهم بشكل واضح، وذلك من خلال الأنشطة المتنوعة التي يمارسها المعلم، أو الأنشطة التي يرغبون إلى ممارستها.
أهمية إثارة الدافعية:
لدى المتعلمين تأتي أهمية إثارة الدافعية عند المتعلمين عن طريق الخطوات الآتية:
تثير الدافعية الطلبة للإقبال على العلم. التخفيف من احتمالية التعرض لحالات الشعور بالملل والإحباط، وهي التي تلحق بالطلاب بسبب تلقيهم المواد الدراسية في المدرسة؛ إذ إن العلم في طبيعته شيء جامد تستثقله النفس البشرية. تزيد من قدرتهم على الاستيعاب، وتحمّل مصاعب التعلم. تدمج ما بين التعلم والاستمتاع بالمعارف، بالتالي تسهّل العملية التعليمية فيما يتعلق بالمتعلم والمعلم. تساعد المتعلمين في أداء كافة الأنشطة ذات العلاقة بالتعلم؛ كالحضور بانتظام، وتحضير الدروس، وعمل الوسائل. أساليب إثارة الدافعية عند المتعلمين تمكن إثارة الدافعية لدى المتعلمين من خلال العديد من الأساليب، وهي كالآتي :
الحوافز المادية:
وهي متعددة الأشكال والطرق، ومنها مادي؛ كإعطاء الدرجات، والهدايا، والحلوى، ومنها معنوي؛ كالثناء على الطالب، ووضع اسمه على لوحة الشرف وصورته، ودمجه بالأنشطة اللامنهجية. الأساليب العلمية، تمكن إثارة الدافع لدى المتعلمين من خلال تحفيز فضولهم تجاه التعلم والاكتشاف، وهي الغريزة الموجودة في طبيعة كل البشر، واستخدام الوسائل المختلفة وتوظيفها في الوصول إلى ذلك، فمثلًا:
يمكن التعلم من خلال الألعاب المنظمة، أو عرض المواد التعلمية باستخدام الكمبيوتر وتوابعه. الأساليب التربوية، وهي الأساليب التي يكثر استخدامها في إثارة دافعية المتعلمين؛ كالتركيز على أهمية الموضوع المراد شرحه في الحصة الدراسية، وتقديم أهميته في الحياة العملية، ومشاركة الطلاب في خبراتهم السابقة فيما يتعلق به، أو ربط الموضوع بالموضوعات الأخرى ذات العلاقة، وبأي تطبيق عملي له يشاهده الطالب كل يوم دون أن يدري أهميته العلمية في حياته. الأساليب المعنوية، وهي مجموعة أساليب من شأنها صياغة علاقة احترام بين الطالب والمعلم، وتدفعه دائمًا لاتباع تعليماته وتوصياته دون ملل أو كلل، وهي كالآتي:
محاولة المعلم أن يدفعهم من خلال ربط العلم بالدين، وأنه فرض على كل مسلم ومسلمة، والاستشهاد بالآيات الدالة على ذلك والأحاديث. تقرب المعلم من طلابه، وجعل العلاقة أشبه بتعامل الأب مع أبنائه، الأمر الذي يحببهم فيه، ويدفعهم لحب الموضوعات العلمية التي تتعلق به. تحلي المعلم بالأخلاقيات الحميدة النابعة من عادات المجتمع الذي يعيش فيه وتقاليده، مما يقرّب طلبته منه، ويزيل ذلك الحواجز التي قد تحول بينه وبينهم. الأساليب العملية، يستطيع المعلم دفع الطلاب إلى التعلم من خلال التنوع في عرض المواد التعليمية عمليًا، لا سيما في الموضوعات التي يمكن فيها هكذا تنوع؛ كحصص التربية الدينية، والعلوم الحياتية، والتكنولوجيا.