وفي حين التزم المحتجون بالسلمية التامة، حاولت مجموعة من عناصر النظام السابق اختراق المواكب وإثارة أعمال شغب، مما أدى إلى مقتل رجل شرطة كان مكلفا بحراسة إحدى المنشآت الحكومية وسط الخرطوم.
احتجاجات سلمية
وقال بيان صادر عن مجلس الوزراء السوداني إن جموع المواطنين خرجت لتُسمع صوتها وتنقل رسالتها التي وصلت إلى أسماع الحكومة كاملة غير منقوصة.
وأكد البيان التزام المشاركين بسلمية التظاهر وبالمسارات المعلنة، وعبّروا عن رأيهم بكل حرية ومسؤولية وطنية، لكن البيان أشار إلى ظهور مجموعة متفلتة قامت بالاشتباك مع القوات النظامية أمام مقر مجلس الوزراء.
من جانبها، أكدت رئاسة الشرطة السودانية أن قواتها كانت ترقب بمهنية ومسؤولية حماية المشاركين وتأمينهم وترصد في ذات الوقت فئات محدودة تعمل لتحقيق أغراض مغايرة تماما، وأهداف مخالفة للقانون من أعمال نهب وسلب واتلاف وتدمير.
غياب العدالة
واستنكرت معظم الشعارات التي رفعها المشاركون في المظاهرات البطء الشديد في تحقيق العدالة، لكن الحكومة تقول إن العلاقة المعقدة مع الأجهزة الأمنية المتعددة، والتي وضعتها الوثيقة الدستورية تحت مسؤولية المكون العسكري، تلعب دوراً في تأخير تقديم المعلومات المطلوبة للجان التحقيق والنيابة.
وانتقد المحتجون بطء التحقيق في جريمة فض اعتصام القيادة العامة التي راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح. واتهموا الجهات العدلية بالتماهي مع عناصر النظام السابق وعدم الجدية في ملاحقتهم رغم جرائم القتل والفساد الضخمة التي ارتكبوها، مما أدى إلى هروب عدد كبير من المتهمين بتلك الجرائم إلى خارج البلاد.
وقبل انطلاق المواكب بساعات قال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، في بيان، إن جريمة فض الاعتصام شكلت صدمةً للضمير الإنساني، وحفرت جرحاً غائراً في نفوس أبناء وبنات الشعب السوداني، مشيرا إلى أن ذلك الجرح لن يندمل إلا بتحقيق العدالة وتقديم المجرمين للقضاء ليقول كلمته.
تردي الأوضاع المعيشية
وعبر عدد من المحتجين عن خيبة أملهم لما وصلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمعيشية في البلاد. ويسهم ضعف الأداء الاقتصادي بدرجة كبيرة في تغذية الغضب الشعبي الذي تواجهه الحكومة الانتقالية.
وتعيش البلاد هشاشة اقتصادية كبيرة تبرز ملامحها في الندرة الشديدة في بعض السلع الأساسية وارتفاع معدلات التضخم إلى أكثر من 360 في المئة والتراجع الكبير في قيمة الجنيه، حيث يتم تداول الدولار الواحد في نطاق يتراوح حاليا بين 470 و500 جنيها في السوق الموازي، ونحو 425 جنيها في السوق الرسمي.
وتقول الحكومة الانتقالية إنها ورثت اقتصادا منهارا وتعمل على إصلاحه. ونجحت الحكومة الانتقالية في شطب اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، والتي وضع فيها منذ منتصف تسعينيات القرن الماضي بفعل تصرفات النظام الساق.
كما مهدت الطريق أمام العودة الكاملة للسودان إلى المجتمع الدولي من خلال مؤتمري برلين وباريس، لكن لا يزال الفشل في معالجة الأوضاع المعيشية الملحة يشكل مصدرا للغضب في بلد يعيش أكثر من 60 في المئة من سكانه تحت خط الفقر.