بقلم/ روماني منير
الحب هو سرّ الوجود، فالذي خلقك، إنما هو جبلك لأنه يحبك، ويحميك من الشرور لأنه يحبك، ويحتمل اخطاءك لأنه يحبك.
فالحب شعاع من نور ينبعث من قلبك لينير لك ولغيرك
سبل الحياة، وليثمر بثمار مفيدة لك وللمجتمع من حولك.
والحب تظهر ثمار في الأفعال الإيجابية تجاه الآخرين.
فأين تظهر المحبة إن كان لا أحد يتكلم بها؟.
فمن أراد أن يحب، فعليه أن يتكلم بكلمات الحب، ومع الكلمات أفعال، التي هي ثمر الحب، فالمحبة حياة لمن أراد أن يحيا بها.
لأنه عند تزين الكلمات بالأفعال يوجد فرح، وسعادة وتسكن النفس في اطمئنان.
فالحب يفرح القلب بشده ويجعل الوجه طلقاً، بشوشاً وسعيداً.
وليس من المنطقي، أن شخصاً يقول أنه يحب ويكون كئيباً، عابس الوجه، أو يقول أنه يحب ولكنه يؤذي مشاعر الآخرين ويجرحهم، أو لا ينام إلا ويُسقط أحداً.
بل يجب على الإنسان أن يفحص ذاته، ويسأل نفسه، هل يمتلك ثمر الحب، هو له صبر واحتمال وطول أناة.
فكيف نقول أننا نحب وولكن لا يظهر عندنا ثمر الحب؟
لا يوجد صبرٌ على أخطاء الذين نحيا معهم، فالصبر هو نضوج وتعقل، فبدون الصبر وطول الأناة لا يوجد ثبات فى داخلنا ولا محبة لبعضنا البعض، وقوة الصبر تظهر في التسامح واحتمال الآخر، وهى قوه لايفهمها إلا مَنْ أحب بالحق.
وإن كنّا نحب فلا يوجد أيضا الحقد الذي قد يقتل صاحبه، لأن الحب يقتل الحقد.
فالحب يجلب السعادة في علاقتك بالآخرين، ويعمل على التماسك في العلاقات، حيث يساعد على إكمال الطريق بدون حقد. بل يجب أن نفهم أننا جميعا نكمل بعضنا البعض في هذه الحياة.
ليس أحدٌ أعظم من الآخر، ولا أحدٌ أحقر من الآخر، لأننا جميعاً بشرٌ، نحتوي على جسد ونفس وروح، فالشخص المحب تكون روحه جميلة ونفسه هادئة، وبالتالي يكون جسده صحيحاً معافياً.
فاعلم يا صديقي أنك إن كنت فقيراً أو غنياً، فقوتك تكمن في محبتك للذين من حولك، بدون تبجح أو غطرسة أو استعراض الذات أي التباهى أو الحقد.
فالحب الحقيقي ليس انتفاخ وتفاخر عن تكبر والتصرف بغرور، فمَنْ يمتلك هذه الصفات السيئة، فهو فقيرٌ و يجب أن ينظر في داخله ويغيّر من نفسه سريعاً ويتكلم باتضاع وليس بخنوع.
فإن المحبين باتضاع هم مَنْ يمتلكون القدرة على الاستحواذ على كثير من القلوب في كل مكان في العالم.
كذلك الوقاحة، الاهانة غير المباشرة أو المباشرة، إنما هي دليل واقعي على فقر المشاعر.
فكونوا يا أخوتي حرصين على كلماتكم التي تخرج من أفواهكم، لأنها قد تكون سهاماً مسمومة تقتل. أو رائحة حياة تحيي.
فما أجمل أن يتصرف ويتكلم وينظر ويسمع ويتحرك الإنسان باللياقة وبحب. ويدرك متى يتكلم ومتى يصمت، فإن الكلام الجيد والصمت الجيد هما دليلان على احترام وتقدير كل إنسان لغيره فى مجتمعه الذى يعيش فيه.
ومن صفات المحب أيضاً انه ليس مفرطاً في الحساسية الزائدة تجاه الآخرين، بمعنى أنه ليس سريع الاستفزاز وليس مستاءاً أو مضطرباً، ولا يعطى حجماً كبيراً للأخطاء الصادرة من غيره وكأنها من الكبائر، لأنه في هذه الحالة هو الذي سيعاني ويتملكه الاكتئاب، والحقد على الآخر. فلا يأخذ بالحسبان الشر الذي مرّ به، وهذا ليس ضعفاً، بل قوة.
لأن الحب الحقيقى الذى يجب أن نحياه بواقعية تامة هو الحب الذي لا يعرف الأنانية فى تحقيق الغاية ولا يتمركز حول ذاته ومصلحته بدون النظر إلى الآخرين.
كما أن المحب لا يظلم، ولا يفرح بانكسار الآخرين وتدميرهم ولا ينسب الإساءة الشريرة لغيره، بل يبتهج بظهور الحق ولا يفكر إلا فى كل ما يسعد الآخرين.
فالمحبة لا تنظر لذاتها ولا تحتفظ بسجلات من الأخطاء للآخرين، فالذي يحب لا يفتكر في القديمات، ولا يذكّر الآخر بأخطائه السابقة، ولا يحتفظ في قلبه بملفات الأخطاء السالفة ليعاير بها الآخر وقت اللزوم.
فإن كنا نحتفظ بأخطاء لبعضنا البعض فأين هى المحبة الغافرة، فالغفران لا يعني التسامح على الأخطاء فحسب، وإنما أيضاً نسيان هذه الأخطاء وعدم ذكرها مرة أخرى مهما كانت الأسباب.
وأخيراً أقول.. إن ثمر الحب لا يضعف ولا يذبل ولا يبلى، بل هو حيٌ، متجددٌ، مزدهر ومتزايد.
الحب يستر على الآخرين أي يحمي الآخرين.
فمن ليس عنده محبة فإنه فى الحقيقه لا يعرف معنى الحب الحقيقى. أما المحب فهو يمتلك الحياة بكل مقوماتها. ومن يظهر عنده ثمر الحب فهو بالحقيقة يدرك قيمة الحياة.
فالحب مفتاح الأمان في حياتك مع مَنْ تحب.