بقلم روماني منير
التضحية في الحبّ هي إحدى المفاهيم الأساسيّة التي ترتبط فيه بشكل كبير، إلا أنها يجب أن تكون مدروسة مع الشريك الذي يقدرها ويستحقها بحيث يكون مستعد أيضاً للتضحية للطرف الآخر، وهي تعني التنازل عن بعض الأشياء؛ حفاظاً على استمرار العلاقة بالشكل الصحيح وسلامتها أيضاً، إلا أنّ الحبّ لا يعتمد بشكل كلّي عليها بل بشكل جزئيّ أي أنه لا يتطلّب تضحيات مستمرّة لا تنتهي، بل لها حدود تقف عندها، وتعبّر التضحية في الحبّ بشكل أساسي عن مبدأ الخسارة، وذلك من أجل كسب علاقة الحبّ هذه، وتنطوي التضحية على اختيار واحد من بين خيارين لا مفرّ منهما، ولذلك فإنّ التضحية تعتبر مفهوماً سامياً يحتاج الكثير من القوّة والإرادة.
كيف تكون التضحية في الحبّ
إنّ للتضحية في الحبّ أشكال وصور متعدّدة لا يمكن حصرها؛ وذلك لأنّ طبيعتها تختلف باختلاف الظروف المحيطة، بالإضافة إلى اختلاف الأطراف التي تقوم بها، إلّا أنّه هناك بعض صور التي تعتبر الأكثر شيوعاً في هذا النطاق، ومنها
التضحية بالوقت
تعد التضحية بالوقت من أبرز التضحيات التي يقوم بها المحبّ؛ وذلك لأنّ انشغالات الحياة الكثيرة تجعل من الوقت شيئاً ثميناً، فإذا ما أعطى الفرد من وقته لحبيبه على الدوام حتى وإن كان ذلك على حساب نفسه ووقت فراغه الذي يريد أن يمارس فيه هواية ما على سبيل المثال، فإنّه بذلك يكون قد قام بتضحية كبيرة ألا وهي تكريس كلّ الوقت من أجل العمل ومن أجل قضائه مع من يحبّ بدلاً من فعل أشياء أخرى كالنشاطات التي اعتاد ممارستها.
التضحية بالخصوصية
عندما يدخل الإنسان في علاقة عاطفيّة سواء قبل الانتقال إلى بيت موحّد بالزواج أو بعده، فإنّه سيلاحظ أنّ خصوصيّته قد بدأت بالاختفاء تدريجيّاً، ولذلك فإنّ واحدة من التضحيات الكبرى التي يقوم بها الإنسان من أجل إقامة علاقة جيّدة على المدى البعيد هي أن ينسى خصوصيّاته وأن يقوم بمشاركتها مع الحبيب؛وذلك من أجل التواصل الصحّيّ بينهما.
التضحية بالاهتمام بالنفس
عادة ما يكون محور اهتمام الإنسان قبل العلاقة العاطفيّة هي ذاته وحسب، وذلك لخلوّ حياته من المسؤوليّات الأخرى، ولكن حالما يدخل بعلاقة ما فإنّه يجد نفسه مجبوراً عن التخلّي عن اهتمامه بنفسه وإحلال حسّ الاهتمام بالآخر مكانها، وذلك لضمان سير العلاقة على الطريق الصحيح. التضحية برغبة الإنسان بأن يكون على صواب
إحدى رغبات الإنسان الملحّة هي أن يثبت أنّه دائماً على صواب، ولكن في العلاقات العاطفية فإنّ الأمر مختلف؛ وذلك لأنّ النقاشات تُدار حول كلّ شيء في الحياة، ولهذا فإنّه ليس من الممكن أن يكون الإنسان على صواب دائماً بل عليه أحياناً أن يتنازل لشريكه حتّى لو كان على خطأ وذلك من أجل سلامة العلاقة واستمراريّتها.
التضحية بالطاقة
يتطلّب الدخول بعلاقة عاطفيّة من أجل تكوين أسرة
التضحية بالطاقة، سواء أكانت هذه التضحية داخل المنزل أم خارجه أم كليهما، فعلى كلا الطرفين أن يقوما ببذل الجهد الكبير من أجل الحفاظ على هذه الشراكة من خلال العمل وجمع المال وترتيب المنزل وغيرها من الأمور الكثيرة التي تستهلك طاقة الإنسان الجسديّة والنفسيّة على حدّ السواء. التضحية بالأهداف المستقلّة
يمتلك جميع الناس أهدافاً خاصّة بهم سواء أكانت أهدافاً شخصيّة أم عمليّة أم غير هذا، ولكن عند الدخول في علاقة عاطفيّة فإن الشراكة يمكن أن تهدّد بعضاً من هذه الأهداف؛ وذلك لأنّها من الممكن أن لا تصبّ في مصلحة العلاقة، لذا فعند اختيار الأهداف ضمن علاقة فإنّها يجب أن تكون مفيدة للطرف الآخر أيضاً، فلا يمكن انتقاء الأهداف بشكل عشوائيّ دون دراسة، بل يفضل أن تكون نافعة لكلا الطرفين، وبالطبع هذا لا يعني أن يتخلى الشخص عن أحلامه وشغفه في الحياة، ولكن يعني جعل الهدف متلائماً مع شريكه، وقد يضحّي ببعض الأهداف الصغيرة التي قد لا تكون مفيدة لمستقبل العلاقة.
إيجابيات التضحية في الحبّ
هناك العديد من الأشياء الإيجابيّة التي تنطوي عليها التضحية في الحبّ خصوصاً، ومن هذه الإيجابيّات:
الالتزام
تساهم التضحيّة في زيادة التزام كلا الطرفين بالعلاقة العاطفية كما ويجعلها متينة أكثر، فعندما يضحّي طرف من أجل الطرف الآخر فإنّه بهذا يرسل إشارة إلى أنّه ملتزم بشكل كلّيّ بالعلاقة وهو ما يعني أنّ على الطرف الآخر أن يلتزم بشكل أكبر وأن يقدّر التضحية التي تمّ القيام بها وذلك من أجل صحّة العلاقة.
السعادة
يزداد الشعور بالسعادة بشكل أكبر عندما يضحي كلا الطرفين بشيء معيّن يحبانه من أجل إنقاذ هذا الحبّ الكبير؛ وذلك لأن كلاهما يشعران بأنّهما يقدّمان شيئاً ثميناً من أجل مصلحة العلاقة العامة، ممّا ينعكس إيجاباً على نفسيّتهما ويؤدّي إلى راحة كبيرة متبادلة بينهما.
إشعار الآخر بالأمان
عندما يقوم طرف في العلاقة بالتضحية من أجل الشخص الآخر الذي يستحق هذه التضحية ويقدرها، فذلك يشعره بالأمان؛ وذلك لأنّه يرى أنّ هذا الشخص مستعدّ لأن يقوم بأيّ شيء من أجله وهو ما يجعل الآخر في المقابل قادراً على العطاء بشكل كبير بسبب الصورة الإيجابيّة التي تكوّنت لديه عن شريكه، كما أنّ هذا الأمر يجعل العلاقة قائمة على الثقة بأنّ الطرف المقابل سيقوم بفعل ذات الأمر عند اللزوم، وهو ما يؤدّي بطبيعة الحال إلى علاقة أكثر استقراراً.
تجنّب الصراعات
تتيح التضحية أحياناً للشريكين تجاوز الصراعات بتنازل أحدهما للآخر، وهو ما يضمن للعلاقة أن تحظى بالسلام اللازم تواجده فيها، ولكن يفضل عدم القيام بهذه الخطوة على الدوام من أجل تجنّب المشاكل وإنّما في بعض المرّات التي يلزم فيها أن يقوم أحدهما بهذه الخطوة