كتبها الشاعر أحمد مطر
نقلها الدكتور القس جرجس عوض
كان يا مكان في أحد الإسطبلات العربية مجموعة من الحمير
وذات يوم أضرب حمار عن الطعام مدة من الزمن ،
فضعف جسده وتهدّلت أذناه وكاد جسده يقع على الأرض من الوهن ،
فأدرك الحمار الأب أن وضع ابنه يتدهور كل يوم ،
وأراد أن يفهم منه سبب ذلك ،
فأتاه على انفراد يستطلع حالته النفسية والصحية التي تزداد تدهورا .
فقال له : ما بك يا بني ؟؟
لقد أحضرت إليك أفضل أنواع الشعير.. وأنت لا تزال رافضا ً أن تأكل ..
أخبرني ما بك ؟
ولماذا تفعل ذلك بنفسك ؟
هل أزعجك أحد ؟
رفع الحمار الابن رأسه وخاطب والده قائلا :
نعم يا أبي .. إنهم البشر ..
دُهش الأب الحمار وقال لأبنه الصغير:
وما بهم البشر يا بني ؟
فقال له : إنهم يسخرون منّا نحن معشر الحمير ..
فقال الأب وكيف ذلك ؟
قال الابن : ألا تراهم كلما قام أحدهم بفعل مشين يقولون له يا حمار …
وكلما قام أحد أبنائهم برذيلة يقولون له يا حمار … أنحن حقا كذلك ؟
يصفون أغبياءهم بالحمير .. ونحن لسنا كذلك يا أبي ..
إننا نعمل دون كلل أو ملل .. ونفهم وندرك .. ولنا مشاعر ..
عندها ارتبك الحمار الأب ولم يعرف كيف يردّ على تساؤلات صغيره وهو في هذه الحالة السيئة ،
ولكن سُرعان ما حرّك أذنيه يُمنة ويسرة ثم بدأ يحاور ابنه محاولاً إقناعه حسب منطق الحمير ..
انظر يا بني إنهم معشر البشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات لكنّهم أساؤوا لأنفسهم كثيرا ً قبل أن يتوجهوا لنا نحن معشر الحمير بالإساءة ..
فانظر مثلا ً .. هل رأيت حمارا ً خلال عمرك كله يسرق مال أخيه ويقننه لنفسه ؟؟
قال لا يا ابي
هل رأيت حماراً يعذب بقية الحمير ليس لشيء إلا لأنهم أضعف منه بدنيا اوعلميا او ثقافيا أو أنه لا يعجبه ما يقولون ؟
قال الابن لا ياابي!!
سٱل الاب
هل رأيت حماراً عنصرياً يعامل الآخرين من الحمير بعنصرية اللون والجنس واللغة ؟
قال الابن لا ياابي!!
هل سمعت عن قمة حميريه لا يعرفون لماذا مجتمعين ؟
او لماذا لا يختلفون؟؟
هل سمعت يوماً ما أن الحمير الأمريكان يخططون لقتل الحمير العرب !! من أجل الحصول على الشعير؟ ويبتزونهم لو لم يسمعون تعليماتهم يمنعون عنهم الشعير؟؟
قال الابن لا ياابي!!
هل رأيت حماراً عميلاً لدولة أجنبية ويتآمر ضد حمير بلده ؟ ضاربا بعرض الحائط كل المبادئ الحميرية؟؟
قال الابن لاياابي!!
الاب: هل رأيت حماراً يفرق بين أهله على أساس طائفي ويهين عقائد الاخرين ويحارب من يخالفه الرأي ؟
قال الابن لاياابي!!
الاب: هل سمعت عن حمار يهين زميله ويجرح زملائه وهو مليان بالعيوب محاولا التغطية علي فضائحه المشينة ؟؟
قال الابن لاياابي!!
طبعا لم تسمع بمثل هذه الجرائم الإنسانية في عالم الحمير !!
هل رايت حمارا ديكتاتوريا يريد تهميش والتقليل من زملائه ليحصل علي كل المناصب غير واعي ان الموت مكشر علي انيابه؟
قال الابن لا ياابي!!
الاب: هل رأيت حمارا يتأمر ويحرض علي قتل زميله ؟؟
قال الابن لا ياابي!!
قال الاب: يا ابني
البشر يعرفون جيدا الحكمة من خلقهم ولا يعملون بمقتضاها!!
لكنهم يعملون ما يطيب لهم ولمصالحهم ..
لهذا يــــا ولدي أطلب منك أن تحّكم عقلك الحماري ،،
وأطلب منك أن ترفع رأسي ورأس أمك عاليا ً ،،
وتبقى كعهدي بك شاكرا وحامدا الخالق علي انك *حمار ابن حمار*،،
واتركهم يــا ولدي يقولون ما يشاؤون ..
فيكفينا فخراً أننا حمير
لا نــكـــذب
لا نـقـتـــــل
لا نــســـرق
لا نـغـتــــاب
لا نــشــتـــم
لا نرقص فرحـا ً وبيننا جريح وقتيل ،،
ولا نبني انفسنا علي اطلال الاخرين
أعجبت هذه الكلمات الحمار الابن فقام وراح يلتهم الشعير وهو يقول : نعم سأبقى كما عهدتني يا أبي .. سأبقى أفتخر أنني حمار ابن حمار
ثم،أكون ترابا ً
ولا أدخل النار التي وقودها الناس والأحجار..