لا زال العالم يعاني من حريق هنا وقتل هناك، جرحى في مناطق وإصابات في أماكن. وامتلأت الكرة الأرضية بكم هائل من الحوادث والقضايا الغامضة التي إن دلّّت على شيء فإنما تدل على أن هناك يداً خفيةً شريرةً التفّت حاضنة الكرة الأرضية.
ولقد أشار الكتاب المقدس بالقول «العالم قدّ وُضع في الشرير» وليس «الشرير وُضع في العالم» وكأنما الكتاب يقول أن الشرّ احتضن العالم وصار يحتويه.
فلقد أحاط الشر بالعالم كله وصارت كل بقعة في الأرض تمتد فيها جذور الشر لتصل إلى كل بيت، بل كل شخص سائر في الطريق، ولو كان ليس له فيها شراك نعل، ولكن جذور الشر تمتد من تحت قدميه لتمسك به وتسحبه بمخالبها لتلتهمه حياً.
فما زال السؤال باقياً… ما هو السبب في انتشار كل هذا الشر حتى اختفت كلمة «سلام» وصارت «السكينة» مفقودة يبحث عنها الإنسان فلا يجدها.
ما هو السبب؟ مَنْ هو المتسبب؟ هل السبب شيء ما؟ أم المتسبب شخص معين؟
حتى إذا كان هناك متسبب.. أفلا يعني ذلك أنه تسبب في حدوث كل هذا الدمار متكئاً على سبب معين وهدف يبغي الوصول إليه؟.
فمن الغريب أن هناك بعض المبادئ عند البعض تنادي بـ…:
– اقتل لتُُحيي آخرين أو اقتل لتُحيي المبادئ.
– خرّب لتُعَمّر أو اهدم لتبني.
– احرق الأرض لتضمن الجنة.
فمن المتسبب في كل هذا الخراب والدمار الشامل؟
إنها المبادئ الواهية.. إنها الوثائق المدمِّرة.. إنها الشعارات الكاذبة التي لا تدعو إلا لكل ما هو خراب يؤدي إلى الخلاء.
والآن… ما هو الحل لنتفادى الفناء والخراب؟
إنه التفكير.. إعمال العقل.. الاستعانة بالمنطق.. تحكيم الضمير الإنساني.. الخروج خارج عبائة التعاليم التي تدعو إلى العنف.
فليس خير للبشرية إلا أن يستمتع الإنسان بحياته ويملأ الخير قلبه وتسكن الحكمة عقله ويفعل الخير «فقط» ليرتاح ضميره.
فإن كل مَنْ يقتل ويدمر لا ينام مرتاح الضمير، لأن أكبر شئ يحرم الإنسان من راحة الضمير هو إيقاع الأذى بالغير.
نعم.. هناك أُناس يُعتقد أن ضمائرهم قد ماتت، ولكن هذا ليس صحيحاً.. فدائما هناك أمل في يقظة الضمير الإنساني..
فليعط كل واحد فرصة لضميره أن يستيقظ بأن يجلس ويفكر ويسأل نفسه: «ما الذي أفعله من خراب ودمار؟ هل أنا على حقّ؟.. كيف تكون خدمة المبادئ قائمة على دمار العالم.. وأي مبادئ ستبقى إن تدمر العالم وخرب؟
ويبقى السؤال.. هل مَنْ يفكر؟ هل هناك من سيعمل عقله؟ هل سنصل إلى يقظة الضمير الإنساني لنعمر العالم بدلا عن خرابه؟!.
والإجابة على هذا السؤال تكمن في إجابة سؤال قبله وهو:
مَنْ الجاني؟!.