بقلم :مينا شاكر
في كثير من الأحيان يحدث خلط بين أمرين مع إن الفرق بينهما عظيم
العشم هو أن تريد شيئا من شخص وانت تعلم انه يحبك ولن يتضرر أو يتضجر من تنفيذ طلبك أو إحتمالك أو احتمال أمر ما من أجلك ولكن هذا الشيئ انت تكون متأكد أنه قادرا على تحمله وأنه لن يسبب له خسارة ماديا او نفسيا أو يكون هذا الظرف رغما عن ارادتك لظروف ما أما التبجح فهو شيئ أناني شخص لا يفكر إلا فى مصلحته او مزاجه ولو على حساب راحة الآخرين أو حريتهم أو إستيائهم التبجح هو عشم فاسد و عشم غير مقبول من الطرف الذى يتم التبجح عليه هو عشم يعتبره الآخر تهكما على حريته فأنت مثلا قد يطلب أحدهم منك شيئا أو يسأل سؤالا ينتهك خصوصيتك أو يأتى إلى بيتك ويظل لساعات متأخرة فى بيتك دون النظر أو مراعاة عملك الباكر أو إرهاقك وإحتياجك للراحة أو تقييد حريتك بل وفى بعض الأحيان قد تقرر المبيت عندك وأنت لم تدعوه لهذا ويفترض من ذاته أنك ترحب بهذا أو يطلب شيئ وأنت لا تريد اعطاؤه إياه ولكنه يفترض من ذاته أن الطرف الآخر ليس لديه أى مانع أن يعطيه إياه وفرق آخر بينهم أيضا وهو أن الذى يتعشم من صاحبه شيئ يعلم ان صاحبه يقبل هذا ويرحب بأن يخدم صديقه وإنه إذا لم يخذل صاحبه فهذا من ذوقه أو كرمه على أى حال واذا لم يقبل فذلك من حقه أما المتبجح فيظن أن هذا العشم من حقوقه وإذا لم يرحب الطرف الآخر فهذا يعنى أنه خسيس ونذل فلا إختيار فأما تلبى جميع ما يفرضه عليك أو أنك تكون نذلا وخسيسا ولا تستحق الوفا. إنها ثقافات مغلوطة يجب أن نعيد النظر فيها
يجب أن نقدر ظروف بعضنا ونحاول معرفة حدودنا وحدود الآخرين ولا نتعداها ويجب ألا نرحب بتعديات الآخرين أيضا من الفئة المتبجحة خوفا من التعرض للوم أو فقدان هؤلاء الأشخاص فنحن من حقوقنا أن نعيش حياه تتسم بالحرية ولو نسبيا فنحن نعيش حياة مليئة بالمشقة ولا تحتمل أن نعيش أيضا مقهورين بتعديات هؤلاء المتبجحين فلا داعي الى المزيد من التعب فأما أن تعطي وأنت راضٍ عن ما تقدمه وإلا فلا تقدمه خوفا من ملامة المتبجحين فأنت من حقك أن تقول لا طالما أن رفضك لا يهدد حياته ويجب أن نعلم ما هى الحالات التى لابد أن نساعد فيها حقا من أجل الإنسانية وما هى الحالات التى تعتبر إزعاجا واستفذاذا وتبجحاً وعلى سبيل المثال سأذكر لكم مثالين فأنا حدث معى أن أحد جيرانى طرق بابي فى ساعة متأخرة من الليل ليطلب مني الخلاط الخاص بنا لأنه يريد أن يعد لنفسه عصير جوافة فهل هذه كانت حالة طارئة ؟! هل رفضى كان ضد الإنسانية وقاسيا ؟! بالطبع لا ولكنى أتخيل لو كان هذا الشخص طرق بابي في نفس الساعة المتأخرة مستغيثا بي لأجل شيئا طارئا مثل أن يكون أحد أفراد عائلته اصابه تعبا شديدا ويريد الذهاب للمستشفى ويطلب مني مساعدة كأن أنقلهم بسيارتي مثلا ففي هذه الحالة أيضا سيكون لي حق الأعتذار أو الرفض ولكن سيكون هذا ضد الإنسانية وهذا فرقا آخر يصف الفيصل بين التبجح وطلب المساعدة لآمر طارق ويجب أن نمييز بين سؤال الاحتياج والمساعدة وسؤال التبجح وسؤال العشم فاحيانا قد تطلب منك زوجتك او أختك او ابنك او ابنتك شيئا وهو شيئا ترفيهيا مثلا ولكنها تعلم انك تملك ثمنه ولن يسبب لك احضاره تكلفة زائدة فوق امكانياتك وهى تطلبه لان لديها دلال عليك فهذا هو العشم وله امثالا كثيرة أخرى وسأخبركم كيف تتقنوا العشم ولا تكونوا متبجحين فأولا يجب أن تعلم ما هو حدود ما تطلبه ومتى تطلبه ومَن مَن تطلبه فلا يجوز أن تطلب شيئا يفوق قدرات أو امكانيات من تطلب منه هذا الطلب سواء هذا الشيئ يتطلب وقت أو مجهود أو مال فيجب أن تكون متأكد أنه يملك المقابل لهذا الشيئ ثانيا أن تطلبه فى وقت مناسب فلا يجوز أن تطلب مساعدة تتطلب مجهود وهو مرهق أو مشغولا بعمل آخر أو وصل لتوه من العمل منهك القوى أو نطلب مالا أو شيئا يتطلب مال فى وقت نعلم أنه قد لا يملك منه ما يفيض عن حاجته ثالثا يجب أن تعلم مَن الشخص المناسب فأحيانا نختار الأشخاص الخطأ فنزعجهم كثيرا فيجب أن نختار أشخاص تربطنا بهم قرابة أو صداقة فإن كنا لسنا متأكدين أن جميع أقربائنا أو أصدقائنا يرحبون بطلباتنا فما الحال إن لم تربطنا بهم صداقة أو قرابة ؟! ولا أريدكم أن أن تظنوا أنى أقصد أن طلب المساعدة فى حد ذاته تبجح فالتبجح أمر يتعلق بطريقة سؤالك للطلب وليس بالطلب فى حد ذاته فالتبجح سلوك وليس طلب فجميعا يجوز لنا أن نطلب المساعدة فى بعض الأحيان ونكون مضطرين فى أحيان كثيرة ولكن سلوكنا ونحن نطلب المساعدة هو ما يحدد كوننا متبجحين أم أننا ذوات خلق وذوق ولنا سمات الأحترام والرقى وأريد أن أشير إلى أنه من الخلق أيضا أن نقدر ونحترم الطرف الآخر إذا كان لا يقدر على المساعدة ولا نتخذ منه موقفا سلبيا لمجرد أنه لم يقدر أن يساعدك أو أن طلبك كان صعبا بالنسبة له حينها فيجب أن تظل تحترمه ولا تقرر انك لن تساعده أبدا
أريد أيضا أن أذكر لكم نوعا آخر يتعلق بالتبجح ولكن بصورة أخرى وهو تفضيل أهوائك ومتعتك على حساب راحة الآخرين كأن يقوم أحد الجيران مثلا بتشغيل الأغانى الصاخبة والموسيقى الصاخبة جدا بصوت مرتفع وفى وقت متأخر من الليل أو حتى أثناء النهار غير مكترث لأى أشخاص اخرى غير نفسه فهو لا يدع فى الاعتبار إلا هواه ومزاجه وليحترق الجميع هو لا يفكر من نائم من جيرانه أو حتى فى بعض الأحيان أهل بيته ولا يفكر من ينزعج من هذه الاصوات ولا يفكر من يتششتت تركيزه فى عمله أو مذاكرته هو لا يكترث لآحد معتقد أنه حر فى بيته وأيضا يلقى قمامته على السلالم أو المدخل الخاص بالبيت ولا يراعى جيرانه فيما تصدره هذه القمامة من روائح كريهة أو تضيقا للطريق ويتبجح بفكرة أنه حُر فكما أنه هناك فرق بين العشم والتبجح هناك فرق أيضاً بين الحرية والإزعاج وهذه ثقافة مغلوطة اتمنى أن نحاربها فى المجتمع المصرى ففى الدول المتقدمة مثل الولايات المتحدة مثلا ودول اوروبية اخرى وحتى بعض البلاد العربية المتحضرة يمكنك أن تقدم بلاغاً فى جارك بتهمة الإزعاج ولكن فى مصر لا يؤخذ الإزعاج كمشكلة أصلا فنراهم فى الأفراح يتنافسون على عدد سماعات الDj وفى شوارع ضيقة ولا يجوز لأحد أن يعترض والميكروفونات أيضا مع بعض الباعة الجائلين يصيحون فيها كما يريدون بأصوات بشعة وهم يعلمون جيدا أنهم يسببون الكثير من الضجة والإزعاج ولا أحد يعترض لأنه يأكل عيش مع انه يمكن أن يجعل له مكانا ويقف فيه ويشترى منه المارون فى الشارع دون الحاجة لصياح ولكن لأننا اعتدنا على الفوضى ولأنها قضية غير هامة فى مجتمعنا لأننا عادتا نواجه مشاكل أكبر بكثير من الإزعاج فأصبح الإزعاج أقل المشاكل حتى إنه خرج عن تصنيفه كمشكلة من الأساس فأعتقد كل المزعجين أنهم لا يسببوا مشاكل ولكن لابد أن يعلموا أنهم يسببون الكثير من الإزعاج وعدم إعتقادهم أنهم مزعجون يعد من أفعال التبجح أيضا وأنا لا أُعقد الأمور ولكن الإزعاج ينعكس سلباً على الصحة النفسية للأنسان حيث لاحظنا أن معظم السائقين يتصفون بالعصبية ولما بحثوا فى الأمر وجدوا أن السبب هو الإزعاج المستمر من أصوات الصياح واصوات مواتير السيارات واصوات الكالكسات وهذا أكبر دليل على أن الإزعاج يؤثر فى الصحة النفسية للإنسان فلماذا لا نتعامل مع الإزعاج كمشكلة حقيقية حتى وإن كانت نسبياً صغيرة فهذا لا يمنع أنها لا تزال مشكلة وخصوصا أن لها تأثير على الصحة النفسية والصحة النفسية تؤثر فى اتخاذ القرار فكم من سائق قرر الشجار بسبب ميزاجيته السيئة وهو لا يعلم ما الذى يثير اعصابه فالإزعاج يؤثر فى الجهاز العصبى وأحيانا يسبب التوتر ثم أنه ما المشكلة أن نسمع ما نريده بصوت على قدر ما نسمع وعلى قدر آذاننا وليس آذان سكان العمارة كلها وما المشكلة أن نقلل الصياح فى الشوارع وهناك قوانين فى بعض الدول المتحضرة التى تفرض الغرامات على الإزعاج
إن هذا الموضوع لا يكفيه كتاباً لنكتب فيه كل الأمثلة ولكنى ألقيت الضوء على بعض النماذج التى نقابلها كثيراً لعلنا يوما ما نبتكر حلاً مناسباً لهذه المشكلة وأنا أتمنى أن الجيل الجديد ينشأ على تربية أفضل وتوعية أفضل لتكوين جيلاً أكثر إيجابية فمع المكافحة والتوعية تنقرض بعض العادات والمجتمعات تأخذ وقتا طويلاً للإستشفاء ولكن لابد أن نلفت الإنتباه للتوعية بخوص هذه الأمور ولابد أن نكون نحن ذواتنا مثالاً على الرقى حتى نكون ذو تأثير على الآخرين